من الجماعة المتشددة الجديدة التي استهدفت قاعدة تركية بطائرات مسيرة؟

قد يمثل إنشاء مجموعة جديدة تسمى أحرار سنجار ذريعة لضرب تركيا الآن بدعوى الرد على الهجمات التركية

من الجماعة المتشددة الجديدة التي استهدفت قاعدة تركية بطائرات مسيرة؟

ترجمات - السياق

زعمت جماعة تطلق على نفسها "أحرار سنجار" شن هجوم بطائرة مسيَّـرة على قاعدة تركية شمالي العراق، ووفقًا لوسائل الإعلام الإيرانية، التي غالبًا ما تتحدث عن أحداث مرتبطة بإيران ووكلائها في المنطقة، فإن الهجوم استهدف القاعدة التركية في بعشيقة شرقي الموصل، وشمل "ست طائرات من دون طيار كاميكازي".

بينما ذكرت تقارير أن أربع طائرات مسيَّـرة استُخدمت، وأن واحدة أصابت القاعدة، بحسب جيروزاليم "بوست".

 

قاعدة زليكان - جوهرة التاج

 يطلق على هذه القاعدة التركية قاعدة زليكان، وتقع على حدود إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي شمالي العراق، ومناطق محافظة نينوى التي تحكمها القوات الفيدرالية العراقية، وتضم ميليشيات شيعية وجماعات موالية لإيران مثل لواء الحشد الشعبي.

 الحشد الشعبي مظلة كبيرة من الميليشيات، وكثير منها شيعية وموالية لإيران. منذ عام 2018، جرى تنظيمها كقوة شبه عسكرية رسمية ويقيمون نقاط تفتيش في بعض مناطق العراق. 

العديد من هذه الجماعات، إما مرتبطة مباشرة بإيران، مثل كتائب حزب الله، وإما جهات إقليمية، إضافة إلى كتائب الأقليات التي تؤمن المناطق التي يكون فيها الجيش العراقي ضعيفا. 

في هذا السياق، يمكنهم بسهولة إطلاق الصواريخ على القوات الأمريكية أو تركيا أو أربيل، من مناطق مثل سهول نينوى شرقي الموصل.

واستُخدمت القاعدة التركية التي استُهدفت بالقرب من بعشيقة، لدعم العراقيين الذين فروا من الموصل خلال حرب داعش، وفي وقت لاحق اعتبرت القاعدة مثيرة للجدل من قِبل السياسيين الموالين لإيران في بغداد، الذين يرون أنها تعد زحفًا تركيًا على العراق.

وتمتلك تركيا عشرات القواعد والمواقع الاستيطانية في جبال شمالي العراق، محصورة غالبًا في المنطقة الحدودية، حيث تزعم تركيا أنها تحارب "إرهابيي حزب العمال الكردستاني". 

ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، أطلقت تركيا عمليات جديدة في هذه المنطقة الجبلية، وتوغلت بشكل أعمق شمالي العراق، أقرب إلى مدينتي دهوك وأربيل الكرديتين.

كما تستخدم تركيا الطائرات المسيرة والطائرات الحربية، لضرب مناطق في سنجار ومخمور. سنجار المكان الذي يعيش فيه الأيزيديون، الذين عانوا الإبادة الجماعية لداعش. 

أما مخمور فليست بعيدة عن كركوك، وهي منطقة يوجد بها مخيم لاجئين للأكراد. وتتهم تركيا حزب العمال الكردستاني بإنشاء قواعد في هذه الأماكن، لكن السكان يقولون إن أنقرة استهدفت مدنيين ونشطاء محليين.

 

طائرات من دون طيار في العراق وإيران وغزة

 في السنوات الأخيرة، تعرضت القاعدة التركية في بعشيقة لنيران صاروخية متكررة. وهذه الهجمات تشبه الهجمات الصاروخية، التي استهدفت القوات والمنشآت الأمريكية في العراق. 

وعادة ما تكون الصواريخ من نوع 107 ملم التي تطلق من شاحنات. كما لجأت الميليشيات الموالية لإيران في العراق بشكل متزايد إلى استخدام الطائرات من دون طيار على غرار طائرات الكاميكازي من دون طيار، التي يستخدمها الحوثيون وحماس في غزة. واستهدفت هذه القوات أربيل والقوات الأمريكية في منشآت مختلفة وحتى منزل رئيس الوزراء.

يذكر أحدث تقرير من تسنيم الإخبارية، استخدام ست طائرات من دون طيار في الهجوم. 

