لماذا يتوقف مستقبل اقتصاد العالم على إفريقيا؟

إفريقيا، أو القارة السمراء، تمتلك اليوم المقوم الأهم لأي نهضة اقتصادية، على عكس القوى الكبرى، سواء الصين أو الغرب، بحسب مجلة فورين أفيرز.

لماذا يتوقف مستقبل اقتصاد العالم على إفريقيا؟

ترجمات - السياق

رغم أن قارة إفريقيا تعاني الفقر والتخلف، فإنها مازالت "بِكرًا" من حيث الموارد الطبيعية والقدرات البشرية الهائلة، وقد تمتلك ما لا تمتلكه اقتصادات كبيرة، ما يجعلها الأمل الأخير لمستقبل العالم، وفق مجلة فورين أفيرز الأمريكية.

وذكرت المجلة أنه خلال العقود الأخيرة، كان النمو المذهل للصين المحرك للاقتصاد العالمي، إذ عزى ربع الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى نمو الصين بين عامي 1980و2020، متجاوزة مساهمات الولايات المتحدة (22%)، والاتحاد الأوروبي (12%)، واليابان (4%).

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن العالم كان أكثر اعتمادًا على الصين بين عامي 2010 و2020، عندما كانت الولايات المتحدة وأوروبا تتعافيان من الركود الكبير، لافتة إلى أنه خلال ذلك العقد شكل نمو الصين أكثر من 40% من الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

 

أفول الصين...!

وأرجعت فورين أفيرز قصة نجاح الصين إلى طابعها الديموغرافي وتعداد سكانها الهائل، فقد أدت وفرة الأيدي العاملة الشابة، المتحمسة لاستكشاف فرص جديدة، في المدن والمناطق الاقتصادية الخاصة، إلى تعزيز الاقتصاد العالمي، لكن تلك الميزة الديموغرافية تبخرت، إذ يتجه سكان الصين نحو الشيخوخة، وسرعان ما تشهد البلاد نقصًا في الأيدي العاملة الشابة، التي كانت متوافرة.

وأشارت إلى أنه بينما تصارع الصين هذا التحدي خلال السنوات المقبلة، من المتوقع أن يتباطأ اقتصادها، لذا لن يستطيع العالم -بعد الآن- الاعتماد على الصين لتعزيز نموه.

ومع أفول نجم الصين، تساءلت المجلة الأمريكية عن المحرك الجديد لنمو الاقتصاد العالمي، الذي من المقرر أن يؤدي الدور الذي اضطلعت به بكين خلال الـ40 عامًا الماضية.

وأوضحت أنه غالبًا ما يتردد اسم الهند بوصفها "الصين التالية"، لكن يبقى ذلك احتمالاً غير مرجح، لأن الهند ستواجه قريبًا عديد القيود الديموغرافية، التي تواجهها زميلتها الآسيوية العملاقة، ومن ثمّ بدلاً من ذلك على العالم النظر إلى قارة إفريقيا.

وتشير أحدث تقديرات منظمة الأمم المتحدة إلى أن عدد سكان إفريقيا، مدفوعًا بانخفاض معدل الوفيات وارتفاع معدلات الخصوبة سينمو من 1.4 مليار نسمة إلى 2.5 مليار نسمة بحلول عام 2050.

وبينما من المرجح أن تشهد الصين واليابان وكوريا والدول الأوروبية تراجعًا حادًا في أعداد العاملين من فئة الشباب، من المقرر حدوث تباطؤ كبير في النمو الاقتصادي العالمي، ما لم يتلق تعزيزًا للإنتاجية من مليار شاب، يُضافون إلى سكان إفريقيا خلال ربع القرن المقبل.

وشددت المجلة الأمريكية على أن نشاط شباب إفريقيا يعد أمرًا حيويًا لمستقبل الاقتصاد العالمي.

وأشارت إلى أنه خلال الثلاثين سنة المقبلة، على الصين التعامل مع اتجاهات ديموغرافية قاسية، بسبب "سياسة الطفل الواحد"، التي أدت إلى انخفاض المواليد منذ عام 1980، إذ ستنخفض القوة العاملة من فئة الشباب في الصين بنسبة 40% بحلول عام 2050، أي ستتراجع بـ 300 مليون عامل.

