هل حان الوقت للولايات المتحدة لمواجهة روسيا؟
حان الوقت للرد بقوة أكبر على التهديدات ضد قواتنا في سوريا والعراق، ويجب أن نوضح للإيرانيين أنهم في حال لم يكونوا مستعدين للتحدث معنا مباشرة في فيينا، ستتوقف المفاوضات، وسنعد خيارات بديلة للرد، وحان الوقت لمعرفة ما يمكننا فعله أكثر مع تركيا

ترجمات - السياق
رأى السفير الأمريكي دينيس روس، أن المؤتمر الصحفي الأخير للرئيس جو بايدن، أظهر من جديد أنه والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يتحدثان لغتين مختلفتين، إذ يتحدث بايدن عن تجنُّب الصراع، بينما يتحدث بوتين عن العدوان.
وقال روس، في تحليل لمجلة ناشونال إنترست الأمريكية: بينما قال بايدن إن التوغل الروسي المحدود في أوكرانيا، سيثير نقاشاً بين أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) بشأن كيفية الرد، فقد حدد بوتين أجندته، من خلال نقل قوات كبيرة ومعدات عسكرية، من أماكن بعيدة مثل الحدود الروسية مع كوريا الشمالية، لمواجهة أوكرانيا.
تعزيز الردع
وأشار المساعد الخاص السابق للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، إلى أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن، أوضح أن كلمات بايدن كانت تهدف لتعزيز الردع، قائلاً: "نحن نبذل قصارى جهدنا، لنوضح لروسيا أنه سيكون هناك رد سريع وحاد وموحد، على أي شكل من أشكال العدوان الروسي الموجَّه نحو أوكرانيا".
وأضاف روس أنه حتى في الوقت الذي تأمل فيه الولايات المتحدة الردع، من خلال التهديد بفرض عقوبات والانتشار المحتمل في أوروبا، فإن بوتين يعمل على فرض الرد الذي يرغب فيه.
روس سبق أن تولى مناصب عدة في الإدارات الأمريكية، إذ كان المستشار الخاص لوزيرة الخارجية السابق هيلاري كلينتون، ومبعوث الشرق الأوسط للرئيس السابق بيل كلينتون، ومدير تخطيط السياسات للرئيس السابق جورج بوش.
وقال روس: "في غضون ذلك، ينتظر العالم ليرى ما يفعله بوتين، بينما يجعل روسيا مركز الاهتمام العالمي، حيث إنه لم يكن حريصاً على المواجهة العلنية، فعندما استولى على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في مارس 2014، فعل ذلك بهدوء من خلال استغلال الفوضى في السياسة الأوكرانية، لكنه الآن يطوِّق أوكرانيا على مرأى ومسمع من العالم، في وقت باتت فيه كييف وجيشها في وضع أفضل بكثير مما كانت عليه عام 2014، بينما يهدد الكرملين النظام العالمي الليبرالي بالحرب بوقاحة، ويدعي في الوقت نفسه أن الغرب، وليس موسكو، هو الذي يمارس العناد".
بوتين يشعر بالاستياء
وتساءل روس: كيف وصلنا إلى هذه النقطة؟ قائلاً إنه قبل فترة طويلة من الاستيلاء على شبه جزيرة القرم، كان بوتين يشعر بالاستياء، مما عدَّه إذلالاً غربياً لموسكو التي كانت ضعيفة في التسعينيات، لكنه كان يرغب في تغيير ذلك.
وأضاف روس: "إدراك بوتين للضعف الغربي جعله واثقاً من تحركاته بشكل متزايد، لا سيما في الوقت الذي يرى فيه النفور الغرب الجماعي من المخاطرة، إذ إننا -لأسباب مفهومة- نفضِّل الحوار على المواجهة".
ووفقاً لتحليل روس، فإن إدارة بايدن أوضحت بحكمة أنها لن تلبي مطالب بوتين العلنية، بالسماح لروسيا بتحديد مَنْ يمكن أن يكون عضواً في "الناتو" أو الدول التي يمكن أن تحصل على دعم عسكري غربي، وعلى حد تعبير بلينكن، فإن غزو روسيا لأوكرانيا "يهدد بعواقب وخيمة".
ورأى روس أنه ربما تنجح الخطة الأمريكية، إذ من الممكن أن ينتهز بوتين استعداد الولايات المتحدة، للتحدث عن نشر الصواريخ وإجراء التدريبات، كوسيلة لادعاء النجاح والتراجع عن تهديداته، لكن تكمن المشكلة في أنه يرى النفور من المخاطرة بدلاً من الاستعداد للمخاطرة، هو الذي يوجه سياسات الولايات المتحدة، فإنه سيواصل نهجه السابق.
وتابع: "هذا النهج ليس بجديد إذ كثيرًا ما تصرفت الإدارات الأمريكية، من الحزبين، بطريقة أقنعت بوتين بضعف الولايات المتحدة، كما أن الطريقة التي انسحبت بها البلاد من أفغانستان، عززت سلسلة من الردود الأمريكية المحدودة، على حربه في جورجيا واستمرار وجوده في أبخازيا، واستيلائه على القرم وترويجه للصراع شرقي أوكرانيا، وإحجامنا الأولي عن تزويد أوكرانيا بالأسلحة، كما أنه بعد توفيرها فإننا لا نسمح بنشرها، أضف إلى ذلك عدم تحركنا للرد على تجاوز خطنا الأحمر في سوريا، وردودنا المتكررة والمحدودة للغاية، على هجمات الميليشيات الشيعية ضد قواتنا في العراق وسوريا".
الرد بقوة
وقال روس: لكي نكون منصفين، فإن كلًا من القرارات التي اتخذتها الإدارات المختلفة، ربما كانت منطقية ومعقولة بمعزل عن غيرها، لكنها مجتمعة أقنعت بوتين بأنه ليس لديه الكثير ليخافه من الدخول في سياسة الإكراه، وأنه ربما يكسب الكثير من خلالها، وفي موقفه تجاه أوكرانيا فإن الأمر لا يقتصر على تحديد ما سيكون مسموحاً به لكييف فقط، لكنه يشير دولياً إلى أنه الآن يحدد قواعد اللعبة عالمياً.
ورأى روس أنه في حال أرادت الولايات المتحدة أن يتصرف بوتين بشكل مختلف، يتعين عليها أن تظهر قدراً أقل من النفور من المخاطرة، لأن الرئيس الروسي يراقب سلوكها في كل مكان، وليس فقط في أوروبا.
وأضاف: "يجب أن نبدأ مناقشات انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو وتناوب المزيد من القوات في بولندا وليتوانيا، كما أنه ربما حان الوقت أيضاً للرد بقوة أكبر على التهديدات ضد قواتنا في سوريا والعراق، ويجب أن نوضح للإيرانيين أنهم في حال لم يكونوا مستعدين للتحدث معنا مباشرة في فيينا، ستتوقف المفاوضات، وسنعد خيارات بديلة للرد، إذا لم يوقفوا التقدم المستمر لبرنامجهم النووي، وهي الخيارات التي ستعرِّض هذا البرنامج للخطر، وحان الوقت لمعرفة ما يمكننا فعله أكثر مع تركيا".
وفي نهاية التحليل، قال روس: قد يجادل البعض بأن هذه الإجراءات يمكن أن تزيد مخاطر الصراع، وهم على حق في ذلك، لكن بالنظر لتصرفات بوتين فإننا –للأسف- وصلنا إلى هذه النقطة