4 سيناريوهات... كيف يجب أن تنتهي الحرب في أوكرانيا؟

من الصعب الترويج لدبلوماسية تسوية الحرب في أوكرانيا، لكن البديل المتمثل في استمرار القتال مع إمكانية توسع نطاقه الجغرافي أو زيادة معدل الوفيات، سيكون أسوأ

4 سيناريوهات... كيف يجب أن تنتهي الحرب في أوكرانيا؟

ترجمات-السياق

تساءلت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، عن الطريقة التي يمكن أن تنتهي بها الحرب الروسية في أوكرانيا التي دخلت يومها الـ 65، قائلة:"إذا كان التاريخ يخبرنا بأي شيء، فهو أن إنهاء الحروب يكون أصعب بكثير من بدئها".

وأضافت المجلة، في تحليل مشترك لستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية بجامعة ولاية بنسلفانيا، الولايات المتحدة، ومساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق لورانس كورب، أنه لا شك أن ذلك ينطبق على الحرب الروسية الحالية ضد أوكرانيا، التي بدأت أواخر فبراير 2022، إذ إنه بعد أكثر من شهرين من القتال، يعيد المقاتلون الروس تجميع صفوفهم لشن هجمات كبرى في منطقة دونباس، التي من المتوقع أن يكون القتال فيها مكثفاً وطويل الأمد ومكلفاً للجانبين، كما تواصل موسكو أيضاً قصفها بعيداً في ماريوبول، المدينة التي دُمر أكثر من 90% منها بالفعل، وإطلاق صواريخ دورية في كييف في محاولة لإلهاء الحكومة الأوكرانية عن الهجمات في الجنوب والشرق.

أربعة احتمالات

يبدو أن أهداف الحرب الروسية تشمل، على الأقل، إنشاء جسر بري إلى شبه جزيرة القرم وتحرير لوهانسك ودونيتسك من سيطرة أوكرانيا، أما كييف فهي، بدورها، تسعى للحفاظ على نظامها وسيطرتها على أراضيها السيادية، بما في ذلك تلك التي يسكنها معظم المتحدثين بالروسية.

ورأت مجلة ناشيونال إنترست أن هناك أربعة احتمالات يمكن أن يتأثر بها الزعماء الروس والأوكرانيون، أو المجتمع الدولي وتؤدي لإنهاء هذه الحرب:

أولاً، أن يفرض أحد الجانبين هزيمة عسكرية حاسمة على الآخر، ويفرض ترتيباً بعد الحرب يدعم مصالحه.

ثانيًا: أن تكون هناك حالة من الجمود العسكري المطول، ما يؤدي إلى الضغط لتسوية دبلوماسية.

ثالثًا: التصعيد الذي يغير طبيعة الحرب بشكل كبير، إما تصعيد أفقي، أي أن تمتد الحرب إلى مزيد من البلدان، أو تصعيد عن طريق استخدام أسلحة الدمار الشامل.

أخيراً: أن تندلع أزمة متزامنة في مكان آخر من العالم، وتنطوي على مصلحة حيوية للولايات المتحدة والمجتمع الدولي، على سبيل المثال، أن تشكل الصين تهديداً وشيكاً أو تشن هجوماً فعلياً على تايوان.

الاستسلام

أوضحت المجلة أن الخيار الأول وهو الاستسلام من طرف والانتصار الحاسم للطرف الآخر، يبدو غير محتمل في هذا الوقت، إذ يمكن لحلف شمال الأطلسي (الناتو) الاستمرار في ضخ الأسلحة إلى أوكرانيا إلى أجل غير مُسمى، كما أن العزلة الدبلوماسية لروسيا لا توفر لها سوى القليل من الدعم الخارجي، ويمكن توقع تحسن صلابة المقاتلين الأوكرانيين ومهاراتهم القتالية، بعد اكتسابهم الخبرة مع مرور الوقت، لكن من غير المرجح أن تكون أوكرانيا قادرة على فرض نصر حاسم على روسيا، يتضمن طرد القوات العسكرية الروسية المنظمة من أراضيها.

وتابعت: "لذلك، فإن الخيار الثاني، وهو الحرب الطويلة التي يتبعها اتفاق لوقف إطلاق النار وتسوية سلمية، يبدو أكثر احتمالًا من النصر أو الهزيمة لأي من الجانبين، ومع ذلك، فإنه لكي يصبح هذا الخيار واقعياً، يجب أن تدخل الدبلوماسية الماهرة في المعادلة من قبل "الناتو" وروسيا وأوكرانيا والوسطاء الدوليين الفاعلين، ولكن حتى الآن، احتلت الدبلوماسية مقعداً خلفياً في هذه الحرب، التي أثارت غضب المراقبين الدوليين بعاصفة نارية من الفظائع، وسيستمر القتال ما لم يتعامل المقاتلون والمجتمع الدولي الأوسع مع الدبلوماسية بجدية، ويجب أن يشمل هذا المجتمع الدولي الأوسع ممثلين للأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وقوى كبرى مختارة خارج أوروبا".

