مسنة بريطانية ماتت جوعًا وزوجها أصيب.. مأساة عائلة بريطانية في الخرطوم

رغم أن منزل المسنين، كان على بعد أمتار من البعثة الدبلوماسية البريطانية في الخرطوم، فإنها لم تقدم لهما أي مساعدة، رغم قدوم قوة عسكرية من القوات الجوية الملكية البريطانية، لإجلاء الموظفين الدبلوماسيين، بعد أسبوع من بدء القتال

مسنة بريطانية ماتت جوعًا وزوجها أصيب.. مأساة عائلة بريطانية في الخرطوم
عائلة شلقمي

السياق

نهاية مأساوية لزوجين بريطانيين في السودان، بعد أن تخلت السفارة البريطانية في الخرطوم عن مساعدتهما عقب اندلاع الحرب في البلاد.

المواطن البريطاني عبدالله شلقمي (85 عامًا)، أصيب برصاص  قناصة في يده وصدره وأسفل ظهره، بينما كان يبحث عن وسيلة للمساعدة وأي طعام من أجل زوجته (80 عامًا) التي تعاني إعاقة وتوفيت بعد أيام، من شدة الجوع وحيدة في منزلها.

ويشهد السودان منذ 15 إبريل، مواجهات مسلحة بين القوات المسلحة بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".

"بي بي سي" سلطت الضوء -في تقرير- على مأساة شلقمي وحرمه، وتواصلت مع عائلتهما التي اتهمت السفارة البريطانية بالتخلي عنهما.

ورغم أن منزل المسنين، كان على بعد أمتار من البعثة الدبلوماسية البريطانية في الخرطوم، فإنها لم تقدم لهما أي مساعدة، رغم قدوم قوة عسكرية من القوات الجوية الملكية البريطانية، لإجلاء الموظفين الدبلوماسيين، بعد أسبوع من بدء القتال.

وقالت أزهار حفيدة عبدالله شلقمي، إلى "بي بي سي" إ ن سفارة المملكة المتحدة كانت "على بعد أربع خطوات كحد أقصى".

وأضافت: "علمت أن لديهم 100 جندي أجلوا موظفيهم، لم يتمكنوا من عبور الطريق لمساعدة جدي وجدتي"، مؤكدة أنها تشعر  بخيبة أمل.

وحسب تقرير "بي بي سي" فإن السفارة طلبت من الزوجين أن يذهبا إلى مطار على بعد 40 كيلومترًا خارج الخرطوم، لإجلاء الرعايا، ما يعني عبور منطقة حرب، وهو ما كان مستحيلًا بالنسبة لهما.

وحسب التقرير، فإن  وزارة الخارجية البريطانية وصفت قضية شلقمي "صاحب فندق لندن" بالحزينة للغاية.

 

جريمة ضد الإنسانية

وقالت الوزارة إلى "بي بي سي": "قدرتنا على المساعدة القنصلية محدودة للغاية، ولا يمكننا تقديم دعم شخصي داخل السودان".

وقد خرج شلقمي ليحصل على أي مساعدة غذائية وماء، لكنه أصيب برصاص القناصة في حي السفارات، الذي شهد قتالًا عنيفا في أول أيام الاشتباكات، ونُقل إلى أحد أفراد أسرته في جزء آخر من الخرطوم.

ورغم الاتصالات المتكررة من أسرة الجدة "علوية رشوان" للخط الساخن لوزارة الخارجية البريطانية" لمساعدة السيدة المسنة، فإن تجاهل السفارة جعلها تفقد حياتها جوعًا، ليعثر عليها -بعد بضعة أيام- مسؤول في السفارة التركية جثة هامدة.

ووصفت الحفيدة أزهار إلى ما حدث لجدها وجدتها بالجريمة ضد الإنسانية، من موظفي السفارة البريطانية، إضافة إلى القوات المتقاتلة في السودان.

وعن مصير الجد المصاب روت "بي بي سي" أنه تمكن من الفرار إلى مصر، حيث تلقى العلاج اللازم وقد أجرى له نجله الطبيب عملية جراحية عاجلة في الخرطوم، من دون تخدير، لأن الوضع الصحي في السودان شبه منهار.

 

وضع صحي حرج

وحولت المعارك -التي لم تفلح معها محاولات التهدئة- الخرطوم ومدنًا أخرى إلى ميادين حرب مفتوحة، وأعاقت تقديم الرعاية الصحية وعمل الأطباء، ووضعتهم تحت ضغوط قوية.

واستهدفت المستشفيات في كثير من الأحيان والفرق الطبية.

وفي آخر تصريح له عن السودان، ندد مبعوث الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، بالانتهاكات الكثيرة والخطيرة، للاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف المتحاربة بشأن تجنيب المدنيين والبنى التحتية المعارك، والسماح بدخول المساعدات التي هناك حاجة ماسة إليها.

وأبلغت منظمة أطباء بلا حدود، بتعرض مستودعاتها في الخرطوم لهجوم.

وشدد غريفيث على ضرورة زيادة المساعدات بشكل كبير، للاستجابة للوضع المتصاعد في السودان، منذ اندلاع الصراع في 15 أبريل، بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان ونائبه السابق محمد حمدان دقلو الذي يقود قوات الدعم السريع.

 

"رقم مخزٍ"

أسفر النزاع في السودان عن أكثر من ألف قتيل، معظمهم في الخرطوم وحولها، وكذلك في إقليم دارفور الغربي المضطرب منذ فترة طويلة، بينما شردت المعارك أكثر من مليون.

وقالت الأمم المتحدة  إن نِصف سكان السودان يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وإن هناك حاجة إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار هذا العام وحده، لتقديم مساعدات عاجلة داخل البلاد، ولأولئك الذين يفرون عبر الحدود.

ونظرًا للاحتياجات الهائلة، أصر غريفيث على أن هذا مجرد "نداء متواضع جدًا"، لحث المانحين على الإسراع بالتحرك.

وقدّر برنامج الأغذية العالمي خسائره، منذ اندلاع النزاع، بنحو 56 مليون دولار بسبب تعرض المواد الغذائية والمركبات والوقود للنهب. وقال غريفيث: "هذا رقم كبير وصادم... ومخزٍ".