هل يحول بايدن غزو روسيا لأوكرانيا إلى حرب عالمية؟
يخشى بعض المراقبين ألا يترك بايدن وحلفاؤه عبر استراتيجيتهم، أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتي،ن أي خيار سوى الاستسلام، أو مضاعفة جهوده العسكرية، ما يزيد احتمال توسيع حربه إلى أبعد من أوكرانيا.

ترجمات - السياق
رأت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن استراتيجية إضعاف روسيا، التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد تؤدي إلى تحول الأزمة الأوكرانية إلى حرب عالمية ثالثة.
وقالت المجلة، إن بايدن وحلفاءه اتخذوا سلسلة من التغييرات الراديكالية، التي تحول سياستهم لمساعدة أوكرانيا في الدفاع ضد روسيا إلى "سياسة تقويض قدرة ونفوذ روسيا نفسها".
ويخشى بعض المراقبين ألا يترك بايدن وحلفاؤه -بهذا الفعل- أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتي،ن أي خيار سوى الاستسلام، أو مضاعفة جهوده العسكرية، ما يزيد احتمال توسيع حربه إلى أبعد من أوكرانيا.
ووجَّه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، طلبًا إلى الكونغرس، لتخصيص 33 مليار دولار إضافي، لمساعدة أوكرانيا في "مجالات الأمن والاقتصاد وتقديم المساعدات الإنسانية".
وذكرت "فورين بوليسي" أن بايدن أعلن أيضًا أن الإجراءات الجديدة تهدف إلى "معاقبة روسيا بسبب عدوانها وتخفيض خطر وقوع نزاعات في المستقبل".
في حين قال وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، إن الولايات المتحدة تريد رؤية "روسيا ضعيفة لدرجة لم يعد بإمكانها عمل شيء مشابه لما عملته في أوكرانيا".
خيار خطير
وأوضحت "فورين بوليسي" أن هذا التحول -في موقف واشنطن و"الناتو" بزيادة وتيرة المساعدات لأوكرانيا- ربما هو ما دفع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى إعلان أن واشنطن والغرب دخلوا في حرب "بالوكالة" مع روسيا، ما يخاطر بحرب عالمية أخرى قد تتحول إلى أسلحة نووية.
بينما هدد بوتين مرة أخرى هذا الأسبوع، كما فعل منذ بداية غزوه في 24 فبراير الماضي، بأنه لا يزال لديه خيار استخدام الأسلحة النووية ضد "الناتو"، قائلًا: "لدينا جميع الأدوات اللازمة للرد على أي تهديد مباشر لروسيا، وسنستخدمها إذا وجب علينا ذلك".
ونال النهج الأمريكي العدواني الجديد استحسان العديد من الجهات، لاسيما من مسؤولي "الناتو" الحاليين والسابقين، الذين يصرون على أن التهديدات النووية الروسية المضادة ليست سوى كلام فارغ.
وقال الأمين العام السابق لحلف الناتو أندرس فوغ راسموسن في مقابلة: "إنها الطريقة الوحيدة للمضي قدمًا، لأن الخطأ الذي ارتكبناه هو التقليل من شأن طموحات فلاديمير بوتين، ومن وحشيته، وفي الوقت نفسه، بالغنا في تقدير قوة الجيش الروسي".
وذكرت "فورين بوليسي" أن الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، تعتمد على نجاح أوكرانيا المستمر في ساحة المعركة ضد بوتين، الذي اضطر إلى تقليص طموحاته من الاستيلاء على أوكرانيا إلى هجوم كبير جديد في الأجزاء الشرقية والجنوبية منها.
وكثف حلفاء "الناتو" -وعلى رأسهم ألمانيا، التي كانت تراوغ حتى هذا الأسبوع بشأن إرسال أسلحة هجومية ثقيلة إلى أوكرانيا- مساعدة كييف ردًا على ذلك، إذ أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز، تحت ضغط سياسي داخلي وخارجي، أن بلاده ستوفر 50 دبابة مضادة للطائرات لأوكرانيا.
