مليشيا الحوثي تعيث في تعز فسادًا... ومقترح أممي لإنقاذها
بعد تقارير القتل والاختطاف والحصار... الأمم المتحدة تحاول إنقاذ تعز من براثن الحوثي بمقترح منقح

السياق
جولة ثانية من المفاوضات اليمنية، انطلقت قبل يومين من العاصمة الأردنية عمّان، إلا أنها لم تجد طريقًا لانفراجة، وسط محاولات حوثية لإلقاء العقبات، واحدة تلو الأخرى، أمام أي توافق محتمل.
ومع رفض مليشيات الحوثي المستمر، أي مقترحات من شأنها إحداث انفراجة على اليمنيين، بعد قرابة 8 سنوات من انقلابهم على السلطة، قدَّم المبعوث الدولي الخاص لليمن هانس غروندبرغ، مقترحًا وصفه بـ«المنقح» لإعادة فتح الطرق في تعز ومحافظات أخرى، وفق أحكام الهدنة اليمنية التي أُعلن تمديدها شهرين إضافيين.
وقال المبعوث الدولي، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه: «بينما أستمر ببذل جهودي مع الطرفين في هذا الملف، آمل أن يحافظ هذا المقترح على الزخم المطلوب، للمضي قدماً في النقاشات بشأن ترتيبات أكثر استدامة، ضمن عملية الأمم المتحدة متعددة المسارات».
وأكد غروندبرغ، أن المقترح المنقح يدعو لإعادة فتح طرق، بما فيها خط رئيس مؤد إلى تعز ومنها، إضافة إلى طرق في محافظات أخرى لرفع المعاناة عن المدنيين وتسهيل وصول السلع.
وبحسب البيان، فإن المقترح يراعي مشاغل عبر عنها طرف مفاوضات الأردن، إضافة إلى ملاحظات قدمها المجتمع المدني اليمني، في وضع قال عنه غروندبرغ إنه «خطوة أولى في جهودنا الجماعية، لرفع القيود عن حرية حركة اليمنيين من نساء ورجال وأطفال داخل البلاد».
وحمَّل المبعوث الدولي، مليشيا الحوثي المسؤولية الأخلاقية والسياسية، للتعامل بشكل جاد وعاجل مع المقترح، ومنح الأولوية لمصالح المدنيين والتوصل إلى نتائج مباشرة وملموسة لسكان تعز والشعب اليمني.
التفاف حوثي
ذلك المقترح جاء بعد ساعات من اتهام محافظ تعز نبيل شمسان، ميليشيا الحوثي بمحاولة التحايل وتحريف مسار المحادثات، مؤكدًا أن «الميليشيا الحوثية باتت مكشوفة ولا يمكنها الالتفاف ومغالطة الرأي العام العالمي المطالب بفك الحصار وفتح الطرق الرئيسة، من دون شروط».
وبينما أكد محافظ تعز، أن العالم يقف مع أهالي تعز لإنهاء المعاناة والحصار الظالم، وصف فتح الميليشيات لبعض الطرق الترابية، التي لا تغني ولا تسمن من جوع، بالتصرفات الاستباقية للتحايل.
اتهامات محافظ تعز لمليشيات الحوثي، جاءت بعد يومين من تقرير للشبكة اليمنية للحقوق والحريات، وثَّقت فيه خروق المليشيات الحوثي للهدنة الإنسانية في محافظة تعز، التي تنوعت بين القتل والإصابة والاختطاف والتشريد والحرمان من التعليم ومنع وصول العلاج والغذاء والماء، نتيجة الحصار الذي يفرضه الانقلابيون على مداخل المدينة.
ووثق تقرير الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، أبرز الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها الحوثي خلال شهري أبريل ومايو، واستندت الشبكة في معلوماتها إلى توثيق دقيق ومحايد للانتهاكات.
قتل وقصف واختطاف
وأوضحت الشبكة الحقوقية، أن ميلشيا الحوثي ارتكبت 119 انتهاكا خلال الهدنة الإنسانية في محافظة تعز، مشيرة إلى أن الانقلابيين استخدموا القوة بشكل مفرط، وقصفوا الأحياء السكنية، ومراكز تجارية وأسواقًا عامة وحارات وطرق وشوارع المدينة بمدافع الهاوزر، وصواريخ الكاتيوشا، وقذائف الهاون، وقذائف الدبابات، وأعمال القنص، إضافة إلى أنهم استخدموا الألغام في الطرق المؤدية من وإلى المدينة وفي الجبال والوديان.
