مطالب في مصر بزيادة عدد أعضاء البرلمان تثير جدلًا.. ما الأسباب؟
يقول مراقبون، إنه يجب إتاحة مناخ سياسي مناسب، ليكون البرلمان معبرًا عن الشعب المصري، مطالبين بضرورة أن يكون تشكيل مجلس النواب كما هو الحال في الحوار الوطني، الذي تغلب عليه الأطياف المعارضة.

السياق
زيادة عدد النواب في البرلمان، مطلب نادى به كثير من الأحزاب السياسية في مصر، في الآونة الأخيرة، على هامش جلسات الحوار الوطني، التي شاركت فيها قوى سياسية مؤيدة ومعارضة.
مطلب أرجعه المنادون به، إلى الزيادة السكانية في البلد الإفريقي، الذي بلغ 108 ملايين نسمة، مشيرين إلى أن العدد الحالي للنواب لا يتناسب مع عدد سكان مصر.
ويبلغ عدد أعضاء البرلمان المصري 448 مقعداً بالنظام الفردي و120 مقعداً لنظام القوائم، إضافة إلى 28 مقعداً على الأكثر يعينهم رئيس الجمهورية، بينما يبلغ عدد أعضاء الغرفة الثانية من السلطة التشريعية (مجلس الشيوخ)، 300 عضو ثلثهم بالانتخاب بالنظام الفردي وثلث آخر بنظام القائمة، ويعين رئيس مصر الثلث الأخير.
من يقف وراء المقترح؟
تحالف الأحزاب المصرية، الذي يتألف من 42 حزبًا مواليًا للحكومة، تقدم على هامش جلسات الحوار الوطني، برؤية للنظام الانتخابي وفقًا للضوابط الدستورية في الحوار الوطني، تضمنت زيادة عدد مقاعد مجلسي النواب والشيوخ، بما يتناسب مع زيادة السكان وفقًا للمادة 102 من الدستور.
وتنص هذه المادة على أن يشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن 450 عضوًا ينتخبون بالاقتراع العام السري المباشر، على أن يكون نظام الانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية، مراعيًا لعدد السكان والمحافظات والتمثيل المتكافئ للناخبين.
التحالف طالب بزيادة أعضاء مجلس النواب إلى 693، بينهم 660 يُنتخبون بالاقتراع السري، بينما يعين رئيس الدولة نسبة الـ5% التي يخولها له الدستور، أي 23 عضوًا، مشيرًا إلى أن مبنى مجلس البرلمان في العاصمة الإدارية الجديدة صُمم ليتسع لنحو ألف عضو في القاعة.
الرؤية تلك، أيدها حزب مستقبل وطن، الذي يملك الأغلبية في البرلمان، مؤكدًا موافقته على زيادة عدد النواب لتكون مناسبة لتعداد السكان.
وقال نائب رئيس حزب مستقبل وطن علاء عابد، إن الحزب الذي يمتلك 316 مقعداً بمجلس النواب، يدعم المقترح لكن بمعايير واضحة، أهمها: تحديد قاعدة بيانات بالتعداد السكاني وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى جانب حصر عدد الناخبين مع مراعاة التمثيل الجغرافي العادل.
حزب الجيل يقول إن عدد أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، مرتبط بالنظام الانتخابي، مشيرًا إلى أن عدد أعضاء مجلس النواب المنتخبين 600 عضو، يخصص ثلثهم للفئات التي شملها الدستور بالرعاية (الكوتة)، أي 200 عضو، ينتخبون بنظام القائمة النسبية غير المشروطة على مستوى المحافظة، وتتكون القائمة من عدد أساسي من المرشحين ومثلهم احتياطي.
من يعارض المقترح؟
البرلماني أحمد مقلد، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، قال إن عدد الأعضاء في مجلسي النواب والشيوخ في التوقيت الحالي كافٍ، مضيفًا: «لو أخذنا بمبدأ التناسب ستزيد مساحة التمثيل نسبيًا، لكن في تقديري أن هذا الشكل هو الأمثل، من حيث عدد النواب في مجلسي الشيوخ والنواب».
وأوضح البرلماني المصري، أن الأصل هو الإسراع في إجراء انتخابات المجالس المحلية حتى تقوم بدورها الخدمي، لكن المطالبين بزيادة هذا الأمر لديهم حسبة عددية فقط، مشيرًا إلى أن المادة 102 وضعت حدًا أدنى لأعضاء مجلس النواب وهم 450 عضوًا.
وتابع مقلد: «أما المادة 250 من الدستور المستحدثة في تعديلات عام 2019 فأوضحت أن الحد الأدنى 180 عضوًا لمجلس الشيوخ ولم تحدد أيضًا الحد الأقصى»، مشيرًا إلى أن هناك اتجاهًا من البعض لزيادة أعداد الأعضاء حتى يكون الرقم مناسبًا لآخر إحصائية في انتخابات 2015، وكان هناك حكم محكمة في هذا الأمر بمسألة الوزن النسبي، الذي يمثله كل نائب قياسًا بعدد الناخبين والسكان.
في المقابل، رفض نائب وزير الشباب الأسبق خالد تليمة مقترح زيادة أعضاء مجلس النواب، حتى مع ارتفاع الكثافة السكانية، مشيرًا إلى أن العامل الرئيس لتمثيل حقيقي داخل البرلمان، هو تغيير المناخ السياسي ووجود إرادة سياسية، لمزيد من النقاشات التي تعود بالنفع على المواطن.
وبحسب السياسي المصري، فإن زيادة الأعداد ليست النقطة التي يجب أن نتكلم عنها، خاصة في ظل حديثنا عن النظام الانتخابي واختيارنا بين القائمة المطلقة والنسبية، مطالبًا بتغيير المناخ السياسي الأفضل في ظل الحوار الوطني، لأن الوضع الحالي كان سبباً في خروج برلمان لا يمثل المصريين.
وأشار إلى أن قوة البرلمان ليست مرتبطة بالعدد، فعلى عكس ما يعتقده البعض ربما يؤدي ذلك إلى مزيد من التشتت وتوسيع دوائر النقاشات مع غياب الفاعلية.
ماذا بعد؟
أكد مراقبون، ضرورة وضع آلية لضمان تمثيل حقيقي للناس في مجلسي النواب والشيوخ، والسماح للنائب بممارسة دوره التشريعي والرقابي، مشيرين إلى أن بعض المعارضين المؤيدين لزيادة عدد الأعضاء، يأملون أن تتاح لهم فرصة أكبر للمشاركة في الدور الرقابي والتشريعي.
ويقول مراقبون، إنه يجب إتاحة مناخ سياسي مناسب، ليكون البرلمان معبرًا عن الشعب المصري، مطالبين بضرورة أن يكون تشكيل مجلس النواب كما هو الحال في الحوار الوطني، الذي تغلب عليه الأطياف المعارضة، وعدد من الفئات المختلفة في الشعب المصري.
بينما طالب آخرون، بضرورة التركيز على إيجاد كفاءات نيابية داخل البرلمان، فالعبرة ليست بالكم بل بالكفاءة والقدرة على الأداء الجيد، مؤكدين ضرورة تمتع عضو مجلس النواب بدراية بالقضايا والأزمات التي تواجه الدولة، سواء كانت على المستويين الداخلي أم الخارجي في مختلف المجالات، إلى جانب قدرته على التعامل معها وإيجاد بدائل وحلول لها.