جدري القرود... تحذيرات من تأثير الفيروس على الصحة الجنسية

اكتُشفت أغلبية حالات المملكة المتحدة في الرجال المثليين وثنائيي الجنس، ما دفع وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة إلى تقديم المشورة لهم، ليكونوا على دراية بأي طفح جلدي أو آفات غير عادية

جدري القرود... تحذيرات من تأثير الفيروس على الصحة الجنسية

السياق

وسط مخاوف من انتشار سريع لفيروس جدري القرود، الذي ظهر في 12 دولة على الأقل حتى الآن، باتت طريقة انتقال العدوى وتأثيرها في الوظائف الحيوية لجسد الإنسان، هاجس الأطباء ومنظمة الصحة العالمية.

تلك المخاوف تجسدت في تحذيرات أطلقتها الجمعية البريطانية للصحة الجنسية وفيروس نقص المناعة البشرية، أعربت فيها عن قلقها من تأثير العدوى الفيروسية في خدمات الصحة الجنسية بالمملكة المتحدة، بعد أن يضطر الموظفون الذين يتعاملون مع المصابين إلى العزل.

وبحسب مجلة نيوزويك، فإن جدري القرود يمكن أن ينتشر عندما يكون شخص ما على اتصال وثيق بمصاب، حينها يمكن للفيروس أن يدخل الجسم عن طريق الجلد المكسور أو العينين أو الأنف أو الفم، كما ينتقل عن طريق ملامسة الجلد أثناء ممارسة الجنس.

وقالت المجلة الأمريكية: اكتُشفت أغلبية حالات المملكة المتحدة في الرجال المثليين وثنائيي الجنس، ما دفع وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة إلى تقديم المشورة لهم، ليكونوا على دراية بأي طفح جلدي أو آفات غير عادية.

 

عواقب أكثر خطورة

وأشارت إلى أنه رغم أن معظم الحالات كانت خفيفة، فإن للمرض عواقب أكثر خطورة على الصغار والحوامل والذين يعانون ضعفًا في جهاز المناعة.

وقال وزير الصحة البريطاني، ساجد جافيد، يوم الجمعة، إن المملكة المتحدة كانت تخزن جرعات من لقاح الجدري، للمساعدة في حماية بعض المجموعات من الفيروس، لأن فيروسات الجدري وجدري القردة متشابهة.

وقال الخبير في الأمراض المعدية جيمي ويتوورث من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، إن هناك حاجة ملحة لمعرفة ما إذا كان تفشي المرض ينتشر بشكل مختلف من خلال الاتصال الجنسي.

وأضاف: «يمكنك أن تتخيل أن امرأة تعيش في المنزل نفسه، وتتشارك الأواني وما إلى ذلك مع شخص يحتضنها، يمكن أن تصاب بالعدوى، لكننا لم نر ذلك حتى الآن (...) هذا ما يجعلنا نشك قليلاً في أن ذلك ربما يكون نقلًا جنسيًا، نحن بحاجة إلى اكتشاف ذلك، لأنه إن حدث سيكون أمرًا جديدًا لم نشهده».

 

مثليو الجنس

ووفقًا للمعلومات التي نشرتها منظمة الصحة العالمية، جرى تحديد الحالات بشكل رئيس وليس حصريًا، بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، الذين يبحثون عن الرعاية في عيادات الرعاية الأولية والصحة الجنسية.

وأفادت منظمة الصحة العالمية بأنه بينما لا تزال التحقيقات جارية، فإن الحالات المبلغ عنها -حتى الآن- ليس لها روابط سفر ثابتة إلى المناطق الموبوءة، بينما يتوقع المسؤولون في منظمة الصحة العالمية الإبلاغ عن حالات إضافية.

وقالت المنظمة، في بيان السبت: «الوضع آخذ في التطور وتتوقع منظمة الصحة العالمية أنه سيكون هناك المزيد من حالات الإصابة بجدري القرود، التي جرى تحديدها مع توسع المراقبة في البلدان غير الموبوءة».

وأشارت إلى أن «الإجراءات الفورية تركز على إعلام أولئك الذين قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بجدرى القرود بمعلومات دقيقة، لوقف انتشار المزيد»، مؤكدة أن الأدلة المتوافرة حاليًا تشير إلى أن الأكثر تعرضًا للخطر هم أولئك الذين كانوا على اتصال جسدي وثيق بمصاب بجدرى القرود، بينما تظهر عليهم الأعراض.

ويوم الجمعة، ذكّرت منظمة الصحة العالمية الجمهور بأن أي شخص، بصرف النظر عن ميوله الجنسية، يمكن أن يصاب بجدرى القرود من «الاتصال الوثيق»، محذرة من تفكير الناس بأنه ينتشر بين الرجال المثليين وثنائيي الجنس فقط.

ويتوقع المسؤولون، في منظمة الصحة العالمية، تقديم إرشادات لمقدمي الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية، وغيرهم من المعرضين لخطر الإصابة بجدري القرود، في الأيام المقبلة.