الخطوط الحمراء
وأمام هذه المخاطر من تحول الأمر إلى حرب عالمية ثالثة، أعرب بعض الخبراء -الذين تحدثوا لـ "فورين بوليسي"- عن قلقهم من أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين، يتجاوزون الخطوط الحمراء، عبر تقديم مساعدات كبيرة وأسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا.
وإذا كان هدف بايدن استسلام بوتين، فإن الرجل الذي يحكم روسيا منذ نحو نحو 22 عامًا، لم يُعرف عنه أنه يستسلم بسهولة، وهو ما ظهر جليًا خلال الـ15 عامًا الأخيرة في تحركاته ضد الدول المجاورة، لا سيما أوكرانيا وجورجيا، وفقًا للمجلة.
ونقلت المجلة عن شون موناغان، الخبير في مركز الأبحاث الدولية والاستراتيجية بواشنطن قوله: "برأي الكرملين يسعى الغرب لإلحاق أضرار بروسيا، وكان ذلك بشكل غير علني، والآن يتحدثون عنه علنًا. إذا دمجت ذلك مع تعليق بايدن في بولندا الشهر الماضي، بأن هذا الرجل (بوتين) لا يمكنه البقاء في السلطة، يحول كل ذلك هذه الحرب الإقليمية إلى مواجهة أوسع، ويمكن أن يجعل الأمر أكثر صعوبة، أو حتى مستحيلًا في الوقت الحالي، التفاوض على تسوية لإنهاء الحرب في أوكرانيا".
من جانبه يرى المحلل السابق في دائرة المخابرات المركزية الأمريكية، جورج بين، أن إدارة واشنطن تخاطر بنسيان أن "المصلحة الوطنية للولايات المتحدة، منع نزاع نووي مع روسيا". وأضاف: "لدى روسيا فرصة للتأكد من أنه إذا خسرت فإن الجميع سيخسرون أيضًا، قد يكون هذا ما نتجه نحوه الآن، ويمكن أن يكون هذا المنعطف خطيرًا".
وتابع بيب: "نحن بحاجة إلى إيجاد طريقة لإبلاغ الروس بطريقة سرية بأننا سنكون مستعدين لتخفيف العقوبات في سياق تسوية دولية... يمكن أيضًا استخدام المساعدة العسكرية لأوكرانيا كوسيلة ضغط".
كما نقلت المجلة عن تصريح لدبلوماسي أوروبي، رفض ذكر اسمه قوله: "اتباع سياسة إضعاف بوتين شيء، وإعلان ذلك بشكل علني شيء آخر"، مضيفًا: "علينا أن نجد طريقة لبوتين لتحقيق حل سياسي، لذلك ربما ليس من الحكمة التحدث عن مسألة إضعافه علنًا".
حرب باردة
بدوره، قال تشارلز كوبشان، المسؤول الأمريكي الكبير السابق، الذي يعمل في العلاقات الدولية بجامعة جورج تاون: "الأمر يزداد خطورة، ومن ثمّ فنحن بحاجة إلى تجاوز دعم أوكرانيا بصواريخ (غافلين) والصواريخ المضادة للدبابات، والتحدث عن نهاية هذه اللعبة السياسية.
وأوضحت "فورين بوليسي" أنه من الممكن أن تصبح الأمور أكثر صعوبة إذا وسع الغرب وحلف الناتو نفوذهما، إلى ما وراء أوروبا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط، إلى المحيطين الهندي والهادئ، كما اقترحت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس في خطاب ألقته هذا الأسبوع.
وقالت إن ذلك بدوره يثير احتمال نشوب حرب باردة عالمية طويلة الأمد، ليس فقط مع روسيا ولكن مع الصين أيضًا، وقال بيب إنه يمكن أن تزداد الأمور سخونة، حيث تواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها تحالفًا من روسيا الغنية بالموارد والصين القوية تقنيًا واقتصاديًا.