ضربة لبوتين... واشنطن تلوح بفرض عقوبات على صديقة الرئيس الروسي
المرأة التي تعتقد حكومة الولايات المتحدة أنها صديقة بوتين وأم لثلاثة من أطفاله على الأقل، قال عنها مسؤولون أمريكيون إنها تلعب دورًا في إخفاء ثروة الرئيس الروسي في الخارج، ولا تزال هدفًا محتملاً للعقوبات

ترجمات - السياق
بعد أسابيع من اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية، لجأت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية إلى سياسة فرض العقوبات على روسيا، في محاولة لإثناء موسكو عن المضي قدمًا في خطتها للبلد الأوراسي.
وبينما استهدفت العقوبات الأمريكية والغربية، أكبر الشركات الروسية ورجال الأعمال والسياسيين، وصولاً إلى الرئيس فلاديمير بوتين، لم تأتِ على ذكر ألينا كابيفا، أحد أكثر الأسماء المقربة من الرئيس الروسي.
فالمرأة التي تعتقد حكومة الولايات المتحدة أنها صديقة بوتين وأم لثلاثة من أطفاله على الأقل، قال عنها مسؤولون أمريكيون إنها تلعب دورًا في إخفاء ثروة الرئيس الروسي في الخارج، ولا تزال هدفًا محتملاً للعقوبات.
وقالت «وول ستريت جورنال»، في تقرير، إن الاعتقاد السائد بين المسؤولين الأمريكيين، الذين يناقشون هذه الخطوة، أن معاقبة كابيفا ستُعد ضربة شخصية للغاية لبوتين، يمكن أن تزيد تصعيد التوترات بين روسيا والولايات المتحدة.
وامتنعت وزارة الخزانة الأمريكية، التي أعدت وفقًا لمسؤولين أمريكيين حزمة العقوبات ضد السيدة كاباييفا، المعلقة الآن عن التعليق، إلا أن مسؤولين أمريكيين قالوا إن العمل ضد السيدة كابيفا ليس على الطاولة.
علاقة بوتين وكابيفا
ونفى الكرملين -منذ فترة طويلة- وجود أي علاقة بين بوتين وكابيفا، ولم يرد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، على طلبات التعليق.
وعام 2008، قال بوتين رداً على تقارير الصحف عن علاقته المزعومة بكابيفا: «كثيرًا ما كرهت أولئك الذين يقتحمون الشؤون الخاصة للآخرين، بأنوفهم المخادعة وأوهامهم المثيرة».
ويعيش بوتين أسلوب حياة شبه رهباني مكرَّس للخدمة العامة، ولا يكاد يكون لديه وقت للحياة الشخصية، وفقًا لتصويراته في وسائل الإعلام الحكومية الروسية، فالزعيم الروسي لديه ابنتان من زواجه السابق بلودميلا شكريبنيفا- كاترينا تيخونوفا، 35 سنة، وماريا فورونتسوفا، 36 سنة.
وظهرت كابيفا -السبت- بشكل نادر في موسكو، لتقديم عرض جمباز إيقاعي لمهرجان ألينا، وسمي المعرض باسمها، ووقفت أمام لوحة إعلانية مغطاة بشعارات «Z»، وهو رمز دعم العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وقالت كابيفا: «لكل عائلة قصة لها علاقة بالحرب، وعلينا أن ننقل هذه القصص إلى الأجيال القادمة»، مضيفة أن الجمباز الروسي سيصبح أقوى بسبب العزلة الدولية: «سننتصر من هذا فقط».
ومن المقرر بث مهرجان ألينا في مايو، كجزء من الاحتفالات لإحياء ذكرى انتصار روسيا على ألمانيا النازية، في الحرب العالمية الثانية، بينما قال محللون روس إن بوتين قد يستغل الاحتفال لإعلان نصر عسكري في أوكرانيا.
إجراء تصادمي
وبينما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ابنتي بوتين البالغتين، قال مسؤولون إن التحرك ضد كابيفا، التي وصفتها الحكومة الأمريكية بأنها صديقة بوتين، من الإجراءات التي تعد تصادمية بما يكفي، لزيادة تعقيد جهود التوصل إلى سلام تفاوضي في أوكرانيا.
وعادة ما تعمل وزارتا الخزانة والخارجية، لإعداد حزم عقوبات تتضمن معلومات استخبارية ومعلومات أخرى، إلا أنه غالبًا ما يتعين على مجلس الأمن القومي التوقيع قبل إعلان الحزمة.
