ليس مُعاديًا لإسرائيل... هل إيلون ماسك محق بشأن جورج سوروس؟
إيلون ماسك، يدافع عن تصريحاته التي اتهم فيها الناجي من الهولوكوست والمتبرع الليبرالي الكبير جورج سوروس بمحاولة إضعاف الحضارة الإنسانية.

ترجمات - السياق
"رجل شرير يكره البشرية ويسعى إلى تدمير الحضارة"، هكذا وصف رجل الأعمال الأمريكي، إيلون ماسك، الملياردير جورج سوروس "أحد اليهود الناجين من الهولوكوست"، ما فتح باب الجدل، لدرجة أن وزارة الخارجية الإسرائيلية ردت على تصريحات مالك منصة تويتر قائلة إنها تسببت في طوفان من نظريات المؤامرة المعادية للسامية.
وردًا على سؤال عن التصريحات في مقابلة مع قناة "سي إن بي سي"، قال ماسك إنه ليس معاديًا للسامية، وأضاف: "إنني مؤيد للسامية" وكرر ماسك أيضا آراءه عن سوروس، وتابع: "أعتقد أن هذا صحيح. هذا رأيي"، وفي إشارة إلى حرية التعبير، أضاف: "يمكنني أن أقول ما أريد".
ويُعد سوروس، 92 عامًا، الذي صنع لنفسه اسمًا بوصفه فاعل خير، هدفًا مفضلًا لليمين السياسي الأمريكي.
ويقدم سوروس دعمًا للقضايا السياسية اليسارية في الولايات المتحدة، وساعد في تمويل الحملات الانتخابية، من جانب المدعين اليساريين، في عدد من المدن الأمريكية.
وعُرف الملياردير الأمريكي -المجري الأصل- بدعمه "للثورات الملونة"، كذلك اتهمه عدد من المسؤولين بالوقوف وراء مخططات لإحداث فوضى، من خلال الهجرة، وكذلك دعمه "للربيع العربي" في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
تأييد
من جانبه، أيد المحامي وأستاذ القانون في جامعة هارفارد ألان ديرشوفيتز، ما قاله ماسك، بشأن سوروس، موضحًا أن الأخير أسهم -بشكل كبير- في ما سماه "انقلاب" الأمريكيين ضد إسرائيل.
ورأى -في تحليل نشرته صحيفة وول ستريت الأمريكية- أن اتهام إيلون ماسك بمعاداة السامية، بسبب انتقاداته واستهزائه بجورج سوروس اليهودي "باطلة"، مشددًا على أن "سوروس سياسي نشط، ويجب ألا تحميه يهوديته من النقد".
وأضاف: "لم يفعل أي شخص أكثر من جورج سوروس لإلحاق الضرر بمكانة إسرائيل في العالم، خاصة بين من يسمون التقدميين، فقد ضاعف دعمه المالي تأثير المنظمتين الرئيستين، اللتين بذلتا قصارى جهدهما لتغيير النموذج اليساري ضد إسرائيل" في إشارة إلى منظمتي هيومن رايتس ووتش وجي ستريت.
فعام 2010 ، قال سوروس إنه يعتزم تقديم 100 مليون دولار، وهي "أكبر هدية تلقتها هيومن رايتس ووتش حتى الآن" ، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز آنذاك.
ونقلت الصحيفة عن سوروس حينها قوله: "كنت مشاركًا نشطًا في منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، ولا تزال حقوق الإنسان عنصرًا مهمًا في الأنشطة الحالية لمؤسستي".
وأوضح أن التبرع لـ"هيومن رايتس ووتش"، الأول في سلسلة من تبرعات كبيرة يعتزم تقديمها.
وبيّن سوروس، أن "ذلك يعود جزئيًا إلى السن... في بادئ الأمر كنت أريد توزيع كل أموالي خلال حياتي، لكنني تخليت عن هذه الخطة... يجب على مؤسستي أن تستمر، لكنني مازلت أرغب في مزيد من العطاء خلال حياتي، وهذه الطريقة بهذا الحجم، خطوة في هذا الاتجاه".
أما المنظمة الأخرى "جي ستريت"، التي رغم ادعائها بأنها منظمة تقدمية مؤيدة لإسرائيل والفلسطينيين معًا، فقد قامت بكثير لتحويل معظم الديمقراطيين التقدميين وبعض الديمقراطيين الليبراليين -بما في ذلك أعضاء الكونغرس والأكاديميين والشخصيات الإعلامية- ضد إسرائيل، حسب قول الكاتب.
