إقرار قانون الإعلام الجديد في الجزائر... رغم الانتقادات
واجه القانون ولا يزال انتقادات حادة، من منظمات حقوقية محلية ودولية، وعاملين في مؤسسات الإعلام

السياق
الجدل بشأن القوانين المنظمة للإعلام في المنطقة، يعود -هذه المرة- من باب الجزائر، حيث صدَّق نواب المجلس الشعبي الوطني، على الصيغة الجديدة من نص القانون العضوي للمادة 22 محل الخلاف بين غرفتي البرلمان.
وجرت عملية التصويت في جلسة علنية برئاسة رئيس المجلس، إبراهيم بوغالي، بحضور وزيرة العلاقات مع البرلمان، بسمة عزوار، وأعضاء من الحكومة.
عقب التصويت، أكد وزير النقل يوسف شرفة، ممثلًا للحكومة، أن الجزائر لن تقبل استعمال حرية التعبير كذريعة لزعزعة استقرارها وضرب سيادتها الوطنية.
وثمن شرفة، جهود اللجنة المتساوية الأعضاء لغرفتي البرلمان، في التوصل إلى صيغة توافقية للمادة 22 من نص مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام، موضحًا أن هذه المادة بصيغتها الجديدة "تشترط على الصحفي الذي يعمل بالجزائر لحساب وسيلة إعلام خاضعة للقانون الأجنبي، أن يحوز الاعتماد، وتحدد كيفية تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم".
المساس بالسيادة
وأضاف أن أحكام مشروع هذا القانون، تخدم الصحافة وتعزز دورها في الحفاظ على المصالح العليا للبلاد، داعيًا إلى "تشريعات متعلقة بالحقل الإعلامي تعمل على سد المنافذ التي قد تُستغل من جهات أجنبية، تتخذ من حرية التعبير والصحافة ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدولة، لزعزعة استقرارها والمساس بسيادتها ووحدتها".
وأشار إلى أن وسائل الإعلام لها تأثير في الجمهور وقدرة كبيرة على توجيهه، وبين أن الصيغة الجديدة للمادة 22 المعدلة بصيغة توافقية، تسهم في الحفاظ على المصالح العليا للبلاد، مراعية في ذلك تأثير الإعلام في الرأي العام ومصالح الدولة والجماعات، كما أنها تسد المنافذ التي يمكن استغلالها من الأجانب للتدخل والمساس بالجزائر وبسيادتها في محيطيها الإقليمي والدولي.
مقرر اللجنة المتساوية الأعضاء لغرفتي البرلمان، أشاد بدوره بإعادة صياغة هذه المادة، بعد التوصل إلى صيغة توافقية من أعضاء غرفتي البرلمان.
وواجه القانون ولا يزال انتقادات حادة، من منظمات حقوقية محلية ودولية، وعاملين في مؤسسات الإعلام.
تفاصيل القانون
يتألف "مشروع القانون العضوي للإعلام" من 55 مادة تنصّ على عقوبات مالية تصل إلى 14 ألف يورو لمن يتلقّى تمويلاً أو إعانة من "جهة أجنبية"، مع إلزامية إثبات مصدر أموال الاستثمار في مجال الإعلام والاتصال.
وطرح أعضاء المجلس إشكالية مشاركة الجزائريين مزدوجي الجنسية في الاستثمار بقطاع الإعلام، بما أنّ القانون يتحدّث عن "الحاملين للجنسية الجزائرية حصراً".
وانتقد رئيس المجلس صالح قوجيل وكثير من الأعضاء غياب النصوص التطبيقية المذكورة في القانون، وذكّر بأنّ "الشيطان يكمن في التفاصيل".
كذلك، ينصّ مشروع القانون على إلزامية الحصول على "اعتماد" من أجل العمل في الجزائر لصالح وسائل إعلام أجنبية، كما يفرض على الصحفي التصريح بمصدره أمام القضاء.
ينصّ أيضًا على غرامة تصل إلى مليون دينار (نحو سبعة آلاف يورو) "لكلّ شخص يعمل لحساب وسيلة إعلام خاضعة للقانون الأجنبي من دون الحصول على الاعتماد".
في المقابل، يكفي التصريح بإنشاء "الصحف والمجلات" من دون انتظار اعتماد وزارة الاتّصال، بحسب النصّ.
بموجب مشروع القانون الجديد، تنشأ "سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية" إلى جانب سلطة ضبط النشاط السمعي بصري، الموجودة والمكلفة بمراقبة عمل القنوات التلفزيونية.
هذا أول تعديل في قانون الإعلام، يصدر في عهد الرئيس عبدالمجيد تبّون، منذ وصوله للحكم نهاية 2019، إذ سبق للحكومات الجزائرية المتعاقبة تعديل القانون الصادر عام 1990 مرّات عدّة.
تنديد بالقانون
كان التعديل الأبرز سنة 2012 بإلغاء عقوبة الحبس بسبب جنح الصحافة، لكنّ منظّمات حقوقية ندّدت بمحاكمة الصحفيين وفقًا لقانون العقوبات وحبسهم.
وفي 2 أبريل، قضت محكمة بالسجن خمس سنوات، منها ثلاث نافذة، بحقّ الصحفي الجزائري الموقوف منذ ديسمبر إحسان القاضي، بتهمة تلقي أموال من الخارج.
تحتلّ الجزائر المرتبة 134 بين 180 دولة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي وضعته منظمة "مراسلون بلا حدود" عام 2022.