انقسام بين سكان الإكوادور الأصليين بشأن استخراج النفط من أرضهم
في الإكوادور، يعترف الدستور بملكية السكان الأصليين الجماعية للأراضي كشكل من أشكال التنظيم المتوارث أبًا عن جد.

السياق
حذرت مجموعة من نساء الووراني، وهم من سكان الإكوادور الأصليين، من أنها لن تسمح لدعاة حماية البيئة، بدخول محمية تابعة لجماعتها في منطقة الأمازون، حيث يجرى استغلال حقل للنفط، يقع جزء منه داخل أراضيها.
وقالت زعيمة المجموعة فيليبي إيما: "لن نسمح للكووري (الغرباء) بالدخول"، معبرة عن موقف المجموعة التي تضم سبع نساء من مجتمع كاويمينو وتؤيد استخراج النفط من حقل إيشبينغو القريب.
ويخوض هؤلاء السكان معركة ضد مجموعة ياسونيدوس البيئية التي تناضل -منذ عقد- لإجراء استفتاء على منع استخراج النفط.
في مايو، سمحت المحكمة الدستورية في الإكوادور بإجراء الاستفتاء على أن يُنظم في أغسطس.
وتجمعت نساء كاويمينو برفقة محارب مسلح برمح، وأمسكن بأيدي بعضهن ورحن يرقصن وقد وضعن على رؤوسهن تيجانًا من الريش، عند مدخل منصة إيشبينغو ألف.
وقالت إيما إن الرأي يجب أن يكون "لأصحاب الأرض"، وليس لأي شخص لا ينتمي إلى المنطقة.
حقل إيشبينغو
في الإكوادور، يعترف الدستور بملكية السكان الأصليين الجماعية للأراضي كشكل من أشكال التنظيم المتوارث أبًا عن جد.
ومع ذلك، تحتفظ الدولة بالسيطرة على كل ما هو في باطن الأرض.
ويشكل حقل إيشبينغو -مع حقلين آخرين قريبين: تيبوتيني وتامبوكوتشا- ما يسمى البلوك ITT، أو المنطقة 43 التي تحتوي على 282 مليون برميل من احتياطات النفط الخام المؤكدة للبلد الواقع في أمريكا الجنوبية، التي تبلغ في الإجمال 1.2 مليار برميل.
وبدأ الاستخراج في الحقلين المجاورين عام 2016 بعد سنوات من الجدل المصحوب بالتوتر بشأن ما إذا كان يجب الحفر داخل حديقة ياسوني الوطنية.
حصل ذلك بعد أن فشلت حكومة الرئيس رافائيل كوريا -آنذاك- في إقناع المجتمع الدولي بدفع 3.6 مليار دولار للدولة العضو السابق في منظمة أوبك، لعدم استغلال البلوك ITT وحماية الأمازون والمساعدة في الحد من الاحترار المناخي.
وفي أبريل 2022، أعلنت الحكومة بدء استخراج النفط من حقل إيشبينغو أيضًا.
النفط من أجل التعليم
في الموقع الذي تحميه النساء في الغابة الخضراء الكثيفة، بُنيت واحدة من اثنتي عشرة منصة، ضمن المنطقة ITT التي يُستخرج منها 57 ألف برميل يوميًا من إجمالي إنتاج الإكوادور البالغ 464 ألف برميل يوميًا من يناير إلى أبريل.
ويقع الحقل في حديقة ياسوني الوطنية، وهي محمية تضم نحو 2000 نوع من الأشجار و610 أنواع من الطيور و204 أنواع من الحيوانات الثديية و150 من البرمائيات وأكثر من 120 نوعًا من الزواحف، وفقًا لجامعة سان فرانسيسكو في كويتو.
ويعيش الووراني المنتمون إلى شعب كاويمينو على بعد نحو أربع ساعات سيرًا على الأقدام وبالقارب من إيشبينغو، بالقرب من الحدود مع بيرو.
وأعلن هؤلاء السكان وعددهم 400 أنهم يؤيدون استخراج النفط الذي تعوض مداخيله غياب الخدمات الحكومية.
ويقول بانينكي هوابي، زعيم القرية التي يعمل كثيرون من سكانها في قطاع النفط: "لولا النفط، لما حصلنا على التعليم والصحة والرعاية الأسرية".
فوائد الذهب الأسود
إلى جانب أنها من أكثر مناطق الأرض غنى بالتنوع البيولوجي، تعد حديقة ياسوني، التي تبلغ مساحتها مليون هكتار (2.5 مليون فدان) موطنًا لاثنين من آخر مجتمعات السكان الأصليين غير المتصلين بشعوب أخرى.
كما أن فيها حقول نفط بدأ استغلالها قبل البلوك ITT.
وقال المحامي، المتحدث باسم شعب ياسونيدوس بيدرو بيرميو لوكالة فرانس برس: "نرى كيف تحاصر عمليات الاستخراج ياسوني منذ سنوات، منذ السبعينيات عندما بدأ استغلال النفط... في الأساس، البلوك 43 المنطقة الوحيدة التي بها جزء (من الغابة) التي نحتاج لإنقاذها".
لكن الاستفتاء أحدث انقسامات عميقة حتى بين الووراني أنفسهم.
ويمتلك الووراني البالغ عددهم 4800 شخص نحو 800 ألف هكتار من الغابات في مقاطعات أوريانا وباستازا ونابو.
عام 2019، حصل الووراني في باستازا على حكم قضائي يمنع شركات النفط من دخول منطقة تبلغ مساحتها 180 ألف هكتار من أراضيهم.
لكن في منطقة إيشبينغو ألف في أوريلانا، يقول العامل في مجال النفط أكاو ييتيبي وهو من الووراني: "سنواصل العمل لأن الذهب الأسود مفيد لبناء البلدات ودفع أجور المدرسين والتعليم والصحة وكل شيء".
حصلت شركة النفط الإكوادورية بتروإكوادور المملوكة للدولة، على تصريح للعمل في نحو 300 هكتار من حديقة ياسوني، ضمن البلوك ITT التابع لها.
واستغلت -حتى الآن- نحو 80 هكتارًا درّت على الدولة عائدات بـ 4.2 مليار دولار، نحو 1.2 مليار دولار عام 2022 وحده.
وقال مدير شركة بتروإكوادور رامون كوريا: "إذا فاز معارضو استخراج النفط في استفتاء الشهر المقبل، ستكون الخسائر كبيرة". وتقدر هذه الخسائر بنحو 16.4 مليار دولار من الدخل المتوقع على مدى 20 سنة، إضافة إلى خسارة الوظائف والاستثمارات التي أنفقت.