الحركة الشعبية على خط النار في السودان... ماذا يعني ذلك؟

يرى مراقبون، أن الاشتباكات التي نشبت بين الجيش السوداني وقوات الحركة الشعبية – شمال جناح عبدالعزيز الحلو، تهدد بتشتيت جهود الجيش على جهات عدة

الحركة الشعبية على خط النار في السودان... ماذا يعني ذلك؟

السياق

على وقع أزيز الرصاص، الذي يعد الصوت السائد في العاصمة السودانية الخرطوم وما جاورها، باتت الأزمة السودانية على مفترق طرق خطير، قد يحول دفتها، ويغير مسار المعركة.

فرغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي تجدده سنويًا مع الحكومة السودانية، دخلت الحركة الشعبية في السودان على خط النار، قبل أيام، بهجوم شنته على قوات الجيش السوداني في ولاية جنوب كردفان.

 

كيف؟

قبل أيام، أعلن الجيش السوداني -في بيان- أن قواته برئاسة اللواء 54 مشاة كادقلي تعرضت إلى هجوم وصفه بـ«الغادر» من الحركة الشعبية، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي يجدد سنوياً مع حكومة السودان.

وأوضح الجيش السوداني، في بيانه، أن قواته تصدت للهجوم «وردت المتمردين وكبدتهم خسائر كبيرة»، مشيرًا إلى وقوع جرحى وقتلى في صفوف قواته.

 

ماذا يعني ذلك؟

يقول مراقبون إن الاشتباكات التي نشبت بين الجيش السوداني وقوات الحركة الشعبية – شمال جناح عبدالعزيز الحلو جنوبي كردفان والنيل الأزرق، تهدد بتشتيت جهود الجيش على جهات عدة، مشيرين إلى أنها قد تصرف نظره عن الصراع الدائر مع قوات الدعم السريع، ما يمنحها الأفضلية في العاصمة الخرطوم.

وأكد المراقبون، أن الصراع الذي كان مقتصرًا على الخرطوم وامتد إلى الغرب ثم جنوبي البلاد، يؤكد تغيير موازين القوى في الصراع، الدائر في ثالث أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة.

وحذر المراقبون من أن تحركات الحركة الشعبية، قد تؤدي إلى إنهاك الجيش السوداني، خاصة أنه يخوض نزاعًا في العاصمة الخرطوم، مع قوات الدعم السريع.

 

كيف ردت الحركة الشعبية؟

الحركة الشعبية نفت نقطة في بيان الجيش، نصت على توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، مؤكدة أنها عملت على إعلان وقف لإطلاق النار من جانب واحد منذ ديسمبر 2018، وواظبت على تجديده بشكل سنوي.

إلا أن بيان الحركة الشعبية المقتضب، يؤكد أن الأخيرة ماضية قدمًا في معاركها الدائرة مع الجيش السوداني، بحسب مراقبين، أكدوا أن الحركة الشعبية ستحاول استغلال انشغال الجيش بمعاركه مع قوات الدعم السريع، لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، تمكنها من فرض سيطرتها على مناطق أكبر في مناطق متاخمة لإقليم دارفور.

موقف عززه صمود قوات الدعم السريع، في المواجهة الدائرة مع الجيش السوداني، التي قد تغير توازناتها نتائج المعارك الجارية في العاصمة الخرطوم، خاصة أن مواقف الحركات المسلحة التزمت الحياد في الصراع الدائر حاليا.

 

الحركة الشعبية

يقود الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال، عبدالعزيز الحلو، الذي تدرج في المناصب القيادية في الحركة، بعد أن كان موظفًا في الهيئة القومية للكهرباء في الخرطوم.

إلا أنه بعد اتفاقية السلام الشامل عام 2011، التي كان نتائجها انفصال جنوب السودان، بات الحلو رئيساً للحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال، حتى انقسامها إلى جناحين أحدهما برئاسته.

عام 2017، انشقت الحركة إلى فصيلين، أحدهما برئاسة مالك عقار، والثاني برئاسة الحلو، الذي أخذ معظم المقاتلين معه، وقاد من معقله في جبال النوبة جنوبي كردفان، أكبر فصيل متمرد في المنطقة.

فصيل حاول رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك استقطابه في يناير 2020، فاستقبله في لقاء نادر، لم يفض إلى توقيع الحركة اتفاق جوبا، الذي عقدته حكومة الخرطوم مع الحركات المسلحة.

ورغم رفضه التوقيع، فإن الحلو عقد جولات عدة من المفاوضات، مع الحكومة والسلطات في الخرطوم، أفضت إلى التوصل لتوافق أو إعلان مبادئ، على وقف الأعمال العدائية والصراعات المسلحة، نص على ضرورة توطيد سيادة السودان واستقلاله وسلامة أراضيه، وأقر فيه الطرفان بالتنوع العرقي والديني والثقافي لسكان البلاد.

 

موقف مالك عقار

انتقال المعارك إلى ولاية النيل الأزرق لم تحدد موقف نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، الذي يرأس أحد أجنحة الحركة الشعبية – شمال، وسط مخاوف من أن يكون الصراع القديم بين الحلو وعقار، أحد محركي الجولة الجديدة من القتال هناك.

المشاحنات بين مالك عقار وعبدالعزيز الحلو، لم يستبعد مراقبون أن تكون شاخصة بأبصارها، في الاشتباكات الدائرة مع انحياز الأول إلى الجيش.

انتقال المعارك من الخرطوم إلى مناطق أخرى ملتهبة، أثار تخوفات من أن تتسع دائرة القتال والعنف بشكل أكبر، لتكتسي ثوبًا قبليا، ينقل الحرب من المركز إلى الولايات، ما ينذر بحرب أهلية طويلة.

إلا أن آخرين حذروا من دخول حركات أخرى على خط الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، مشيرين إلى أنها قد تغذي الصراع المزمن بين الحركات والحكومات السودانية، بصرف النظر عن هوية من يحكم في الخرطوم.

وضع قد تكون له تأثيرات سلبية في تماسك الجيش وتحركاته واستراتيجيته، التي وضعها لحصر القتال في مناطق بعينها، ما يفتح الباب لتصاعد الاشتباكات وتوسعها في ولايات الداخل السوداني، من دون أن تقتصر على الأطراف.