وبحسب التقرير، فإن الفريق الميداني للشبكة وثق قتل 22 مدنياً وإصابة 34 بينهم نساء وأطفال، مؤكدًا تورط مليشيات الحوثي باعتقال واختطاف 12 مدنياً بينهما طاعنان في السن، وتضرر 17 منزلاً لمواطنين بين ضرر جزئي وكلي، جراء القصف المتعمد للأحياء السكنية، التي تعرضت للقصف بشكل مستمر من المليشيات، ما أدى إلى نزوح 34 أسرة من مناطق عدة في مدنية تعز جراء الحصار.
وسلَّطت الشبكة اليمنية للحقوق الضوء على أوضاع الأطفال في تعز تحت الحصار الحوثي، قائلة إنهم يعيشون وضعًا نفسيًا صعبًا، نتيجة لأعمال العنف المفرط والقتل والجرائم المشهودة.
نقص الغذاء
وأكدت أن أبناء محافظة تعز يعانون نقصًا حادًا في الغذاء، بسبب حصار المليشيات الحوثية للطرق المؤدية إلى المدينة، ما يضطر المدنيين إلى سلك طرق بديلة بعيدة وغير معبدة، بشكل يضاعف معاناتهم الإنسانية والمادية ويسبب الكثير من الحوادث والإصابات.
وبينما قالت الشبكة اليمنية، إن الميليشيا الحوثية لا تزال تمنع تزويد تعز بالمياه، كعقاب جماعي للمدنيين، حولت المدينة إلى منطقة موبوءة بالألغام الأرضية، التي قتلت وأصابت المئات من اليمنيين، ولوثت المزارع والأراضي والمناطق السكنية.
ذلك التقرير الذي وثق انتهاكات الحوثي في تعز، جاء متزامنًا مع آخر، أصدره المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية، وثق فيه ارتكاب 464 خرقاً من 1 إلى 5 يونيو، في جبهات الضالع وأبين وتعز والحديدة وحجة والجوف ومارب.
توزعت الخروق بين 155 خرقاً في محوري البرح غرب تعز وحيس جنوب الحديدة، و118 خرقاً في جبهات محور حجة، و116 خرقاً في جبهات محور تعز، و60 خرقاً جنوب وغرب وشمال غرب مارب، و8 خروق في جبهات محور الضالع، و6 خروق في جبهات محافظة الجوف، وخرق واحد في جبهة ثرة بمحور أبين، بحسب بيان للجيش اليمني اطلعت «السياق» على نسخة منه.
استهداف الجيش اليمني
وتنوّعت الخروق بين استهداف مواقع الجيش في الجبهات المذكورة بصواريخ الكاتيوشا وبإطلاق النار من عربات (بي إم بي) والمدفعية والعيارات المختلفة وبالطائرات المسيّرة المفخخة.
وبحسب التقرير، فإن مليشيا الحوثي استهدفت منازل المواطنين في الأحياء الشرقية لمدينة تعز بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، التي نتج عنها قتل أحد أفراد الجيش اليمني وإصابة 13، نتيجة هجمات حوثية بطائرات مسيّرة وبالقناصة.
يأتي ذلك، بينما أحبطت قوات الجيش أكثر من 6 محاولات تسلل لمليشيات حوثية مسلّحة باتجاه مواقع عسكرية مهمة، منها ثلاث محاولات الأربعاء الماضي، بمواقع عسكرية في جبهة مقبنة بمحور تعز، ومواقع في جبهتي حرض وبني حسن غرب حجّة، إضافة إلى محاولتي تسلل الخميس، باتجاه مواقع مطلة على خطوط التماس غرب مديرية شمير، وإلى مواقع في الجبهة الشمالية لمدينة تعز، وكذلك محاولة تسلل الجمعة إلى قرب مواقع الجيش في وادي الخلق بجبهة الأقروض.
كما واصلت المليشيا استحداث مواقع وشق خنادق وطرق باتجاه مواقع الجيش باستخدام (الشيولات) في مختلف الجبهات، بالتزامن مع نشر عيارات وقناصة، إضافة إلى استقدام تعزيزات بشرية وعتاد قتالي ضمنها دبابات وأطقم ودراجات نارية.