الإخوان والانتخابات التركية... ماذا لو خسر أردوغان؟

رغم حصول نسبة كبيرة من أعضاء جماعة الإخوان الفارين من مصر، على الجنسية التركية، فإنهم يتعاملون بحذر مع الانتخابات الرئاسية التركية، خشية فقد ملاذ آمن بالنسبة لهم ولاقتصادهم.

الإخوان والانتخابات التركية... ماذا لو خسر أردوغان؟

السياق "خاص"

مع احتدام المنافسة، بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حزب الشعب الجمهوري كليجدار أوغلو، في الانتخابات الرئاسية، كانت للأطراف الداخلية والخارجية حسابات خاصة، تنشد تحقيقها بنجاح أي من المتنافسين.

فبينما تعقد الدول الغربية وأوروبا، إضافة إلى المعارضة، الآمال على أوغلو لإزاحة الرئيس التركي «صعب المراس» من سدة الحكم، وطي صفحة الـ20 عامًا الماضية، كانت هناك حسابات أخرى لأطراف تقف خلف المشهد.

تلك الأطراف، تمثلت في جماعة الإخوان المسلمين وأعضائها الفارين في تركيا، ذلك البلد الذي وجدوا فيه ملاذًا آمنًا من الملاحقات القانونية والقضائية في بلادهم، فاتخذوا من أنقرة منصة للهجوم على البلدان التي فيها نشأوا.

ورغم أن تركيا حاولت تقليم أظافر هؤلاء خلال الفترة الأخيرة، أملًا بالتهدئة مع مصر، فإن الإخوان ما زالوا يبثون سمومهم.

ومع الآمال العريضة، التي منحتها استطلاعات الرأي لمرشح المعارضة التركية كليجدار أوغلو، قبل الجولة الأولى من الاستحقاق الدستوري، بدأ الخوف يدب في نفوس تنظيم الإخوان.

خوف بدا واضحًا في انتشارهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاعلهم الملحوظ، بالتزامن مع الجولة الأولى من عملية التصويت، رافضين أي فرضية من شأنها ترجيح خسارة الرئيس رجب طيب أردوغان للانتخابات الرئاسية.

وما أن انطوت الجولة الأولى من دون خسارة الرئيس التركي، حتى تنفس أعضاء التنظيم الصعداء، معلقين آمالهم على جولة ثانية تعيد إليهم الهدوء وتطمئنهم على عدم تسليمهم لمصر، خاصة أن هناك عشرات منهم صادر بحقهم أحكام نهائية في قضايا عنف وإرهاب.

 

مخاوف الملاذ الآمن

وقالت مصادر قريبة الصلة بمكتب الإخوان باسطنبول في تصريحات لـ«السياق»، إنه رغم حصول نسبة كبيرة من أعضاء جماعة الإخوان الفارين من مصر، على الجنسية التركية، فإنهم يتعاملون بحذر مع الانتخابات الرئاسية التركية، خشية فقد ملاذ آمن بالنسبة لهم ولاقتصادهم.

وقالت المصادر، إن خططًا بديلة جرى إعدادها لتأمين خروج قيادات الإخوان الموجودين بتركيا، ونقل أعضاء الجماعة وعائلاتهم إلى دول بإفريقيا وأوروبا وشرق آسيا، حال إخفاق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في جولة الإعادة.

 

ماذا لو خسر أردوغان؟

يقول الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية منير أديب، في تصريحات لـ«السياق»، إنه من السابق لأوانه الحديث عن خسارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خاصة أن جولة الإعادة تعني أن الاحتمالات بالفوز أو الإخفاق مازالت قائمة.

لكنه أكد إعداد الإخوان لخطط بديلة لوجودهم، ونقل رؤوس أموالهم خارج تركيا، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان أعدت بدائل، حال إخفاق رجب طيب أردوغان وخسارته المنصب الرئاسي، فنقلت أموالًا وأنشطة اقتصادية خاصة بها، وبحثت أمر تجهيز إقامات لبعض أعضائها خارج تركيا، خاصة أولئك الذين لم يحصلوا على الجنسية التركية.

وأوضح أنه حال نجاح أو فشل رجب طيب أردوغان، فإن ذلك لن يؤدي إلى خسائر كبيرة، خاصة أن معظم الإخوان حصلوا على الجنسية التركية، بينما جرى تقنين الأنشطة الخاصة بهم، بصورة أو بأخرى، وتحديدًا الأنشطة الاقتصادية.

