هل تعيد الأزمة المالية الكويتية مواجهات الحكومة والبرلمان؟
يرى مراقبون أن الحكومة الجديدة، التي يرأسها الشيخ أحمد النواف، في حاجة لبرلمان يتعاون لإيجاد سُبل للحل، ولا يؤدي لمزيد من المشكلات، عند تقديم الحكومة حلولًا لمواجهة العجز

السياق
في مستهل أعماله، يواجه البرلمان الكويتي "أمة 2023" تحديًا صعبًا، يحتم عليه أن يكون متعاونًا -على غير العادة- مع الحكومة التي تواجه عجزًا ماليًا ضخمًا يُقدر بـ 22 مليار دولار للموازنة العامة لعام 2023-2024، التي يبدأ العمل بها في أبريل 2023، إضافة إلى عجز تراكمي للفترة بين عامي 2015 و2020 بنحو 130 مليار دولار، ليزيد إجمالي العجز على 150 مليار دولار.
ويرى مراقبون أن الحكومة الجديدة، التي يرأسها الشيخ أحمد النواف، في حاجة لبرلمان يتعاون لإيجاد سُبل للحل، ولا يؤدي لمزيد من المشكلات، عند تقديم الحكومة حلولًا لمواجهة العجز.
وأدت الاضطرابات الأخيرة التي عانتها الحكومة مع البرلمان، إلى إرجاء طرح المسألة، خشية ردود الفعل الحادة المتوقعة، خاصة إذا تضمنت المعالجات مقترحات من قبيل رفع الضرائب أو حتى خفض الإنفاق الحكومي المخصص لمشاريع الإعمار التي طال انتظارها.
وينص مشروع الموازنة، الذي تقدمت به وزارة المالية الكويتية، على أن المصروفات المتوقعة قدرها 26.3 مليار دينار، أي نحو 86 مليار دولار، بينما الإيرادات المتوقعة -بحسب الوزارة- تبلغ 19.5 مليار دينار، أي نحو 64 مليار دولار.
إجراءات قاسية
وترجع زيادة المصروفات، إلى تكلفة الرواتب والدعم، التي تشكل 80 في المئة من الإنفاق.
ووفق مراقبين، فإن عجز الموازنة البالغ 22 مليار دولار قد يتطلب إجراءات قاسية، منها الامتثال لمطالب صندوق النقد الدولي، ما يعني رفع الضرائب أو تسييل بعض الاستثمارات الخارجية، ما يعد مؤشرًا خطيرا بالنظر إلى أن هذه الاستثمارات غالبا ما يُنظر إليها على أنها غير قابلة للمساس بها، لأنها تخص حقوق الأجيال المقبلة.
ويرغب صندوق النقد الدولي، في تغيير اعتماد الكويت على إيرادات النفط، عن طريق زيادة الضرائب وترشيد الأجور، وهي النتائج التي ترفضها الدولة الخليجية التي تعتمد في 88 في المئة من إيرادات موازنتها على عائدات النفط، إذ تصدر نحو 2.6 مليون برميل يوميًا، وتقوّم حسابيًا على أساس سعر 70 دولارًا للبرميل.
ترشيد أجور وزيادة ضرائب
ترى بعثة صندوق النقد الدولي، التي زارت الكويت في 6 يونيو الجاري، أنه يجب ترشيد فاتورة أجور القطاع العام، وإلغاء الدعم الكبير على الطاقة بالتدريج، وتعويضه بدعم الدخل الموجه للأسر محدودة الدخل، لتخفيض فاتورة الإنفاق الجاري.
وتضيف البعثة أنه ينبغي فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة لزيادة الإيرادات غير النفطية، وفرض ضرائب انتقائية على التبغ والمشروبات المُحلاة، على نحو ما اتُفِقَ عليه مع بلدان مجلس التعاون الخليجي الأخرى بين عامي 2015 و2016.
إضافة إلى ذلك، ينبغي توسيع ضريبة دخل الشركات البالغة نسبتها 15 في المئة، لتغطي الشركات المحلية، ما يجعل الكويت تفي بمتطلبات الاتفاقية، بشأن الحد الأدنى العالمي لضريبة الشركات متعددة الجنسيات، التي تقودها منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
خطة صندوق النقد الدولي، رآها مسؤولون حكوميون ومستشارون اقتصاديون كويتيون، تثقل كاهل المواطن، إضافة إلى أنها مرفوضة من البرلمان، ولا يمكن تنفيذها من دون موافقة تشريعية.
ويستبعد مراقبون الحصول على تشريع يجيز رفع معدلات الضرائب، بل الأكثر من ذلك أن الطرح قد يؤدي إلى تجدد الأزمات بين البرلمان والحكومة، ما يعيد الكرة نفسها، لتبقى الكويت حائرة بين سندان عجز ضخم في ميزانيتها وحلول صعب تنفيذها ومطرقة الحاجة المتزايدة للاستثمارات، لإنجاز عديد من المشاريع المعطلة.
في الوقت نفسه، تسعي حكومة الشيخ أحمد النواف الرابعة، لتقديم خيارات لتوفير المال المطلوب، ولا تؤدي إلى تجديد مسلسل النزاعات مع البرلمان.