وبينما تتقدم القوة العاملة الموجودة حاليًا في السن، ويتضاعف عدد كبار السن البالغة أعمارهم 65 عامًا فما فوق، ليس أمام الصين أي شيء لفعله حيال ذلك.

وحتى الزيادة المفاجئة في المواليد -المتوقعة العام المقبل- لن تفعل شيئًا يُذكر لإعادة تشكيل القوى العاملة من 15 إلى 20 عامًا على الأقل.

لذلك -وفق المجلة الأمريكية- تحولت أنظار العالم إلى الهند، التي تجاوز عدد سكانها الصين، لكن هذا التفاؤل في غير محله، لأنه يغفل سبب النمو السكاني المستمر في الهند، المتمثل في ارتفاع متوسط السن المتوقع، وليس ارتفاع معدلات الخصوبة.

وكما هو الحال في الصين، انخفض معدل المواليد في الهند مع تراجع معدلات الخصوبة من 4 أطفال لكل امرأة عام 1990 إلى طفلين فقط حاليًا، تمتلك الهند عددًا هائلاً من العاملين الشباب، لكن سكانها، على غرار الصين، يتقدمون في السن.

ومن المتوقع أيضًا انخفاض عدد السكان في السن المناسب للعمل، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا، بنسبة 15% (أو 40 مليون نسمة) بحلول عام 2050.

وتقدر الأمم المتحدة أن عدد سكان الهند، البالغ 1.43 مليار نسمة، سيرتفع إلى 1.61 مليار بحلول عام 2040، أي بزيادة قدرها 180 مليون نسمة، لكن العمال في سن الرشد، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و49 سنة سيشكلون أقل من ربع هذه الزيادة، أي 43 مليون شخص فقط.

في الوقت نفسه، سيزداد عدد الهنود الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا أو أكثر بأكثر من 100 مليون بين اليوم و2040، أي أكثر من ضعف حجم القوة العاملة في سن الرشد.

ورأت المجلة الأمريكية، أن هذه الأرقام "ليست وصفة لنمو اقتصادي سريع"، مشيرة إلى أنه بعد عام 2040، ستبدأ القوة العاملة في سن الرشد بالهند الانخفاض، لتنضم إلى الصين في هذا الاتجاه التنازلي.

 

صراع عالمي

وحسب "فورين أفيرز" تواجه دول عدة هذه المشكلة، إذ يواجه معظم العالم انخفاضًا في أعداد القوى العاملة الشابة خلال الـ20 عامًا المقبلة، بينما يضطر إلى الوفاء بالتزامات رعاية عدد كبير من كبار السن.

وفي ضوء إجمالي معدل خصوبة يتراوح بين 0.8 و1.3 طفل لكل امرأة شرقي آسيا، ومن 1.5 و1.7 طفل لكل امرأة في أوروبا والولايات المتحدة، ومتوسط 1.9 طفل لكل امرأة في أمريكا اللاتينية، والآن يتراجع إلى 2.0 طفل لكل امرأة في الهند، وستهيمن شيخوخة السكان وتناقص عدد السكان الشباب، على العقود المقبلة في أغلبية العالم.

بينما في المقابل، يبلغ معدل الخصوبة في إفريقيا 4.3 طفل لكل امرأة، أي تقريبًا ضعف معدل الخصوبة في بقية العالم، لكن يعكس هذا المعدل المرتفع للخصوبة، جزئيًا على الأقل، افتقار الوصول إلى التعليم.

ويتوقع عديد من الديموغرافيين أن معدلات الخصوبة هذه ستتراجع بشدة، إذا تمكنت الإفريقية من الوصول إلى تعليم ثانوي جيد، لكن في الوقت الحالي تمتلك الدول الإفريقية أحد أدنى معدلات الالتحاق بالمدارس الثانوية في العالم، بالنسبة للإناث.

ووفقًا للبنك الدولي هناك 4 إناث فقط من كل 10 في سن التعليم الثانوي في إفريقيا مسجلات في مدارس التعليم الثانوي.