وفي حالة كابيفا، أعدت وزارة الخزانة العقوبات ضدها، لكن مجلس الأمن القومي اتخذ قرارًا لسحب اسمها من قائمة سيعلنها.
وقال مسؤول أمريكي لـ "وول ستريت جورنال": «لقد أعددنا عقوبات على عدد من الذين لم يُعاقَبوا، وما زلنا نفكر في موعد فرض تلك العقوبات لتحقيق أقصى قدر من التأثير».
ووفقًا لمسؤولين أمريكيين، فإن إثراء كابيفا وعائلتها، كان من خلال العلاقات بمن في الدائرة المقربة من بوتين.
وأفاد تقييم استخباراتي أمريكي سري -أثناء التحقيق في التدخل الروسي المزعوم بالانتخابات الأمريكية لعام 2016- بأن كابيفا مستفيدة من ثروة بوتين.
وحثَّ ممثل لزعيم المعارضة الروسي المسجون أليكسي نافالني المشرِّعين الأمريكيين في 6 أبريل على فرض عقوبات على كابيفا، مدعيًا أنها كانت تساعد في إخفاء ثروة بوتين.
ويقول المسؤولون الغربيون إنهم لا يعرفون بالتحديد موقع كابيفا بهيكل السلطة في الكرملين، بينما يعكس الجدل بفرض عقوبات عليها وِجهة نظر العديد من المسؤولين الغربيين بشأن قبضة بوتين على السلطة، بأن لاعبة جمباز سابقة يمكن أن تكون من أكثر الشخصيات نفوذاً في البلاد، بسبب قربها من الزعيم الروسي.
بقعة المليارديرات
ومكثت كابيفا في سويسرا فترات طويلة، وفقًا لمسؤولين أمنيين أمريكيين وأوروبيين، اطلعوا على تحركاتها، مؤكدين أنها عاشت في قصر عالي الجدران، به مهبط للطائرات العمودية في كولوني، بالقرب من جنيف.
وقال مسؤول أمريكي إن شركاء بوتين أجروا أعمالاً هناك، ووصلوا وغادروا بطائرة هليكوبتر، مشيرًا إلى أن كابيفا نادرًا ما شوهدت في كولوني، وهي بقعة منعزلة للمليارديرات ونجوم الرياضة في التلال فوق بحيرة جنيف.
وصعدت الحكومة الأوكرانية دعواتها إلى الغرب لمتابعة الإجراءات ضدها، فكتب البرلمان الأوكراني هذا الشهر إلى حكومة سويسرا، يطالبها بمنع كاباييفا من دخولها ومصادرة أي عقارات تملكها، إلا أن الحكومة السويسرية قالت إنه ليس لديها ما يشير إلى وجودها في البلاد.
خطوة التوقيع
وُلدت كابيفا في أوزبكستان، وتركت المدرسة الثانوية مبكرًا لمتابعة رياضتها، وكانت تبلغ من العمر 21 عامًا عندما فازت بميدالية ذهبية في الجمباز الإيقاعي بأولمبياد 2004 في أثينا.
وأصبحت نجمة وطنية، اشتهرت بحركة متميزة، أطلق عليها "Kabaeva" في كتاب قواعد الجمباز الإيقاعي، ما أكسبها لقب «المرأة الأكثر مرونة في روسيا».
ورد اسمها لأول مرة في موقع الكرملين على الإنترنت عام 2001. وحضر بوتين عرضًا رياضيًا جرى تصويره مع كابيفا، التي كانت تبلغ -آنذاك- 18 عامًا من العمر.
وعام 2008 أفادت Moskovsky Korrespondent، وهي صحيفة شعبية روسية، بأن بوتين، الذي كان متزوجًا في ذلك الوقت، وكابيفا كانا مخطوبين، إلا أن الصحيفة اليومية أغلقت بعد أيام من قِبل مالكها، الشركة الوطنية للإعلام، بعد أن نفى بوتين الخبر.
في ذلك الوقت، تقاعدت كابيفا من الجمباز ودخلت السياسة نائبة عن حزب روسيا المتحدة الحاكم بزعامة بوتين، وحصلت على راتب قدره 11 مليون روبل، أي نحو 140 ألف دولار.
وغادرت كابيفا البرلمان عام 2014 لتتولى رئاسة مجموعة نيو ميديا الروسية، التي تسيطر على التلفزيون والإذاعة والمواقع الإخبارية الموالية للحكومة، وجرى تعيينها من قِبل مالك NMG، يوري كوفالتشوك، أكبر مساهم في بنك روسيا.