كانت جماعة جي ستريت قد تأسست عام 2007 بهدف معلن هو "تشجيع القيادة الأمريكية على حل مشكلة الشرق الأوسط بالسبل السلمية والدبلوماسية".
وتعد هذه الجماعة منافسة للجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) التي تتمتع بتأثير ملموس في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وأكدت جي ستريت عام 2010، أنها حصلت على 750 ألف دولار من عائلة سوروس منذ تأسيسها.
كانت صحيفة واشنطن بوست قد نقلت عن تقارير ضريبية قدمها سوروس ونجلاه جوناتان وأندريه، إلى قسم الضرائب عامي 2008 و2009، أنهم تبرعوا بـ245 ألف دولار لـ"جي ستريت" خلال هذه الفترة.
وأعلن جيريم بن آمي، المدير التنفيذي لجماعة جي ستريت، أن منظمته تفتخر بأنها تتمتع بدعم سوروس، مشيرًا إلى أن الملياردير قد نفى تقديم تبرعات للمنظمة، خشية استخدام دعمه المعلن ضدها.
بينما بينّت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أن سورس تبرع -العام الماضي- بمليون دولار فقط لـ "إيباك"، أكثر 20 مرة من تبرع سابق تلقته المنظمة.
وعام 2009، كتب سوروس منتقدًا إيباك: "إن جماعة الضغط الموالية لإسرائيل ناجحة بشكل ملحوظ في قمع النقد"، وأضاف أن السياسيين الذين يتحدون ذلك يعرضون أنفسهم للخطر كما أن المعارضين يخاطرون بتشويه صورهم الشخصية.
وأوضح ديرشوفيتز -المؤيد بشدة لإسرائيل- أنه ليس الأمريكي اليهودي الوحيد الذي انتقد سوروس.
ففي مقال نُشر في يناير لصالح خدمة الأخبار اليهودية، كتب فارلي فايس، الرئيس السابق للمجلس الوطني لإسرائيل الشباب: "يحاول المدافعون عن سوروس وقف الانتقادات الموجهة إلى الملياردير، من خلال الادعاء بأنها معادية للسامية، لأن سوروس نفسه يهودي، لكن لم يمول أحد الهجمات المدمرة على إسرائيل والجالية اليهودية الأمريكية أكثر من سوروس".
أصل الخلاف
بدأ الخلاف بتصريحات لماسك في "تويتر"، قارن فيها سوروس بشخص شرير وخارق نجا أيضًا من الهولوكوست، ما أدى إلى تضخيم نظريات المؤامرة القديمة، التي تقول إن يهوديًا مجريًا أمريكيًا (92 عامًا) يستخدم مليارات الدولارات لتقويض المجتمع.
وقال الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا و سبيس إكس، في مقابلة بقناة سي إن بي بي سي: "سأقول ما أريد، وإذا كانت نتيجة ذلك خسارة المال، فلتكن".
وعندما سأل المذيع ماسك، نقلاً عن تغريداته التالية: "قلت إنه يريد تآكل نسيج الحضارة ذاته، وإن سوروس يكره الإنسانية"، قال ماسك: "نعم، أعتقد أن هذا صحيح، هذا رأيي."
في المقابل، تدخل القادة اليهود على خط الأزمة، للدفاع عن سوروس، وأشارت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى انتشار نظريات المؤامرة المعادية للسامية و"اليهود" على منصة تويتر "بعد تغريدة تفوح منها رائحة معاداة السامية من قِبل المالك والمدير التنفيذي للشبكة الاجتماعية إيلون ماسك".
بينما وصف تيد دويتش، الرئيس التنفيذي للجنة اليهودية الأمريكية، ملاحظات ماسك بأنها "تكرار نظرية بروتوكولات حكماء صهيون" في إشارة إلى وثيقة مزورة سيئة السمعة، تتهم اليهود بالتآمر لإضعاف الحضارة العالمية.
وقال جوناثان غريبات، رئيس رابطة مكافحة التشهير اليهودية، إن الهجمات المتكررة على سوروس تؤجج نظريات المؤامرة المعادية للسامية.
وكتب غرينبلات في تويتر: "اليمين الذي يستخدم عبارات معادية للسامية يعُد سوروس مصدر مشكلات العالم".
وأضاف أن اختيار ماسك للكلمات "أمر خطير"، لأنه سوف يشجع المتطرفين، الذين يحيكون نظريات ضد اليهود، ويحاولون مهاجمة سوروس والمجتمعات اليهودية كنتيجة لذلك".