ففي نصف البلدان الإفريقية البالغ عددها 54 دولة، بما في ذلك الدول الكبرى مثل أنغولا وإثيوبيا وأوغندا، أكملت أقل من واحدة من كل خمس نساء تعليمها الثانوي، وفي 11 دولة -منها غانا وموزمبيق والنيغر- تقل النسبة عن واحدة من كل عشر.

لكن هذه المعدلات المرتفعة للخصوبة، تحول قارة إفريقيا إلى آخر مركز عظيم للشباب في العالم، إذ سيولد هذا العام في إفريقيا طفل من كل 3 أطفال يولدون في العالم.

ونتيجة لذلك، عام 2040، فإن واحدًا من كل ثلاثة في العالم تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا سيكون من إفريقيا.

وبحلول عام 2050 سيكون عدد السكان من تلك الفئة العمرية في إفريقيا أكبر بخمس مرات من الموجودين في أوروبا، وأكبر من العدد الموجود في الهند والصين معًا.

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن السكان العاملين في سن الرشد بالعالم سيزدادون بـ 428 مليونًا بين عامي 2020 و2040، لافتة إلى أنه من هذه الزيادة سيكون هناك 420 مليونًا في إفريقيا وحدها، و8 ملايين في بقية العالم.

ومن ثمّ فإنه خلال الحقبة المقبلة، سيشكل الشباب الإفريقي 98 في المائة من إجمالي نمو القوى العاملة الصافي في العالم.

ونوهت المجلة إلى أنه غالبًا ما تُستخدم تلك البيانات والتوقعات في الغرب، لإثارة الخوف من الهجرة غير المنضبطة، لكن هذه طريقة مؤسفة إلى حد ما لرؤية القارة الإفريقية، مشددة على أن شباب إفريقيا لا يمثلون تهديدًا، لكنهم فرصة رائعة يتوقف عليها ازدهار العالم.

وذكّرت بأن الصين عام 1980 كانت دولة فقيرة للغاية، وأقل تطورًا حتى من إفريقيا حاليًا، إذ كان الناتج المحلي الإجمالي يبلغ حينها 423 مليار دولار، وكان نصيب الفرد منه 431 دولارًا سنويًا، أي نصف نصيب الفرد في إثيوبيا اليوم.

ولكن على مدار الـ40 عامًا التالية، زادت الصين عدد السكان في السن المناسب للعمل، بأكثر من 200 مليون شخص، وزودتهم بالأدوات اللازمة ليكونوا أكثر إنتاجية، وجذبت الاستثمار العالمي، ووسعت حجم اقتصادها أضعافًا مضاعفة.

وأوضحت المجلة الأمريكية أنه خلال العشرين سنة المقبلة، ستزيد البلدان الإفريقية عدد السكان العاملين في سن الرشد -الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا– بـ 400 مليون عامل.

وأفادت، بأنه إذا نجح نصفهم خلال الـ40 عامًا المقبلة في تحقيق زيادة الإنتاجية نفسها التي حققتها الصين، فإن الناتج المحلي الإجمالي لإفريقيا سيزيد 15 ضعفًا -أي بـ 52 تريليون دولار- وهو ما ستنجم عنه زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 60% أكثر من عام 2021.

ورغم أنه قد يبدو من غير المحتمل، أن تحقق 54 دولة في القارة الإفريقية معجزة إنتاجية تماثل معجزة الصين، فإنه عام 1980 كانت الفكرة القائلة إن الصين الشيوعية ستمتلك قريبًا اقتصادًا ينافس اقتصاد أوروبا أو الولايات المتحدة تبدو سخيفة.

وفي الوقت نفسه، كان يُنظر إلى بنغلاديش الفقيرة المكتظة بالسكان كـ "حالة ميؤوس منها"، ورغم افتقارها إلى أي من الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة الموجودة بوفرة في إفريقيا، زاد الناتج المحلي الإجمالي لبنغلاديش بـ 5 أضعاف خلال الـ30 عاماً الماضية، حيث أصبح نصيب الفرد من ناتجها المحلي الإجمالي أكبر من الهند.

