أحكام إعدام بحق قيادات الإخوان بمصر.. ماذا تعني؟

الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية عمرو فاروق، قال في تصريحات لـ'السياق'، إن توقيت هذه الأحكام، يحمل دلالة مهمة، في ما يخص غلق باب العودة تحت أي مسمى، أمام جماعة الإخوان.

أحكام إعدام بحق قيادات الإخوان بمصر.. ماذا تعني؟

السياق "خاص"

بعد سقوط جماعة الإخوان بمصر في اختبار 2013، ومع انتهاجها العنف سبيلًا لتحقيق اختراقات سياسية، غير عابئة بمطالب شعب نحاها من مسار الحياة السياسية، كشرت الدولة المصرية عن أنيابها تجاه تلك الجماعة والتنظيمات الإرهابية التي انبثقت منها.

فبنجاحات أمنية، استطاعت مصر تحييد خطر الإخوان وتلك التنظيمات، إلا أن تلك العمليات كانت لها آثار جانبية، سواء عبر الخسائر المادية أم البشرية، التي دفع الجيش والشرطة ثمنها غاليًا خلال الفترة التي أعقبت عام 2013.

ذلك الثمن الذي كان باهظًا، جعل الدولة المصرية تعيد التفكير في أية مراجعة أو تصالح مع جماعة الإخوان، التي يقبع معظم قياداتها في السجون، فرفضت مبادرات محلية وإقليمية، للتصالح مع من تلوثت أيديهم بدماء المصريين.

رفض سُمع صداه عاليًا في أروقة جماعة الإخوان، فباتت تتخبط، متسائلة عن مصيرها وقياداتها، إلا أن الإجابة كانت سريعة، فتوالت الأحكام القضائية ضد قيادات التنظيم الإرهابي، وبات تنفيذ أقصاها (حكم الإعدام) بين قوسين أو أدنى من رقاب هؤلاء.

آخر تلك الأحكام، ما أصدرته محكمة جنايات أمن الدولة بمصر –الاثنين- بإحالة 8 من قيادات جماعة الإخوان لمفتي الجمهورية لإبداء رأيه الشرعي في حكم الإعدام، لإدانتهم في قضية أحداث المنصة التي تعود وقائعها إلى عام 2013.

 

سر توقيت الأحكام

الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية عمرو فاروق، قال في تصريحات لـ«السياق»، إن توقيت هذه الأحكام، يحمل دلالة مهمة، في ما يخص غلق باب العودة تحت أي مسمى، أمام جماعة الإخوان.

وأوضح فاروق أن هذه الخطوات تأتي بالتزامن مع ظهور أصوات أخرى خلال مرحلة الحوار الوطني، بأن جماعة الإخوان ترغب في تمرير مصالحة أو الدخول في الحوار مع الدولة المصرية، من خلال لجان ووسطاء داخل الحوار الوطني.

وأكد أن الأحكام الأخيرة تأتي تحت بند «الخطوات الاستباقية المرحلية»، لأن هناك دولًا ترغب في لعب دور الوساطة بين الجماعة والسلطات المصرية، وتحاول الدخول في مفاوضات بالنيابة عن الجماعة.

الأحكام القضائية عدها فاروق –أيضا- رد فعل من الدولة المصرية، على أي تحرك من جماعة الإخوان في مجال المصالحة أو المهادنة، مشيرًا إلى أنها نوع من رفض للجماعة، وغلق للباب أمام أي وساطة من أية دولة تحاول لعب دور الوسيط، انطلاقًا من مصالحها مع الإخوان.

وشدد على أن الدولة المصرية لديها قرار استراتيجي برفض أي تفاوض أو قبول أي وساطة من الخارج، تدعم مشروع الإخوان وعودته مرة أخرى.

 

رسائل سياسية

في السياق نفسه، قال الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة سامح عيد، في تصريحات لـ«السياق»، إن الأحكام الصادرة بحق قيادات وأعضاء بجماعة الإخوان، رسائل سياسية تؤكد عدم تراجع الدولة بشكل أو بآخر عن موقفها ضد جماعة الإخوان، خاصة أن هناك ضغوطًا غربية وإقليمية، بالإفراج عن الإخوان في السجون المصرية.

وأشار إلى أنه يؤيد المنهج الأوروبي بأن الإعدام ليس حلًا، إلى جانب أن هذه الأحكام عادة ما تصنع أبطالًا من ورق، مستندًا في تصريحاته إلى ما قال إن سيد قطب لو لم يعدم عام 1965 ربما كان قد غير أفكاره وقام بمراجعات فكرية، إلا أن الإعدام صنع منه أيقونة ملهمة لأجيال متعاقبة.