توسيع القتال

وأشارت المجلة إلى أن الاحتمال الثالث سيدخل حيز التنفيذ، إذا صعد أي من الجانبين الحرب، من خلال توسيع القتال ليشمل المزيد من البلدان، أو عن طريق إدخال أسلحة الدمار الشامل في ساحة المعركة، إذ أن شن روسيا هجوماً على دولة أخرى، مثل مولدوفا، أو على دولة عضو في "الناتو" يستدعي رداً قوياً من الحلف، وستكون الحرب حينها نزاعاً مُعلناً بين "الناتو" وروسيا، وسيكون الوضع في أوكرانيا مجرد جزء واحد منه فقط، وسيتمثل التحدي الذي سيواجهه "الناتو" في هذه الحالة، في الحفاظ على وحدته السياسية واتفاقه الجماعي على الاستراتيجية العسكرية نفسها، في مواجهة القتال الممتد بالأسلحة التقليدية بعيدة المدى.

ورأت المجلة أنه سيكون هناك المزيد من عدم اليقين، في ما يتعلق بالاحتمال الثالث، إذا سمحت روسيا بالاستخدام النووي لأول مرة في أوكرانيا، حيث ستشعر أغلبية الحكومات ومواطنيها بالرعب المُبرَر، وتساءلت: "كيف ينبغي أن يستجيب الناتو لاستخدام روسيا النووي المحدود لأول مرة؟"، وأجابت: من الناحية النظرية، ستكون هناك ثلاثة خيارات...

الأول: من خلال الانتقام العسكري واسع النطاق ضد أهداف في روسيا، باستخدام أسلحة تقليدية فقط، مصحوباً بدبلوماسية عالمية تصور موسكو كدولة شريرة.

الثاني: الاستجابة باستخدام أسلحة نووية متناسبة ضد أهداف في روسيا، مماثلة لتلك التي دمرت في أول استخدام نووي لموسكو.

الثالث: الرد باستخدام أسلحة نووية غير متناسبة ضد مجموعة أكبر من الأهداف العسكرية الروسية وغيرها، وقد تكون بعض هذه الخيارات أو جميعها لحلف الناتو، مصحوبة بشنه هجمات غير معلنة لكنها جوهرية، على الأصول الفضائية الروسية، وكذلك شن حرب إلكترونية عدوانية.

حرب باردة

وقالت المجلة إن التحديات المتمثلة في السيطرة على منع التصعيد والتوصل لإنهاء الحرب بموجب الخيار الثالث تبدو كبيرة، وربما هائلة، لكن صانعي السياسة في الحرب الباردة بحلف شمال الأطلسي والاتحاد السوفييتي، كانوا أكثر حذراً وتشككاً بشأن الحرب النووية، حتى لو كانت على نطاق محدود، لأنه لم يكن هناك في ذلك الوقت، ولا حتى الآن، نموذج للقتال ولإنهاء الحرب النووية المحدودة مبنية على الخبرة، لكن كل ما يُقال مجرد تخمينات ومناورات.

وأضافت: "إذا افترضنا أنه يمكن تجنُّب الاحتمال الثالث، فإن الرابع قد يؤدي لتعطيل محتمل للجهود المبذولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا بشروط مقبولة من موسكو وكييف، لأن أي تحرك صيني ضد تايوان، مع إمكانية فرض تغيير النظام سيسبب أزمة كبيرة لصانعي السياسة الأمريكيين ومستشاريهم العسكريين".

ورأت المجلة أنه رغم أن القدرات العسكرية الأمريكية تسمح بإدارة أكثر من تحدٍ عسكري إقليمي في الوقت نفسه، لكن المدى الذي يمكن أن يركز فيه صانعو السياسة الأمريكيون اهتمامهم على ردع الصين أو هزيمتها، بينما يقودون جهود "الناتو" للدفاع عن أوكرانيا ضد روسيا، يعتمد على استعداد كل من الصين وروسيا لتصعيد حملتهما العسكرية.

ونهاية التحليل، قالت المجلة: في حين أن الترويج للدبلوماسية لتسوية الحرب في أوكرانيا أمر صعب، لكن البديل، المتمثل في استمرار القتال مع إمكانية توسعه الجغرافي وزيادة معدل الوفيات، سيكون أسوأ، محذرة من أنه في حال شن عدوان صيني وروسي في وقت واحد، فإن كل الرهانات ستختلف.