رغم الهدنة... استمرار الاشتباكات في السودان

بعدما دخلت الهدنة حيّز التنفيذ، أفاد سكّان الضاحية الشمالية الشرقية للخرطوم، بوقوع معارك، كذلك الأمر بالنسبة إلى آخرين جنوبي العاصمة.

رغم الهدنة... استمرار الاشتباكات في السودان

السياق

شهدت الخرطوم معارك وغارات جوية، رغم بدء سريان الهدنة التي تمتدّ أسبوعاً بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي من المفترض أن تتيح خروج المدنيين وإدخال مساعدات إنسانية إلى السودان.

ومنذ أبريل، أسفر النزاع بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، عن ألف قتيل وأكثر من مليون نازح ولاجئ.

وبعدما دخلت الهدنة حيّز التنفيذ، الساعة 19.45 بتوقيت غرينتش، أفاد سكّان الضاحية الشمالية الشرقية للخرطوم، بوقوع معارك، كذلك الأمر بالنسبة إلى آخرين جنوبي العاصمة، أبلغوا وكالة فرانس برس بغارات جوية.

وقال كارل سكمبري، من المجلس النرويجي للاجئين (NRC): "بعيداً عن التصريحات الرسمية، السودان لا يزال يُقصف وملايين المدنيين في خطر"، مستنكراً عبر "تويتر"، "أكثر من شهر من الوعود الكاذبة"، بينما فشلت 12 هدنة مع الدقائق الأولى لتطبيقها.

وشهد سكّان الخرطوم، البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة تقريباً، قتالاً مستمرًا لليوم السابع والثلاثين على التوالي، في ظلّ حرّ شديد بينما حُرم معظمهم الماء والكهرباء والاتصالات.

وأشارت الأمم المتحدة إلى "معارك وتحرّكات للقوات، بينما تعهّد المعسكران بعدم استغلال الأمر عسكرياً، قبل دخول الهدنة حيّز التنفيذ".

 

مصير مأساوي

أعلن الوسطاء الأمريكيون والسعوديون التوصّل، بعد أسبوعين من المفاوضات، إلى هدنة لمدّة أسبوع لاستئناف الخدمات وعمل المستشفيات وتأمين المخزونات من الاحتياجات الإنسانية.

وأعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان -في وقت مبكر الثلاثاء- إغلاق مستشفى جديد في الضاحية الكبرى للخرطوم، فقد أُجبر موظفوها على التوقف عن العمل، لأنهم كانوا في مرمى النيران.

وقالت النقابة: "فوجئنا خلال الأيام الماضية مرّات عدة، بدخول مسلّحين المستشفى، تعدوا على المرضى والمرافقين والفرق الطبية، وأرهبوهم بإطلاق النار داخل أروقة المستشفى".

 

حرب طويلة

في هذه الأثناء، يواصل الأطباء التحذير من مصير مأساوي للمستشفيات، ففي الخرطوم، كما في دارفور، باتت المستشفيات كلّها تقريباً خارج الخدمة.

أمّا المستشفيات التي لم تقصف، فلم يعد لديها ما يكفي من المخزونات أو باتت محتلّة من المتحاربين.

وتطالب الفرق الإنسانية بتأمين ممرّات آمنة، بينما أكّدت الرياض وواشنطن، أنّ هذه المرّة ستكون هناك "آلية لمراقبة وقف إطلاق النار" تجمع ممثّلين للجانبين، إضافة إلى ممثّلين للولايات المتحدة والسعودية.

حتّى الآن، لم يعلّق أي من الوسطاء منذ دخول الهدنة حيّز التنفيذ.

 ويرى الخبراء أنّ آلية العقوبات أساسية في مواجهة جنرالَين مقتنعَين بقدرتهما على الانتصار عسكرياً، وأنهما أكثر استعداداً لحرب طويلة من أن يقدّموا تنازلات على طاولة المفاوضات.

 

كلّنا جائعون

أعلن الجيش وقوات الدعم السريع أنهما ينويان احترام وقف إطلاق النار هذا، لكن في الخرطوم قال سكان إنّهم لا يرون أيّ استعداد لذلك.

وقال محمود صلاح الدين، المقيم في الخرطوم، لوكالة فرانس برس: "ليس هناك ما يشير إلى أنّ قوات الدعم السريع التي لا تزال تحتلّ الشوارع، تستعدّ لمغادرتها".

ورغم أنّ الجيش يسيطر جواً، فإنه لا يوجد سوى عدد قليل من أفراده وسط العاصمة، بينما تحتلّ قوات الدعم السريع الخرطوم. ويتهمها كثيرون من السكان بنهب منازلهم أو إقامة مقار لها فيها.

رغم كلّ شيء، تأمل ثريا محمد علي أن تصمت الأسلحة، على الأقل خلال مغادرتها العاصمة، وتقول لـ "فرانس برس": "لو كانت هناك هدنة سوف آخذ أبي المريض وأخرج من الخرطوم إلى أيّ مكان"، مضيفة: "بعد هذه الحرب لم تعد الخرطوم مكاناً يصلح للحياة فكلّ شيء دُمر".

ويقول سكان إنّهم يريدون زيارة الطبيب، بعد مرور أسابيع من دون حصولهم على استشارة خصوصاً للمصابين بأمراض مزمنة، بينما يأمل آخرون أن يتمكّن موظفو الخدمة العامة من إعادة المياه والكهرباء والإنترنت وشبكات الهاتف.

وبينما يحتاج 25 مليون سوداني من أصل 45 مليوناً، إلى مساعدات إنسانية وفقاً للأمم المتحدة، تزداد ندرة الغذاء بينما أغلقت المصارف أبوابها ودُمّرت أو نُهبت أغلبية مصانع الأغذية الزراعية.

وتقول سعاد الفاتح، المقيمة في الخرطوم لوكالة فرانس: "كلّنا جائعون، الأطفال وكبار السن، الجميع يعانون الحرب، لم يعد لدينا ماء".

وبحسب الأمم المتحدة، إذا استمرّ الصراع فإنّ مليون سوداني إضافي قد يفرّون إلى الدول المجاورة، التي تخشى انتقال عدوى العنف إليها.