ومن ثمّ، إذا استطاعت إفريقيا تحقيق مستوى نمو بنغلاديش نفسه، خلال الـ30 عامًا المقبلة، فستضيف 15 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي، وهي تقريبًا مساهمة الصين في الفترة من 1980 إلى 2020.

ورأت المجلة الأمريكية، أن الحديث عن تحقيق هذه المعدلات من النمو ليست خيالية، لافتة إلى أن منطقة إفريقيا جنوب الصحراء زادت ناتجها المحلي الإجمالي 3 أضعاف من 600 مليار دولار إلى 1.9 تريليون دولار بين عامي 1980 و2020.

وأشارت إلى أن نيجيريا ضاعفت ناتجها المحلي الإجمالي 3 مرات تقريبًا بين عامي 2000 و2020، بينما زاد الناتج المحلي الإجمالي لإثيوبيا بـ 5 أضعاف خلال تلك الفترة.

و"إذا استطاعت تلك الدول مواصلة هذا الأداء وتعزيز اقتصادات إفريقية، من خلال تكامل إقليمي أوسع نطاقًا، يمكن لجيل من الشباب الإفريقي تحقيق طفرة عالمية"، حسب المجلة الأمريكية.

وأضافت: "لا توجد منطقة أخرى في العالم يمكنها إنتاج أي شيء مثل النمو المحتمل لإفريقيا".

 

بنك أخضر

لكن لتحقيق هذا الهدف، رأت "فورين أفيرز" أن الاقتصاد العالمي مع حاجته لنمو الاقتصاد الإفريقي، بحاجة أيضًا إلى أن تسلك إفريقيا مسارًا مختلفًا عن الذي سلكته الصين.

وأشارت إلى أن العملاق الآسيوي اتبع النمط الغربي للتحول الصناعي، فتسبب النجاح الاقتصادي الصيني، المدفوع باستهلاك الفحم على مدى سنوات في كارثة بيئية، إذ تصدرت الصين قائمة أكثر الدول المسؤولة عن انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم منذ عام 2005.

ورغم أن انبعاثات الكربون في إفريقيا ضئيلة، فقد يضيف تطورها سريعًا مستويات خطيرة من غازات الاحتباس الحراري إلى الغلاف الجوي، ما يبطل فوائد خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من دول أخرى.

ومن ثمّ على إفريقيا -وفق المجلة الأمريكية- تحقيق نمو اقتصادي نظيف، سواء من حيث مصادر توليد الطاقة أم عدم تخريب المناظر والموارد الطبيعية للقارة.

ولحُسن الحظ بالنسبة لإفريقيا لا تزخر القارة بمصادر الطاقة المائية والشمسية وطاقة الرياح والمد والجزر فحسب، بل يمكنها أيضًا جني فوائد التقدم التكنولوجي الذي أسهم في تخفيض سعر الطاقة النظيفة.

وفي الواقع أصبحت الطاقة المتجددة في معظم الأماكن داخل القارة أرخص من حرق الفحم.

من المتوقع أيضًا أن تساعد الأساليب الجديدة لتخزين الطاقة على نطاق واسع، من الطاقة الكهرومائية المخزنة والغاز المضغوط إلى البطاريات والمكثفات المحسنة، في التغلب على مشكلات التقطع التي تصيب الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وبالفعل يدرك القادة الأفارقة الحاجة إلى التنمية النظيفة، إذ يقدم بيان كيغالي -الذي وقعته عشر دول إفريقية في مايو 2022- "ضمان انتقال عادل ومنصف للطاقة في إفريقيا".

كما اقترحت الخبيرة في مجال سياسات الطاقة والبيئة، كيلي سيمز غالاغر، إنشاء "بنك أخضر"، وهي مؤسسة شبيهة بالبنك الدولي تتخصص في تمويل مشاريع الطاقة النظيفة الصديقة للبيئة في الدول النامية، من خلال منح وقروض ذات فائدة منخفضة.

وتركز معظم الجهود المبذولة حاليًا لمعالجة أزمة تغير المناخ، على الحد من انبعاثات أكبر منتجي الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

ورغم أن النجاح في خفض جزء من تلك الانبعاثات ضروري، فإنه سيكون عديم الجدوى ما لم تجد الاقتصادات الأسرع نموًا في العالم مسارًا أنظف للنمو الاقتصادي.