خدمات الصحة الجنسية

من جانبها، أعربت الدكتورة كلير ديوسناب، رئيسة الجمعية البريطانية للصحة الجنسية وفيروس نقص المناعة البشرية، عن قلقها من تأثير العدوى الفيروسية في الخدمات، مشيرة إلى أن العاملين بالعيادة يتعرضون لضغط كبير قبل معرفة جدري القرود.

وأضافت ديوسناب، أنها تعمل على استنفاد القوة العاملة وسيكون لها تأثير هائل إذا اضطر الموظفون إلى العزل إن كانوا على اتصال وثيق بمصاب.

وقالت رئيسة الجمعية البريطانية لراديو بي بي سي 4: «في ما يتعلق بالعدوى وعواقبها على الأفراد، لست قلقة، لكنني قلقة من قدرتنا على الحفاظ على خدمات الصحة الجنسية الجيدة وإمكانية الوصول إليها للجميع مع الاستمرار في إدارة هذه العدوى الجديدة».

ودعت إلى التمويل الكافي لخدمات الصحة الجنسية، التي قالت إنها تعرضت لتخفيضات في ميزانياتها خلال العقد الماضي، مضيفة أن القدرة على رؤية الناس بسرعة كانت مهمة عند التعامل مع العدوى.

في غضون ذلك، وصف البروفيسور السير بيتر هوربي، مدير معهد علوم الأوبئة بجامعة أكسفورد، تفشي مرض جدري القردة بأنه «حالة غير عادية»، لأن الفيروس ينتقل داخل المجتمعات خارج وسط وغرب إفريقيا.

وقال لبرنامج توداي على إذاعة بي بي سي 4: «إنه ينتقل عن طريق الاتصال المباشر بين الأشخاص، وفي الماضي لم نر أنه شديد العدوى»، مضيفًا: «ما هو غير عادي بشأن ما نراه هو أننا نشهد انتقال العدوى في أوروبا، والآن في بلدان أخرى، لذلك فهو وضع غير عادي، حيث يبدو أننا تعرضنا للفيروس ولكن لدينا الآن انتقال مستمر في حدود مجتمعات معينة».

وأضاف: «يبدو أن هناك أحد عناصر الانتقال الجنسي، ربما فقط من خلال الاتصال الوثيق جدًا بين الناس والآفات الجلدية، لأن نسبة كبيرة من الحالات الحالية تُكتشف عند الرجال المثليين وثنائيي الجنس».

وتابع: «لذا من المهم جدًا أن ننقل رسالة مفادها أنه إذا كان لدى الأشخاص آفات جلدية غير عادية، فإنهم يلتمسون الاهتمام بسرعة حتى نتمكن من التحكم في ذلك».

وقالت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحد،ة إن العدوى يمكن أن تنتقل من خلال «الاتصال الوثيق أو الاتصال بالملابس أو البياضات التي يستخدمها مصاب بجدرى القرود».

 

أعراض جدري القرود

تشمل أعراض جدري القرود، الحمى والصداع وآلام العضلات وآلام الظهر وتضخم الغدد الليمفاوية والقشعريرة والإرهاق، ويمكن أن يتطور الطفح الجلدي، وغالبًا ما يبدأ على الوجه، ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، بما في ذلك الأعضاء التناسلية، ثم يتغير الطفح الجلدي ويمر بمراحل مختلفة، ويمكن أن يشبه جدري الماء، قبل أن يتشكل في النهاية قشرة تسقط لاحقًا.

وعادة ما تكون الأعراض خفيفة وتنتهي من أسبوعين إلى أربعة أسابيع، رغم إمكانية حدوث الحالات الشديدة في بعض الأحيان.

وتقول عيادة Soho's 56 Dean Street، المتخصصة في خدمات عملاء LGBT، فضلاً عن علاج المثليين جنسياً، عبر موقعها على الإنترنت: «من فضلك لا تذهب إلى عياداتنا مع ظهور أعراض جدري القرود.. اتصل بنا حتى نتمكن من تقييمك أولاً قبل أن تحضر».

وقالت العيادة المركزية في لندن لصحيفة إندبندنت، إن المواعيد غير الرسمية اقتصرت على حالات الطوارئ، لما يزيد قليلاً على عامين، لكن ليس بسبب تفشي جدري القرود.

وقال أحد الموظفين إن الزيارات اقتصرت على ضحايا الاعتداء الجنسي، أو أولئك الذين يحتاجون إلى وسائل منع الحمل الطارئة، بسبب جائحة كورونا.

كما طالبت عيادة روزهيل -في سوتون، جنوب لندن- بضرورة بقاء الذين تظهر عليهم أعراض جدري القرود، أو الذين تعرضوا للفيروس في المنزل.

ويقول موقع العيادة: «من فضلك لا تذهب إلى العيادة إذا كنت تعاني الحمى والطفح الجلدي، أو كنت على اتصال بأي مصاب بجدري القرود».