بعد تجميد أموال الغنوشي وقيادات في النهضة... هل إخوان تونس إلى زوال؟
تجميد أموال الغنوشي وقيادات بالنهضة، يأتي في سياق محاسبة الحركة، ورسالة لكل من أجرم في حق البلاد طوال العشرية الماضية

السياق
ضربة جديدة تلقتها حركة النهضة الإخوانية، بعد أن قرر القضاء التونسي تجميد أرصدة زعيمها راشد الغنوشي وعدد من أفراد عائلته ورئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي.
هذه الخطوة عدَّها خبراء تونسيون خطوة مكملة لقرارات 25 يوليو التي أطاحت حكم النهضة وحلفائها، لكنهم أكدوا أهميتها رغم أنها جاءت متأخرة، ﻻسيما أن معظم هذه الأموال والأرصدة خارج البلاد، وﻻ يمكن الحصول عليها بسهولة.
بيد أن الخبراء التونسيين الذين تحدثوا لمنصة "السياق"، قالوا إن هذا القرار وما سبقته من إجراءات، ينهي عصر تمكين النهضة وتاريخها، لكنهم شككوا في نهاية تنظيم الإخوان، طالما لم يتم تصنيفها "منظمة إرهابية".
تعافي القضاء
أيمن الزمالي، الكاتب والمحلل السياسي التونسي، يقول في تصريحات لـ«السياق»، إن تلك القرارات تأخرت كثيرًا، لكنها مؤشر على تعافي القضاء التونسي.
وأشار إلى أن الاشتباه في علاقة الغنوشي وعدد من قيادات حركة النهضة، بتهم تتعلق بالإرهاب وتبييض الأموال، سبق أن كشفتها تحقيقات النيابة وهيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي.
ويقول المحلل السياسي التونسي: رغم تأخر هذه القرارات، فإنها مؤشر إيجابي لتعافي القضاء، الذي كانت حركة النهضة الإخوانية تتحكم في مفاصله، كما يؤكد أن هيئات الدولة تعمل على فتح ملفات الفساد وتبييض الأموال، الذي أثر في نتائج الاستحقاقات الانتخابية.
على مستوى آخر، يوضح الزمالي أن حركة النهضة شهدت تشظيًا وارتباكًا بعد قرارات 25 يوليو 2021، إذ خرجت معارضة قوية ضد الغنوشي داخل النهضة، وهو ما يفسر سبب إعلان قيادات منشقة عن النهضة، بينهم عبداللطيف المكي، تأسيس حزب جديد باسم "العمل والإنجاز".
وبحسب المحلل السياسي التونسي، فإن المكي من القيادات المنفتحة على التيارات والقوى السياسية، مقارنة بما وصفهم بـ"كهنة الحركة" المسيطرين عليها.
وبحسب الزمالي، فإن مكي قد أكد في أكثر من مناسبة أنه غير راض عن أداء حركة النهضة وقيادتها وتحالفاتها المشبوهة مع قوى الفساد والتهريب، التي أنتجت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة ودفعت لاتخاذ قرارات 25 يوليو.
قضايا أخرى
من جانبه، توقع الناشط السياسي التونسي أمين الكشو، في تصريحات لـ«السياق»، فتح قضايا أخرى لحركة النهضة الإخوانية، منها تسفير الشباب التونسي إلى سوريا والعراق وليبيا، للالتحاق بالجماعات الإرهابية.
ويرى الكشو، أن تجميد أموال الغنوشي وقيادات بالنهضة، يأتي في سياق محاسبة الحركة، ورسالة لكل من أجرم في حق البلاد طوال العشرية الماضية.
واستدل الناشط السياسي التونسي على رأيه، بقرار الدائرة الجهوية لمحكمكة المحاسبات في مدينة قفصة الثلاثاء، بإسقاط قوائم حركة النهضة وقلب تونس في الانتخابات التشريعية 2019، في دوائر: قفصة والقصرين وسيدي بوزيد و توزر وقبلي، مع حرمان أعضائها من التّرشح 5 سنوات بسبب التمويل الأجنبي، وما يعرف بـ"اللوبينج" أي تسفير الشباب لمناطق الإرهاب.
ويؤكد الكشو أهمية هذا القرار، رغم حل البرلمان بأمر رئاسي، لما له من رمزية كبرى، وتبعات قانونية متوقعة.
وفي ما يتعلق بإعلان قيادات منشقة عن النهضة تأسيس حزب جديد، يؤكد الناشط التونسي أن شريحة كبيرة من الشعب تدرك أن الانشقاق وتأسيس أحزاب أخرى، مجرد مناورة وتكتيك جديد من الإخوان، للتغطية على حالة الارتباك وتضارب المواقف والتصريحات من جانب قياداتها.
وشدد على أنه يمكن الجزم بأن هذه الفترة تشهد نهاية مرحلة من تاريخ هذه الحركة وسقوط وهم التمكين، أما الحديث عن نهاية الإخوان في تونس فهو محل شك حتى الآن، بحسب قوله.
كشف المستور
ضحى طليق، المحللة السياسية التونسية تؤكد لمنصة "السياق" أن قرار تجميد أرصدة وحسابات لقيادات بحركة النهضة خطوة مهمة في مسار 25 يوليو، الذي وعد التونسيين بمحاسبة الفساد وكل مَنْ خرق القانون وتلاعب بأمن تونس وسلامتها.
وهنا تلفت "طليق"، إلى أنه طوال فترة العشرية المنقضية لم تفصح حركة النهضة كحزب في السلطة وكذلك الجمعيات والمنظمات التي تتحرك في كتفها عن مصادر تمويلها، رغم الأموال الطائلة التي كانت تتحرك داخل تونس من دون حسيب ولا رقيب.
لكن، تبقي المشكلة حسب قولها، أن حسابات الأرصدة لتلك الشخصيات، خارج تونس بدعم من دول واضحة للعيان، وخير دليل على ذلك هروب عدد منها خارج البلاد خوفًا من المحاسبة.
أما عن تشكيل أعضاء قيل إنهم منشقون عن النهضة، بحسب وصفها، لحزب سياسي جديد باسم" العمل والإنجاز"، فترى طليق أنه إعادة رسالة أو بالأحرى إعادة انتشار للحركة، فمؤسس الحزب هو أحد القيادات المتشددة (الصقور) في النهضة، وكان أحد أعضاء الحكومة ولم ينجز شيئًا للتونسيين.