وطالبت المجلة، الأجانب -الذين ينظرون إلى إفريقيا اليوم- رؤية الإمكانات الكامنة وراء العقبات المعترضة طريق النمو، من دون إغفال تلك العقبات، لافتة إلى أنه "رغم أن كثيرًا من المساعدات التنموية لإفريقيا قد أهدرت إلى حد كبير، لكن ذلك لأن تلك المساعدات غالبًا ما توجه إلى مشروعات مصممة لتعزيز مصالح القادة، بدلاً من ضخها في استثمارات تلبي احتياجات السوق المحلية وتعزز النمو الاقتصادي".

فقد أثبتت تجربة الصين نجاح بعض التدابير، مثل إنشاء مناطق اقتصادية خاصة والتركيز على التعليم والبنية التحتية والقدرة التنافسية الدولية وتبني سياسات تخضع المسؤولين المحليين للمساءلة، حال حدوث أي خلل.

وشددت المجلة على أن الدول الإفريقية تحتاج إلى العمل مع بعضها لتهيئة مناخ مؤسسي أكثر تكاملاً، يجذب استثمارات القطاع الخاص الأجنبي.

وبينت أن مؤسسات خيرية، مثل "بيل وميليندا غيتس"، أظهرت أن مبالغ صغيرة نسبيًا قد تحقق نتائج عظيمة في تحسين الرعاية الصحية إذا أنفقت بوعي وعناية.

وحسب المجلة، تستطيع إفريقيا توجيه أموال المؤسسات الخيرية أو الحكومات لدعم التعليم الثانوي وتحسين جودته، لكن الاستثمارات، التي توفر فرص عمل في قطاع السياحة والخدمات والتصنيع والشحن والتجارة والاتصالات وغيرها، يجب أن تأتي من القطاع الخاص العالمي.

ولكن، بطبيعة الحال كانت الصراعات الداخلية أكبر عقبة أمام نمو إفريقيا اقتصاديًا، بدايةً من الحروب الأهلية والإقليمية إلى عمليات الإبادة الجماعية.

فقد أسفر الصراع الأخير في إقليم تيغراي الإثيوبي عن قتل نحو ثلاثة أرباع مليون شخص، ما يتجاوز ضحايا الحرب في أوكرانيا.

ومن ثمّ، هناك حاجة ماسة إلى دبلوماسية أكثر قوة لمنع- أو التعجيل بإنهاء- الصراعات المعرقلة لوتيرة النمو السريع، كما يتعين أيضًا على قادة الدول الإفريقية، التخلي عن مصالحهم الشخصية من أجل المصلحة العامة.

واستشهدت المجلة، بأن دولًا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان لم تنجح اقتصاديًا من دون القضاء أولاً على الفساد وتجاوز الديكتاتورية، مشيرة إلى أن القادة في هذه الدول، أدركوا أن هناك مكاسب أكبر يمكن تحقيقها، عندما يمنحون الأولوية لتطوير بلدهم، بدلاً من مجرد تخصيص جزء من الاقتصاد المتواضع لأسرهم أو المقربين منهم أو منطقتهم.

الوحدة الوطنية والتسوية بين القادة أيضًا أمران حيويان للنمو، فالقادة الذين يدركون ذلك سيرون اقتصاداتهم تبتعد عن جيرانهم وتجذب المواهب من القارة، ورؤوس الأموال من العالم، وفق المجلة.

فلوقت طويل، كان ينظر إلى إفريقيا من خلال ماضيها القريب، وليس من خلال مستقبلها المحتمل، لكن الاتجاهات الديموغرافية تضع إفريقيا في المقدمة، لأنها المنطقة الوحيدة القادرة على تحقيق استدامة النمو الاقتصادي العالمي.

أمام ذلك، ترى "فورين أفيرز" أن إفريقيا تستحق اهتمام الجميع، ليس لمنحها الدعم فحسب، بل أيضًا لأنها تمتلك إمكانات ضرورية وحيوية للعالم.