وأشار إلى أن فكرة التضييق على الإخوان، ستكون من واقع القانون التركي، خاصة أن أنقرة بها مؤسسات لا يمكن للرئيس القادم أن يتعدى أو أن يجهز عليها، مشددًا على أن هناك تعاطفا وتماهيًا بين رجب طيب أردوغان وتنظيمات الإسلام السياسي، ما يفسر توفير حاضنة وملاذ لهم.

«لكن حال خسارة أردوغان لن يستطيع خصمه أو من يتولى هذا المنصب إخراج الإخوان، الذين حصلوا على الجنسية التركية»، يقول الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية.

رؤية أخرى أشار إليها منير أديب، قائلًا إنه قد تكون هناك رغبة في وجود نشاط علني للإخوان، ما دفعهم لتوفير بدائل لهم خارج تركيا عبر استثمارات مالية، في إفريقيا ولندن وبعض العواصم الأوروبية.

ورغم ذلك، فإنه قال إنه أيًا كانت هوية الرئيس التركي القادم، فإن أنقرة ستظل ملاذًا آمنًا لتنظيمات الإسلام السياسي بشكل عام وللإخوان بشكل خاص، بدليل وجود القائم بأعمال المرشد (جبهة اسطنبول) محمود حسين على أراضيها، إضافة إلى انتقال القائم بأعمال المرشد (جبهة لندن) صلاح عبدالحق إليها.

وأكد أن تجذر جماعة الإخوان داخل تركيا على مدى العشرين عامًا ماضية، يمنع أي رئيس قادم لتركيا من أن يفعل أمامه الكثير، مشيرًا إلى أن أكثر ما كان يستطيع فعله، ألا يكون نظامه حاضنة لتنظيمات الإسلام السياسي وفي مقدمتها جماعة الإخوان.

 

الأرض المحروقة

رؤية أخرى طرحها الخبير في شؤون الحركات الجهادية صبرة القاسمي، الذي حذر في تصريحات لـ«السياق»، من أن محاولة نقل جماعة الإخوان قد تسفر عن إثارة الفوضى وزعزعة الأمن العام بالداخل التركي.

واستند في رأيه على وجود عدد من الإخوان داخل تركيا، يهدد المشهد الانتخابي والاستقرار بالدولة التركي،ة حال إخفاق رجب طيب أردوغان وخسارته الانتخابات أمام منافسه.

وأشار إلى أن بعض أعضاء الجماعة يحاولون استنساخ التجربة المصرية، وما حدث في الداخل المصري على الأراضي التركية، إذ إن هناك من ألمح بذلك، وعُقدت اجتماعات لمسؤولين أمنيين أتراك، لدراسة موقف ورد فعل الإخوان الموجودين في البلاد.

وأرجع القاسمي، هذه الترتيبات من قِبل الجماعة الإرهابية، خشية سحب الامتياز الذي تحظى به الجماعة، في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية ذي الاتجاهات الإخوانية.

وأكد أن الإخوان يخشون كمال كليجدار أوغلو وأحزاب الطاولة السداسية المعارضة لأردوغان، التي سبق أن أعلنت حزمة من الإجراءات، تعرقل وتهدد أنشطة الإخوان ووجودهم داخل الأراضي التركية.

أبرز هذه الإجراءات، إعادة صياغة قوانين الهجرة وإقامة الأجانب ومراجعة الجنسيات الاستثنائية على ضوء هذه التغيرات، ما يهدد كل أعضاء الجماعة علي الأراضي التركية، بحسب القاسمي.

وأكد أنه رغم أن الدولة التركية -على مدى التاريخ- تعامل الأجانب معاملة لائقة وتحفظ حقوقهم، فإن الإخوان بما لديهم من سلوكيات وخروق، يعلمون علم اليقين أن أي رئيس أو حكومة غير حكومة الرئيس أردوغان، يعد تهديدًا وجوديًا لهم.

وأشار إلى أنه حال نجاح أحد منافسي أردوغان، سيكون لهم رأي آخر، محذرًا من أنهم سيسعون إلى جر البلاد إلى حالة من الفوضى، لأنهم يرون أن تركيا أردوغان، جزء رئيس ومهم في حلم الخلافة وأستاذية العالم.