تراث أم اقتباس.. كيف رد الخبراء على أزمة غادة والي والفنان الروسي؟

تقول نقيبة الفنانين التشكيلين في مصر، في تصريحات لـ'السياق'، إن بصمة الفنان الروسي وتجربته واضحتان في أعماله، مُرجحة أن ما حدث من غادة والي قلة خبرة.

تراث أم اقتباس.. كيف رد الخبراء على أزمة غادة والي والفنان الروسي؟
غادة والي

تقرير: حسن حمدي سليم

للمرة الثانية خلال عام، يتهم الفنان الروسي جورجي كوراسوف، مصممة الجرافيك المصرية غادة والي، بسرقة أعماله واستغلالها في أعمال تجارية، من دون الرجوع إليه، معلنًا لجوءه للقضاء ثانية، لكن تلك المرة في الولايات المتحدة.

ويقول كوارسوف -لوسائل إعلام مصرية- إن غادة والي استخدمت إحدى لوحاته في حملة دعائية لصالح شركة مشروبات غازية بمصر، وإنه سيتجه إلى القضاء الأمريكي، حيث مقر الشركة.

في الوقت نفسه، شدد على أنه ينتظر حكم القضاء المصري في قضية جدارية محطة مترو كلية البنات في مصر قبل نحو عام، التي أزالها المترو واعتذر عنها حينها.

سرعان ما ردت غادة والي، على اتهامات الفنان الروسي، قائلة إنه يحاول تسويق نفسه في مصر، وإنها استلهمت أعمالها من التراث المصري، ولا دخل لأعماله بما قدمته.

لكن الخبراء لم يوافقوها ورأوا أن ما قدمته نقل صريح، وحتى أكثر الرحماء بها وجد الأمر "قلة خبرة"، وهو رأي د. صفية القباني نقيبة الفنانين التشكيلين في مصر.

قلة خبرة

وأشارت صفية القباني -في تصريحات خاصة لـ "السياق"- إلى أن بصمة الفنان الروسي وتجربته واضحتان في أعماله، مُرجحة أن ما حدث من والي قلة خبرة ونتاج لفريق عمل بمكتب جرافيك لم يدرك الاختلاف بين التراث والأعمال الفنية الخاصة بالفنانين، لاسيما إن كانوا في عجلة من أمرهم لإنجاز مشروع ما.

كانت نقابة الفنانين المصريين، أصدرت بيانًا مقتضبًا تؤكد فيه أن غادة والي ليست عضوًا لديها، وأنها تسأل وحدها عما ينسب إليها من أفعال.

وتوضح صفية القباني أن رسم المصري القديم له قواعد لا يجوز تجاهلها، منها أن تكون العين أمامية والصدر كذلك، بينما القدم والوجه جانبيان.

"المصري القديم وضع تلك القواعد لتظهر جماله ورشاقته، وهي تراث حضاري مصري، والفنان الروسي نفذ تلك النسب، لكنه وضعها في أسلوبه الخاص، من تحليل الجسم والقالب الذي اختاره" تشرح أستاذة الجداريات ونقيبة الفنانين التشكيلين بمصر كيفية توظيف التراث في الأعمال الفنية.

تغيير معيب

من جهتها، رأت د. مروة زكي، من كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية في مصر، أنه لا يوجد عمل فني من عدم، وأن جميع الفنانين التشكيلين -على اختلاف مجالاتهم- يتأثرون سواء بالتراث أم بأعمال الغير، لكنهم يقدمونها بقوالب مختلفة عن غيرهم، وهو ما يظهر في أعمال الحضارات نفسها، التي -رغم الأسس الواحدة التي تحكمها- قُدِّمت بأساليب مختلفة.

وتضيف في تصريحات خاصة لـ " السياق" أن رسومات والي نقلت أسلوب معالجة الفنان الروسي للجسم، والنسب التي وضعها مع تغيير بعض الألوان.

الرؤية ذاتها تتبناها د. مريم الكسباني، من كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان بمصر، موضحة أن الأمر لا يحتاج لمتخصصين ويمكن حسمه بعين المتابع غير الفنان، مشيرة إلى أن غادة والي لم تضف للوحات الفنان الروسي سوى بعض الألوان الطفيفة التي أعابت ما قدمه في الأساس.

وقالت الكسباني، إن "الاستلهام يكون في تكنيك ما أو في الألوان المستخدمة وليس في العنصر نفسه، وتبريرات غادة والي بأنه تراث حضاري، وأن هناك روادًا للفنون التشكيلية أعادوا رسومات كلاسيكية مثل الموناليزا ضعيفة، وتفتقد السياق الذي أعاد  فيه كل فنان رسم الموناليزا، مثل السخرية ونقد الفن أو الافتخار بالذات، وأنه في النهاية لم يكن تقليدًا نسبه أحد لنفسه".

وترى د. مروة زكي أن الحادثة فردية، تسيء لغادة والي فقط ولمن اختارها، لكنها لا تخصل الفنانين التشكيلين، مشيرة إلى أن الحادثة تعد رادعًا لأي شخص يفكر في انتهاك حقوق الملكية بالنسبة للفنانين، وسيشجع على اللجوء للمتخصصين بشكل أكبر لاسيما عندما يتعرض الأمر لمشروع عام.

 

قواعد المصري القديم

وعن واقعة جداريات محطة المترو، تقول نقيبة الفنانين التشكيلين في مصر، إنه لم يتحدث إليهم أحد خلال العمل عليها، سواء للتنفيذ أم الإشراف أم الاستلام، وإن تلك المشاريع قدمها أساتذة كبار في الفنون التشكيلية.

وتضيف أن تصميم الجداريات له أسس يجب مراعاتها، من الارتفاع والأماكن المحيطة والزمن وعوامل التعرية، ونسبة الإضاءة وموقع الجدارية بالنسبة للمبنى، وهل هي داخلية أم خارجية.

وتختم أن الجدارية تعيش بعمر المبنى، ولا يجوز تجاهل كل تلك النسب العلمية، وأن جدارية محطة مترو كلية البنات، التي أثارت الأزمة لم يُراعى فيها التصميم المعماري والجداري أو الخامة الباقية التي تتحمل هزات المترو.