كان الراتب السنوي للسيدة كابيفا عام 2018 نحو 12 مليون دولار، وفقًا لوثائق مسربة من دائرة الضرائب الفيدرالية الروسية.
وأزالت NMG اسمها وصورتها من موقعها على الإنترنت في 6 أبريل الجاري، قبل فترة وجيزة من الجولة الأخيرة للعقوبات.
ومنذ عام 2013، استحوذت كابيفا وأقاربها على ست شقق ومنزلين وفدانين من الأراضي، في أربع من أكثر المناطق تميزًا في روسيا، وفقًا لبيانات مكتب تسجيل الأراضي في روسيا.
ومن هذه العقارات، حصلت جدة كابيفا البالغة من العمر 87 عامًا ووالدتها وأختها على منازل فاخرة من رجال أعمال قريبين من بوتين، بما في ذلك ملكية مساحتها 2300 قدم مربع في سانت بطرسبرغ، إضافة إلى شقق فاخرة في أحد شوارع موسكو الراقية وفي منتجع سوتشي، وفقًا لسجل الأراضي.
حمل شعلة
وعام 2013، أعلن بوتين أنه انفصل عن السيدة شكربنيفا، زوجته منذ 30 عامًا وعضو سابق في فريق طيران إيروفلوت، قائلًا: «لقد كان قرارًا مشتركا (...) نحن بالكاد نرى بعضنا، كل واحد منا لديه حياته الخاصة».
وبعد أن اكتمل طلاقهما في العام التالي، قالت كابيفا في التلفزيون الحكومي، إنها قابلت شخصًا أحبته كثيرًا، إلا أنها رفضت مشاركة اسم الشخص.
واشتعلت التقارير الإعلامية عن علاقة عاطفية عندما جرى اختيار كابيفا حاملة شعلة في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 في سوتشي، ورد بوتين على تكهنات وسائل الإعلام بأنه اختار كابيفا بنفسه.
وقال مسؤولون سويسريون وأمريكيون وأوروبيون، إن كابيفا سافرت إلى سويسرا وأنجبت طفلًا من بوتين عام 2015، في واحدة من أغلى عيادات التوليد في أوروبا -سانت آنا- المطلة على بحيرة لوغانو.
وعندما لم يظهر بوتين علنًا ثمانية أيام في ذلك الوقت، رد المتحدث باسمه بيسكوف، على شائعات مفادها أن الرئيس كان مع كابيفا، قائلًا: «المعلومات عن ولادة طفل من فلاديمير بوتين لا تتوافق مع الواقع».
وبعد الولادة، قضت كابيفا معظم وقتها في سويسرا، بمسكن فاخر في لوغانو، يطل على بحيرة جبلية بالمدينة، والمجمع عالي الجدران في كولوني، حسبما قال مسؤولون أمريكيون وأوروبيون.
وقال مسؤولون أميركيون إن كابيفا أنجبت توأمًا في موسكو عام 2019، ورغم عدم إعلان ذلك رسميًا، فإن الموقع الإلكتروني لصحيفة Moskovsky Komsomolets، المملوكة لأحد أقرب أصدقاء بوتين نشر خبرًا عن التوأم، جرى حذفه في ما بعد.
وفي الأسابيع التي أعقبت «الغزو» الروسي لأوكرانيا، انتشرت تقارير إعلامية، تفيد بأن كابيفا أقامت في سويسرا، الدولة الواقعة في جبال الألب المحايدة تاريخياً، إلا أن وزارة العدل والشرطة الفيدرالية السويسرية أصدرتا بيانًا قالتا فيه: «ليس لدينا ما يشير إلى وجود كابيفا في سويسرا».
وفي مارس، أعلنت سويسرا أنها جمدت 6.17 مليار دولار من الأصول الروسية المشمولة بالعقوبات، وهو جزء بسيط من الثروة الروسية، التي تبلغ 213 مليار دولار تقريبًا، وفقًا لتقديرات لوبي البنوك السويسرية.
وقال مسؤولون أمريكيون إن التحدي يكمن في تخمين التأثير، إن وجد، الذي سيأتي من فرض عقوبات على كابيفا، عن المداولات الحكومية المستمرة في هذا الشأن.
وقال مسؤول من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأمريكية، إن هناك أيضًا فرصة بأن بوتين: «سيرد بطريقة عدوانية».