في أول رحلة لإفريقيا.. بلينكن يواجه أسئلة عن النفوذ الأمريكي في أزمات القارة
أوضحت الصحيفة أن الحرب في إثيوبيا، الدولة التي كانت في يوم من الأيام شريكاً استراتيجياً وثيقاً للولايات المتحدة، معلقة على المناقشات في كينيا، المتاخمة لأديس أبابا من الجنوب

ترجمات-السياق
تأتي زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأولى إلى إفريقيا، بعد مرور أكثر من عام على سقوط إثيوبيا في الحرب الأهلية التي أودت بحياة الآلاف، وتركت ما يقرب من مليون شخص على شفا المجاعة، وهددت بزعزعة الاستقرار في منطقة واسعة من شرق إفريقيا، بحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
وقال بلينكن، في مؤتمر صحفي، بالعاصمة الكينية نيروبي: "إننا نشعر بقلق عميق من تصاعد العنف، واتساع نطاق القتال في جميع أنحاء البلاد، وهو ما نراه خطراً متزايداً على وحدة البلاد وسلامتها".
وذكرت "واشنطن بوست" أن بلينكن سيتوجه إلى نيجيريا، حيث من المتوقع أن يلقي خطابًا عن العلاقات الأمريكية الإفريقية قبل زيارة السنغال.
وأوضحت الصحيفة أن الحرب في إثيوبيا، الدولة التي كانت في يوم من الأيام شريكاً استراتيجياً وثيقاً للولايات المتحدة، معلقة على المناقشات في كينيا، المتاخمة لأديس أبابا من الجنوب.
وأدانت وزارة الخارجية الأمريكية مراراً، الفظائع التي يُزعم ارتكابها من القوات الحكومية الإثيوبية وحلفائها، وحصار إقليم تيغراي، الذي تسعى فيه الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي إلى عزل رئيس الوزراء آبي أحمد.
ووفقاً لما نقلته الصحيفة عن مطلعين على الأمر، فإن بعض مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية يضغطون لإعلان أن ما يحدث في أديس أبابا إبادة جماعية، رداً على روايات التطهير العِرقي في البلاد، لكن لم يُتخذ قرار نهائي في الأمر، إذ قال بلينكن إن الولايات المتحدة ما زالت تبحث حقائق الفظائع التي ارتُكبت هناك مؤخراً.
ورأت الصحيفة أن الحكومة الإثيوبية ستنظر إلى مثل هذا الإعلان على أنه خيانة، وإشارة إلى أن واشنطن نزعت عنها شرعيتها، وانحازت بدلاً من ذلك إلى المتمردين الذين يريدون إطاحتها، لكن بلينكن شدد على رأيه بأن آبي أحمد "انتُخب على النحو الواجب".
وفي كينيا، التقى بلينكن الرئيس أوهورو كينياتا، الذي تأمل وزارة الخارجية الأمريكية أن يكون مبعوثًا إقليميًا في الضغط لوقف إطلاق النار في أديس أبابا، إذ سافر كينياتا إلى هناك يوم الاثنين، وكان من المتوقع أن يعود مرة أخرى بعد زيارة بلينكن.
دخلت منطقة القرن الإفريقي التي تضم إثيوبيا والصومال والسودان في اضطرابات شديدة، في وقت كانت الحكومة الأمريكية تأمل فيه نجاح دعمها لإرساء الديمقراطية في المنطقة، حسب الصحيفة.
وتابعت: "في إثيوبيا، سرعان ما تلاشت النشوة النابعة من حصول آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام لعام 2019 بعد عقده اتفاق سلام مع إريتريا المجاورة بسبب الحرب، وانتهاكات الجيش الإريتري، الذي يقاتل إلى جانب آبي أحمد الآن، وبجانب فرضها العقوبات، سحبت واشنطن مساعدتها الأمنية للبلاد".
أما في الصومال، فقد تأخرت الانتخابات التي طال انتظارها، وأدت الخلافات على إجراءاتها، إلى أعمال عنف في شوارع العاصمة مقديشو، ورغم تدفق مليارات الدولارات من المساعدات، فإن البلاد غير مستقرة، حيث تسيطر حركة الشباب، التابعة لتنظيم القاعدة، على معظم مناطقها الريفية وتشن هجمات في المدن بشكل شبه يومي.
وفي السودان، بددت الإجراءات الأخيرة، الآمال في الاعتماد على الحكومة الانتقالية المدنية العسكرية الهشة، للتحرك نحو إجراء انتخابات ديمقراطية، إذ لا يزال الزعيم المدني للبلاد، عبدالله حمدوك، قيد الإقامة الجبرية بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الإجراءات التي أصدرها الفريق أول عبدالفتاح البرهان قائد الجيش السوداني.
و التقى حمدوك والبرهان مسؤولين أمريكيين هذا الأسبوع، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك أي تقدم في تأمين إطلاق سراحه وإعادته إلى منصبه، وهو ما أعلنت وزارة الخارجية أنه هدفها.
وفي كينيا، حذر بلينكن من أن العالم يشهد "ركوداً ديمقراطياً" يقوِّض فيه الفاعلون السيئون المؤسسات وعمل الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، وقال: "حتى الديمقراطيات النابضة بالحياة مثل كينيا تعاني هذه الضغوط، لا سيما في وقت الانتخابات".
وأعرب بلينكين عن اهتمامه بالاستماع إلى صراعات الكينيين مع الفساد والإصلاح، وأكد أن بلاده تواجه قضايا فساد، وقال: "الولايات المتحدة ليست في مأمن من هذا التحدي، فقد رأينا هشاشة ديمقراطيتنا أيضاً".
ووفقاً للصحيفة، دُعيت البلدان المدرجة في برنامج رحلة بلينكن إلى إفريقيا، لحضور قمة الديمقراطية في البيت الأبيض، التي تمثل نقطة محورية في جهود إدارة الرئيس جو بايدن، لإظهار أنها تضع حقوق الإنسان في قلب سياستها الخارجية، على عكس إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
ورأت "واشنطن بوست" أن هذه القمة تأتي في وقت محبط لمؤيدي الديمقراطية في القارة، حيث أدت سلسلة من الانقلابات العسكرية في دول مثل غينيا وتشاد ومالي، إلى إفساد جهود ترسيخ المكاسب الديمقراطية.
ولفتت الصحيفة، إلى أنه ستكون هناك مراقبة لمقاربات بلينكن للحكومات الإفريقية، التي يعد القائمون عليها شركاء موثوقين لواشنطن لكن لديهم ميول استبدادية، لا سيما خلال خطابه المتوقع في العاصمة النيجيرية، أبوجا، الذي سيعبِّـر خلاله عن رؤيته للقارة.