 

مسار طبيعي

من جهة أخرى، يرى الباحث في شؤون الجماعات الأصولية أحمد سلطان، في تصريحات لـ«السياق»، إن توالى صدور الأحكام القضائية ضد الإخوان، يرتبط بدعاوى قضائية منذ سنوات ضد الجماعة وقياداتها، وليست مرتبطة بترتيبات في الوقت الحالي لملاحقة هؤلاء القادة أو الأعضاء الصادر بحقهم أحكام قضائية.

وأوضح أن كثيرين من هؤلاء مدانون في أكثر من قضية، بينما صدرت ضد بعضهم أحكام نهائية، مشيرًا إلى أنه رغم مطالبة الإنتربول بضبط هؤلاء، لم يسلم أحد منهم.

وأشار إلى أنه رغم أن الإنتربول أوقف بعض قيادات الاخوان في مطارات أوروبية، فإن قيادات التنظيم الدولي تدخلت، وأفرج عمن ضبط، من دون تسليم أحد، مؤكدًا أن الملاحقة خارجيًا، بالغة التعقيد وتحتاج إلى التنسيق، وهو أمر تتداخل فيه العوامل السياسية أكثر من القضائية والقانونية.

 

كيف قابلت الجماعة تلك الأحكام؟

الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية عمرو فاروق، يقول إن جبهة لندن كانت لها قرارات تصب في تهدئة الأمور مع السلطات المصرية خلال الفترة الأخيرة، بينها: تراجع اللهجة الحادة تجاه النظام المصري، إضافة إلى اختفاء الصفحات التي كانت تدار عبر اللجان الإلكترونية، سواء من داخل تركيا أم قطر أم لندن.

وبحسب عمرو فاروق، فإن جبهة لندن أعلنت ما يمكن تسميه بـ«نوع من المهادنة» مع الدولة، عبر قرارات منها ترك العمل السياسي وعدم مزاحمة النظام في أي مجال، سواء سياسي أم دعوي، في تراجع ظاهري خطوات للخلف، كمحاولة توظيف لإعادة البناء والهيكلة.

وأكد أن أدبيات الجماعة تؤكد أن معظم أزمات الإخوان عادة ما تأخذ 10 سنوات، بعدها يعاد بناء وهيكلة التنظيم، مشيرًا إلى أنهم منذ عام 2013 يحاولون إعادة إحياء التنظيم، أو التغلب على أزمات عاشتها الجماعة، سواء كانت مرتبطة بالنظام السياسي أم بالمجتمع.

واستشهد بأدبياتهم الفكرية بين عامي 1944 و1954، وهي المرحلة الملكية وبداية الجمهورية الجديدة، ثم مرحلة ما بعد سيد قطب وخلاف الجماعة مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر من 1955 إلى 1965، ثم بعد ذلك مرحلة إعادة إحياء الجماعة بداية من عام 1975 خلال حكم الرئيس أنور السادات، الذي تفاوض معهم من أجل القضاء على الشيوعية.

إلا أن الجماعة في أزمة كبيرة جدًا، خاصة أنها فقدت البوصلة تجاه مرحلة «غسل السمعة»، بعد أن وثقت مواقع التواصل الاجتماعي الجرائم التي شنها هؤلاء خلال الفترة التي أعقبت عام 2013.

 

مستقبل التنظيم

الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية عمرو فاروق، يقول إن التنظيم حدث له نوع من الانهيار والتفكيك، وهو أمر لا يمكن إنكاره، لكن الأهم هو: أين اختفى الإطار الفكري لجماعة الإخوان؟

وأضاف أن التنظيم ما زال له روافد حتى الآن، خاصة أنه لم يوضع مشروع متكامل يفند أفكاره، مشيرًا إلى أن المؤسسات الدينية الرسمية لديها إشكاليات ضخمة جدًا، تجعلها عاجزة عن الرد والانتشار بشكل واضح، لغلق المجال العام أمام الجماعات المتطرفة.

في السياق نفسه، قال الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة سامح عيد، في تصريحات لـ«السياق»، إن من الصعب عودة جماعة الإخوان داخل مصر كجماعة ومكتب إرشاد، كما كان الوضع في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، مشيرًا إلى أنها ستظل محظورة وسيعد الانضمام إليها جريمة ومخالفة للقانون.