وذكر التقرير أن أحرار "سنجار" هي المجموعة التي تقف وراء الهجوم. تقول وسائل الإعلام: "لقد حذرنا من عواقب غزو تركيا المستمر للعراق وملاذاته الآمنة". 

وغالبًا ما تتحدث وسائل الإعلام الإيرانية عن هذه الحوادث، عندما تكون مرتبطة بجماعات موالية لإيران، وتحصل على البيان مباشرة من المجموعة. 

وغالبًا أيضًا ما تصنع الجماعات الموالية لإيران في العراق أسماء مزيفة جديدة لأنفسهم، لإنكار يكون معقولًا للمتابعين، بحيث لا يمكن استهداف المجموعة الجديدة، لأنها قد لا تكون موجودة،  قد تكون بديلًا لمجموعة موجودة.

جاء في بيان "جماعة أحرار سنجار الجديدة" أن "عمليتنا تمت ردًا على العدوان الأخير على أطراف كركوك ودهوك". 

وأكدت المجموعة أن "هذه الطائرات المسيَّـرة أصابت الأهداف المقصودة بدقة عالية، ما أدى إلى تكبد المحتلين خسائر مادية وبشرية". 

وقالت وكالة تسنيم الإخبارية إن "بعض المصادر العراقية تقول إن جنديين تركيين ومقاولاً بالجيش التركي قُتلوا في غارة بطائرة مسيَّرة".

وأشارت وسائل إعلام رووداو في أربيل إلى أن "طائرة مسيَّرة استهدفت -ليل السبت- قاعدة عسكرية تضم القوات التركية شمالي العراق، ما أسفر عن قتل شخص، مع استمرار الهجوم التركي على حزب العمال الكردستاني المتمركز في جبال إقليم كردستان.

ولم يذكر هذا التقرير ست طائرات مسيَّرة، ويبدو أنه يربط الهجوم بالصراع التركي مع حزب العمال الكردستاني. 

وقال محمد أمين، رئيس بلدية ناحية زليكان حيث تقع القاعدة، لشبكة روداو الإعلامية –السبت- إن "طائرة مسيَّرة سقطت على القاعدة التركية الليلة وأصابت شخصًا توفي لاحقًا". 

وبحسب روداو، فإن القتيل في الهجوم كان طاهيًا في القاعدة وهو من إقليم كردستان.

 

ماذا يعتقد الناس؟

 نشرت تقارير على الإنترنت عن الهجوم، أنه جاء ردًا على "الاحتلال" التركي والعمليات شمالي العراق، وتدعي المنشورات أن الهجمات ستستمر. 

بعض الذين ينشرون عن هذا الموضوع، من أنصار إيران وكتائب حزب الله في العراق، وربط أحد المنشورات اسم الجماعة بالأقلية اليزيدية في العراق، إذ استهدفت الضربات الجوية التركية سنجار حيث يعيش اليزيديون.

وينتمي بعض اليزيديين إلى وحدات مقاومة سنجار التي هاجمتها تركيا في الماضي. وتقول أنقرة إن هذه الجماعات مرتبطة بحزب العمال الكردستاني. 

الأسابيع الماضية اندلعت اشتباكات بين وحدات المقاومة في سنجار والجيش العراقي، وفر الآلاف، ويعتقد البعض أن تركيا شجعت العراق على مواصلة هذه الاشتباكات.

ودخل الجيش العراقي سنجار في أكتوبر 2017 بعد استفتاء كردستان، ما دفع البشمركة الكردية إلى الرحيل. ومع ذلك، فإن وحدات المقاومة في سنجار، التي كانت تقاتل داعش، بقيت في الخلف. 

وقالت مصادر في ذلك الوقت، إن  وحدات المقاومة في سنجار وفصائل يزيدية أخرى، قررت العمل مع القوات الفيدرالية العراقية، وكذلك الجماعات المرتبطة بالحشد الشعبي.

 ضغطت تركيا على العراق لطرد حزب العمال الكردستاني من سنجار، وادعى العراق مرات عدة بين عامي 2018 و2020 أن  مسلحين غادروا سنجار. 

وواصلت تركيا قصف المنطقة بزعم تهديدات "إرهابية"، حتى أن تركيا هددت باجتياح هذه المنطقة.

تعود ادعاءات التنسيق بين الحشد الشعبي وحزب العمال الكردستاني إلى سنوات، ففي الوقت الذي أعقب دخول الجيش العراقي سنجار، نمت هذه المزاعم، حتى أن تركيا زعمت في ديسمبر 2020 أن أعضاء حزب العمال الكردستاني انضموا إلى الحشد الشعبي. 

