مشهد ضبابي في ليبيا... قرار من الرئاسي وباشاغا يصل تركيا

أصدر رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي أمرًا، يحظر تحريك الوحدات العسكرية بآلياتها العسكرية خارج ثكناتها وأماكن تمركزها، إلا بإذن منه.

مشهد ضبابي في ليبيا... قرار من الرئاسي وباشاغا يصل تركيا

السياق

وسط مشهد «ضبابي»، تعيش ليبيا أزمة سياسية أدت إلى تبعات «كارثية» في معظم الملفات التي شهدت تقدمًا كبيرًا خلال الفترة الماضية، ما أطلق جرس إنذار من احتمال عودة البلد الإفريقي إلى مربع العنف.

فرغم منح مجلس النواب الليبي الثقة لحكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، قبل أكثر من شهرين، فإن الأخيرة لم تستطع -حتى الآن- دخول طرابلس، لممارسة مهامها بشكل رسمي لأسباب عدة، أبرزها «تعنُّت» رئيس الحكومة السابقة عبدالحميد الدبيبة في تسليم السلطة، وتخوف خلفه من الولوج إلى العاصمة بقوة السلاح.

ذلك التعنُّت وما قابله من تخوفات، جعل البلد الإفريقي يعيش أزمة سياسية، أدت إلى إغلاق بعض حقول النفط قبل أيام، ما أفقد ليبيا نِصف إنتاجها النفطي، في وقت يعاني فيه العالم آثار الأزمة الروسية الأوكرانية.

باشاغا إلى تركيا

وفي محاولة من الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا، لحلحلة تلك الأزمة السياسية -التي دفعت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة إلى تعليق أعمالها- وصل باشاغا اليوم الجمعة إلى تركيا، لمناقشة ملفات عدة.

وقالت مصادر ليبية، إن فتحي، سيناقش في الزيارة التي يرافقه فيها عدد من نوابه ووزراء حكومته، التطورات الأخيرة، وإمكانية إجراء الانتخابات في الوقت المناسب.

وبحسب مصادر ليبية، فإن فتحي باشاغا الذي يكرر أن له علاقات متميزة برئيس تركيا رجب طيب أردوغان، يواجه تحديًا رئيسًا، يتمثل في كيفية إقناع أنقرة بالعدول عن دعم منافسه عبدالحميد الدبيبة.

من جهة أخرى، أصدر رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي أمرًا، يحظر تحريك الوحدات العسكرية بآلياتها العسكرية خارج ثكناتها وأماكن تمركزها، إلا بإذن منه.

 

قرار رئاسي ليبيا

وبحسب قرار المنفي «إذا استدعت الضرورة تحريك وحدات عسكرية، يجب ألا يكون ذلك إلا وفقًا للسياق المعمول به، وبموافقة القائد الأعلى للجيش الليبي»، مطالبًا آمري الوحدات العسكرية بالتقيد بقراره.

كما طالب إدارة الاستخبارات العسكرية وإدارة الشرطة والسجون العسكرية، متابعة التنفيذ والإبلاغ عن أي مخالفة لما ورد بأحكامه.

يأتي ذلك القرار، بعد أن شهدت الفترة الأخيرة تحركات عسكرية من المليشيات المسلحة نحو الحقول والموانئ النفطية، في محاولة لإعادة ضخ النفط من جديد في شرايين الاقتصاد الليبي، بعد أن تسبب توقف معظم الإنتاج في حرمان حكومة الدبيبة المقالة من العائدات الاقتصادية.

 

جرائم خطيرة

تطورات تأتي بعد ساعات من عقد مجلس الأمن الدولي، جلسة استمع فيها إلى تقرير المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الثالث والعشرين عن الوضع في ليبيا إلى مجلس الأمن.

وذكر التقرير ما عدَّها «أدلة موثوقة» على ارتكاب جرائم خطيرة على نطاق واسع في ليبيا، بما في ذلك جرائم عنف جنسي متصل بالنزاع، كما أعرب أعضاء من مجلس الأمن عن قلقهم من جرائم بحق المدنيين والمهاجرين المشار إليهم في التقرير.

وقدَّم كريم خان إحاطته للمرة الثانية أمام المجلس بشأن ليبيا، كاشفًا النقاب عن استراتيجية جديدة ترتكز على منح أولوية للوضع في ليبيا، وتوفير الموارد اللازمة والتعاون مع السلطات، لتعزيز جهود المساءلة ودعمها.

وأوضح مدعي «الجنائية الدولية»، أن التقرير الجديد المقدَّم أمام المجلس، محاولة جيدة في مساعي تحديد المعايير وصياغتها للمرة الأولى في تقرير مكتب المدعي العام، من حيث الجداول الزمنية لعمل معيّن حتى محاسبتنا، وأن أضمن أيضًا أننا نقوم بعمل أفضل في ما يتعلق بالمضي قدمًا.

وشدد كريم خان على الحاجة إلى العمل، جنبًا إلى جنب مع الضحايا والناجين في مجتمعات فعّالة، قائلًا: "من دون شك يتمتع الضحايا والناجون بالحق في أن يُنظر إلى حياتهم وآمالهم ومعاناتهم بعناية، وما إذا كانت هناك مسؤولية جنائية يجب تقديمها أمام محكمة مستقلة".

وأكد أنه "بمجرد العمل بهذه الطريقة، مع الضحايا والناجين والدول، ستكون لدينا بوصلة أفضل، وأكثر دقة، تساعدنا في السير نحو الحقيقة، ومعرفة سبب حدوث أشياء معينة".

 

تحقيق العدالة

وأكد خان أهمية الاشتراك مع السلطات الليبية بشكل أفضل ووثيق، مشيرًا إلى أن تحقيق العدالة يكون أفضل داخل الدولة نفسها، لكن فقط عندما لا تكون الدولة راغبة في ذلك ولا قادرة على القيام به، يأتي دور المحكمة.

وأعرب عن أمله بأن تكون لديه تفاعلات على مستويات رفيعة مع السلطات الليبية، وإقامة نهج أكثر منهجية وتنظيمًا للمناقشات على مستوى العمل بين مكتبه والسلطات الليبية.

وأكد أنه في هذه الجرائم، لا يمكن العمل بمفردنا، عندما تصل تلك الجرائم إلى إبادة أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب.

من جانبه، قال مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، طاهر السنّي، إن تحقيق العدالة على الأراضي الليبية «اختصاص سيادي وولاية قضائية وطنية، لمقاضاة أي متهم وفقًا لقانون العقوبات الليبي الذي يعكس السيادة الليبية على إقليمها ومواطنيها»، مشيرًا إلى أن القضاء الليبي ملتزم بضمان محاكمة عادلة ونزيهة لكل المطلوبين.

وأكد الطاهر السني حرص بلاده على حماية المهاجرين غير القانونيين ضد أي انتهاكات قد يتعرّضون لها بسبب الأزمة الراهنة، مشيرًا إلى أنه "رغم التحديات، فإننا نقوم بما يمكن لحمايتهم وإنقاذهم والعمل على ترحيلهم متى أمكن ذلك".

وأكد رفض بلاده وإدانتها لأي خروق أو انتهاكات لـ "بعض الخارجين عن القانون، التي تعد أعمالًا فردية نعمل على التصدي لها".

لكنه شدد على أن بلاده لن تقبل بأي محاولات من بعض الدول لفرض ظروف من شأنها تصدير أزماتهم لنا وتأسيس مبدأ التوطين، في مخالفة للقوانين والتشريعات الوطنية.