المغرب يلحق بقطار لافظي الإخوان.. هل يودِّع الحزب الحاكم السلطة؟

شرعية الإخوان تتآكل في المغرب... هل تكون انتخابات سبتمبر المحطة الأخيرة للتنظيم؟

المغرب يلحق بقطار لافظي الإخوان.. هل يودِّع الحزب الحاكم السلطة؟

السياق

يومًا بعد الآخر يلفظهم الشعب العربي، معلنًا أن لا مكان لهم ولا لتوجُّهاتهم، فالوطن للجميع يتساوون فيه، في الحقوق والواجبات، فلا مكان لأحد يحمل توجُّهات قد تضر باللحمة الوطنية، بين أبناء البلد الواحد.

من مصر إلى تونس، كانت هزيمة الإخوان مدوية، إلا أن المغرب لحق بالركب، رافعًا شعار «لا للإخوان»، ليلقى حزب العدالة والتنمية المغربي، ذو التوجهات الدينية، هزيمة ثقيلة في انتخابات «الغرف المهنية»، اعتبرها محللون درسًا ثقيلا لإخوان المغرب، خاصة أنها بعد أقل من شهر على الانتخابات البرلمانية والمحلية، المزمع تنظيمها الشهر المقبل، وتوقَّعوا هزيمة مدوية للتنظيم العالمي في الرباط.

وزير الداخلية المغربي، عبدالوافي لفتيت، أعلن -قبل يومي-، نتائج انتخابات «الغرف المهنية»، كاشفًا عن تصدُّر حزب التجمع الوطني للأحرار نتائج الانتخابات بفوزه بـ638 مقعدًا، أي 28.6% من المقاعد.

 

أرقام رسمية

وأوضح عبدالوافي لفتيت -في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء المغربية- أن حزب الأصالة والمعاصرة حلَّ ثانيًا، بحصوله على 363 مقعدًا أي 16.28%، بينما جاء حزب الاستقلال في المرتبة الثالثة بـ 360 مقعدًا، أي 14.16%.

وأشار إلى أن حزب الحركة الشعبية، حلَّ رابعا بـ160 مقعدًا، (أي 7.1%) فحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بـ146 مقعدًا، أي 6.55%، وحزب الاتحاد الدستوري بـ90 مقعدًا، أي 4.0%، ثم حزب التقدُّم والاشتراكية بـ82 مقعدًا، و3.68%، وحزب العدالة والتنمية بـ49 مقعدًا، أي 2.20%.

وزير الداخلية المغربي، قال إن الهيئات السياسية الأخرى، البالغ عددها 23 حزبًا، حصلت على 71 مقعدًا، أي 3.18%، في حين نال المرشَّحون المستقلون 271 مقعدًا، أي 12.15%.

وزير الداخلية، أكد أن بلاده انخرطت بإرادة قوية في التحضير للاستحقاقات المقرَّر إجراؤها العام الجاري، لترسيخ مكانة المغرب ضمن الدول الديمقراطية، انسجامًا مع أحكام الدستور، التي تنص على أن مشروعية التمثيل الديمقراطي، تستمد أساسها من الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة.

 

قراءة في الأرقام

الأرقام الرسمية، التي أعلنها وزير الداخلية المغربي، تكشف تذيُّل حزب العدالة والتنمية الترتيب، في انتخابات الغرف المهنية، بحصوله على 2.20% فقط من المقاعد، ليفقد ثلاثة أرباع ما كان بحوزته من مقاعد (196 عام 2015)، بينما استطاعت أحزاب أخرى مضاعفة مقاعدها.

فمن 2230 مقعدًا، في مختلف الغرف المهنية بالمملكة المغربية، حصل الحزب على 49 مقعدًا فقط، وهي ترجمة فِعلية لما توقَّعه سياسيون ومحللون مغربيون، بسبب فشل الحزب في عقد علاقات وثيقة بالتجار والحرفيين والمهنيين، فضلًا عن سياساته الخاطئة، خلال الفترة الماضية.

 

دلائل مهمة

تائج انتخابات الغرف المهنية، عدَّها محللون، مؤشرًا على تراجع شعبية الحزب، داخل الأراضي المغربية، كما اعتبروها كاشفة لما ستسفر عنه الانتخابات العامة، الشهر المقبل.

وأضعفت خسارة الحزب، في انتخابات الغرف المهنية، حظوظه بحضور قوي في تشكيلة مجلس المستشارين المغربي المقبل (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي وتتكوَّن من 120 عضوًا، منهم 20 يختارهم المنتخبون بالغرف المهنية).

ويستعد المغرب لتنظيم انتخابات تشريعية وجهوية، في 8 سبتمبر المقبل، بينما توقَّع محللون إطاحة الحزب، الذي يرأس السُّلطة، منذ قرابة عقد من الزمان.

 

تآكل الشرعية

يقول أستاذ العلوم السياسية، في جامعة محمد الخامس بالرباط، عبدالحميد بنخطاب -في تصريحات صحفية- إن مشروع حزب العدالة والتنمية، بدأ يتآكل، مشيرًا إلى أن حضوره -الذي وصفه بـ«الباهت» في انتخابات الغرف المهنية- كان دليلًا على ما يمر به من ظروف صعبة، في الفترة الأخيرة.

وأوضح السياسي المغربي، أن انتخابات الغرف المهنية، مؤشر واضح لما ستسفر عنه الانتخابات المقبلة، التي تحدِّد الإطار العام لها، انتخابات الغرف المهنية، مشيرًا إلى أن الأحزاب التي تقتنص الأولى تفوز بالثانية.

 

دفع الثمن

وعن تراجع حزب العدالة والتنمية، في انتخابات الغرف المهنية، قال أستاذ القانون العام في جامعة عبدالمالك السعدي بتطوان محمد العمراني بوخبزة -في تصريحات صحفية- إنه يعود إلى قيادة الحزب للحكومة، خلال ولايتين، مشيرًا إلى أنه بدأ يدفع ثمن الإجراءات، التي اتخذها وهو على رأس السلطة.

وعن تأثير نتائج انتخابات الغرف المهنية، في تشكيلة مجلس المستشارين المغربي المقبل، الذي يُعَدُّ الغرفة الثانية من البرلمان المغربي، توقَّع بوخبزة ألا يكون للعدالة والتنمية حضور قوي في التشكيلة المقبلة، كونه فَقَدَ مكوِّنين أساسيين من مكونات المجلس، في إشارة إلى نتائجه في انتخابات الغرف المهنية الأخيرة، وانتخابات ممثلي المأجورين، التي جرت في يونيو الماضي.

معطيات

وأشار بوخبزة، إلى أن هناك مجموعة من المعطيات، يجب أن تؤخذ في الاعتبار، كطبيعة الكتلة الناخبة، وتمثيل الأحزاب السياسية، مؤكدًا أن تمثيل حزب العدالة والتنمية، في انتخابات الغرف المهنية، التي تتعلَّق بالمؤسسات الاقتصادية، ضعيف ولا يعوَّل أو يراهَن عليه.

وأكد أن حزب العدالة والتنمية، بدأ يتحسس موقعه، في الخارطة الانتخابية، بعد خسارته الانتخابات الماضية، مشيرًا إلى أن هناك ترحالًا سياسيًا في المغرب، يقوم على أساس المراهنة على حزب الأغلبية.

عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، عبدالصمد الإدريسي، تعهد من جانبه -في تصريحات صحفية- بأن يعمل الحزب خلال الفترة المقبلة، على تقليل البطالة التي ارتفعت بسبب جائحة كورونا، مشيرًا إلى أن الحزب وضع خُطة، لحل هذه المعضلة.