وزعمت صحيفة ديلي صباح التركية -الموالية للحكومة في ذلك الوقت- أن محافظ منطقة سنجار، محما خليل، قال إنه لا يوجد ما يشير إلى انسحاب إرهابيي حزب العمال الكردستاني من شمالي العراق، على النحو المتوخى في الاتفاقية المدعومة من الولايات المتحدة.

 وأضافت تقارير أن أغلبية إرهابيي حزب العمال الكردستاني انضموا إلى الحشد الشعبي. ونقلت صحيفة يني شفق التركية اليومية عن خليل قوله: "قد تتسلل مجموعة من الإرهابيين إلى تلعفر وكركوك أيضًا، وذلك يناسب رواية أنقرة اليمينية المتطرفة الموالية للحكومة، التي تريد ذريعة لغزو سنجار. 

قبل أيام من هجوم الطائرة من دون طيار، زعم بيان جرى تقديمه إلى وكالة أنباء الأناضول التركية أن "الحشد الشعبي يدعم حزب العمال الكردستاني في سنجار".

 

ماذا تقول وسائل الإعلام الإيرانية؟

 اللافت في أنباء الهجوم على القاعدة التركية، مدى تركيز وسائل الإعلام الإيرانية على الهجوم والاحتفاء به على ما يبدو. 

وتقول إرنا في إيران إن تركيا تنتظر المزيد من الهجمات، وأشارت تقارير إلى "جودة" الطائرات من دون طيار. تشير هذه التقارير أيضًا إلى "الدقة الكبيرة" للطائرات من دون طيار، وتشير كذلك إلى أن بيان "أحرار سنجار" لم يحدد نوع ولا عدد الطائرات المسيَّـرة، ما يعني أن وسائل الإعلام الإيرانية حصلت على الرقم بطريقة أخرى.

المعنى الضمني أن وسائل الإعلام الإيرانية تدعم هذه الحملة. 

بينما تحدثت وسائل الإعلام الكردية عن التوترات بين حزب العمال الكردستاني وتركيا، فإن وسائل الإعلام الإيرانية تسلِّط الضوء على حقيقة أن تركيا تحتل شمالي العراق، وهو ما أثار غضب بغداد منذ سنوات. 

وقالت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" إن "وجود الجيش التركي في عمق العراق وإقامة أكثر من 40 قاعدة على الأراضي العراقية، أثارا حساسية كبيرة لدى الجماعات العراقية، خاصة مجموعات المقاومة العراقية. 

تضاف إلى ذلك الهجمات شبه اليومية للمروحيات والمقاتلات والطائرات من دون طيار التركية على شمالي العراق، لاسيما على دهوك في إقليم كردستان، حيث تدعي تركيا أن قوات حزب العمال الكردستاني متمركزة هناك، فإن ذلك قدَّم ذريعة لأنقرة لمواصلة هجماتها على شمالي العراق".

وأطلقت الصواريخ على قاعدة بعشيقة، في أبريل ويناير، وكذلك مرات عدة قبل ذلك.

أواخر أبريل، ذكر تقرير أن تركيا استخدمت طائرة من دون طيار لاستهداف الميليشيات الموالية لإيران. تشير هذه الهجمات الصاروخية والتوترات المتزايدة، إلى أن القاعدة أصبحت نقطة اشتعال.

 كما أن تركيا قلقة من الرد المباشر على الموالين لإيران. ويبدو أن حقيقة أن سنجار أصبحت موقع اشتباكات جديدة بين الجيش العراقي واليزيديين، تجعل من المشكوك فيه ما إذا كانت إيران ستعمل بعد ذلك مع الجماعات الأيزيدية في سنجار أو الجماعات التابعة لحزب العمال الكردستاني لمهاجمة القاعدة التركية.

 قد يكون إنشاء "مجموعة" جديدة تسمى أحرار سنجار ذريعة لهم لضرب تركيا الآن، بدعوى الرد على هجمات تركية أخرى، لأن تعبئة أنقرة وسائل إعلامها لإلقاء اللوم على حزب العمال الكردستاني أسهل بالنسبة لها من لوم إيران.

 وهكذا يصبح العراق ساحة معركة بالوكالة، سيناريو آخر هو أنه في أعقاب الاشتباكات، بين الجيش العراقي وميليشيا وحدات المقاومة في سنجار، سعى الحشد الشعبي إلى تحويل الإحباط من الاشتباكات، بالعمل على تشجيع الهجمات على القاعدة التركية.

أما احتفاء وسائل التواصل الاجتماعي الموالية لإيران بالهجوم، فيشير إلى زاوية تفيد إيران بطريقة ما.