المحكمة العليا بالعراق تحسم نتائج الانتخابات.. وصدامات بين الشرطة ومتظاهرين
بالتزامن مع الجلسة التي عقدتها المحكمة الاتحادية، شهدت منطقة الحارثية، القريبة من المنطقة الخضراء، تظاهرات لأنصار الكتل الخاسرة في الانتخابات، بينما فرضت القوات الأمنية العراقية طوقًا أمنيًا، لحماية المنطقة التي تضم مقر الحكومة والبرلمان والبعثات الدبلوماسية.

السياق
قرار جديد للمحكمة العليا في العراق، قد ينذر بتصاعد المواجهات بين المليشيات الإيرانية والفصائل الموالية لها من جهة، والقوات الحكومية من جهة أخرى، إذ صادقت المحكمة، بشكل نهائي على نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، بعد رفض الطعون التي قدَّمها الموالون لإيران.
وبدأت المحكمة الاتحادية، جلستها للبت بطعون نتائج الانتخابات، بقراءة القرار الخاص بالطعون، إلا أنها قررت رد تلك الطعون، داعية البرلمان المقبل إلى تعديل قانون الانتخابات، واعتماد العد والفرز اليدوي.
وأكدت المحكمة الاتحادية، أن رافعي الطعون ضد قرار مفوضية الانتخابات، يحق لهم الطعن على قرارها، خلال 3 أيام من الإعلان الرسمي، إلا أنها قالت إن مجلس القضاء، صاحب السلطة الوحيدة التي لها حق الفصل في المشكلات الناجمة عن الانتخابات.
وفور إعلان قرار المحكمة الاتحادية، أعلن تيار الحكمة العراقي، التزامه بقرار المحكمة الاتحادية رغم تحفظه على نتائج الانتخابات.
3 جلسات
كانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق نظرت عبر 3 جلسات، طعونًا تقدَّم بها قوى تحالف الفتح بزعامة هادي العامري والموالي لإيران، على نتائج الانتخابات، بعد أن مُني بخسارة فادحة.
إلا أنه بالتزامن مع الجلسة التي عقدتها المحكمة الاتحادية، شهدت منطقة الحارثية، القريبة من المنطقة الخضراء، تظاهرات لأنصار الكتل الخاسرة في الانتخابات، بينما فرضت القوات الأمنية العراقية طوقًا أمنيًا، لحماية المنطقة التي تضم مقر الحكومة والبرلمان والبعثات الدبلوماسية.
وأغلقت القوات الأمنية جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، بينما انتشرت قوات حفظ القانون عليه، وسط تخوفات أمنية، من عبور أنصار الكتل الخاسرة، خاصة بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا.
من جانبه، قال مصدر أمني في تصريحات صحفية، إنه جرى تعزيز القوات الأمنية بقوات إضافية لنقاط التفتيش والتقاطعات المهمة في العاصمة العراقية، مشيرًا إلى أن احتكاكًا حدث بين قوات مكافحة الشغب والمتظاهرين، أمام بوابة المنطقة الخضراء المؤدية إلى المحكمة الاتحادية.
اشتباكات وتشديدات أمنية
وأوضح المصدر، أن منطقة الحارثية، القريبة من المنطقة الخضراء شهدت مظاهرات قادها أنصار الكتل الخاسرة في الانتخابات، احتجاجًا على قرار المحكمة الاتحادية بشأن رد دعوى ممثليهم.
ونيابة عن الإطار التنسيقي، قدَّم تحالف الفتح، بزعامة هادي العامري، الطعون في الانتخابات أمام المحكمة الاتحادية، بعد أن رفضت الهيئة القضائية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قبول تلك الطعون، بينما طالب العامري بإلغاء نتائج الانتخابات العامة وإعادة العد والفرز اليدوي الشامل، في 4 دوائر انتخابية تُختار عشوائياً بطريقة القرعة.
واتهم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بـ«ارتكاب مخالفات تصل إلى جرائم في العرف القانوني» خلال فرز نتائج الانتخابات، مدعيًا أن تزويرًا ما حدث في تلك الانتخابات، كما أطلق إلى الشوارع أنصاره الذين عمدوا إلى الاحتجاج ونصب خيام الاعتصام، أمام بوابة المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط بغداد، في أحداث لم تسلم من اشتباكات مع قوات الأمن، وأسفرت عن ضحايا.
بدوره، قال رئيس "تيار الحكمة"، عمار الحكيم إنه لن يشارك في الحكومة، معبِّـراً عن التزام تياره بقرار المحكمة الاتحادية، رغم ملاحظاته "الجدية" على العملية الانتخابية، مؤكداً موقفه بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة.
وناشد الحكيم عبر "تويتر" الفائزين في الانتخابات "العمل بما تتطلب مسؤوليتهم الملقاة على عاتقهم في خدمة الشعب، والإسراع بتشكيل حكومة كفوءة ومنسجمة تجمع الأطراف الراغبة بالمشاركة فيها ومستعدة لتحمُّل المسؤولية أمام الشعب العراقي".
مبادرة جديدة
كان الإطار التنسيقي قدَّم مبادرة جديدة من 9 نقاط، تضم رؤية، قال إنها تحل الأزمة السياسية، أبرزها ضرورة استيعاب الطعون والشكاوى المقدَّمة دستورياً وقانونياً بخصوص نتائج الانتخابات، من قِبل الجهات القضائية، وخضوع الرئاسات الثلاث لاتفاق القوى السياسية، مع مراعاة العرف الدستوري السائد.
كما تضمنت الدعوة إلى معالجة ما وصفته بـ«اختلال التوزان البرلماني الناتج عن الخلل في نتائج الانتخابات، عبر معالجات دقيقة لضمان عدم التفرد بسن القوانين والتشريعات»، إضافة إلى تأسيس مجلس السياسات كهيئة استشارية، لتحقيق الشراكة في إدارة الدولة، إلى حين تشريع قانون مجلس الاتحاد.
واقترحت المبادرة الجديدة، الحفاظ على الحشد الشعبي، الذي يضم فصائل مسلحة معظمها مقربة من إيران، مطالبة بعدم التركيز على شكل الحكومة الجديدة وتمثيلها، والتركيز بدلاً من ذلك على البرنامج الحكومي، إضافة إلى الاتفاق على دعم التشريعات التي تحل المشكلات الأساسية للمواطنين.
كانت مفوضية الانتخابات العراقية، أعلنت في ديسمبر الجاري، النتائج النهائية لأول انتخابات مبكرة في العراق منذ 18 عامًا، بعد الانتهاء من مراجعة الطعون والاعتراضات، وإجراء عمليات عد وفرز يدوي للمراكز الانتخابية التي قدمت فيها الطعون.
التيار الصدري يتقدم
إلا أن النتائج النهائية، التي أعلنتها المفوضية لم تسفر عن تغيير يذكر، سوى ذلك الذي يتعلق بخمسة إلى ستة مقاعد في البرلمان المقبل، إلا أنها لم تغير ترتيب القوى الفائزة فيها، إذ لا يزال التيار الصدري متقدمًا بـ73 مقعدًا، يليه تحالف تقدم، الذي يتزعمه محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب بـ37 مقعدًا.
وبحسب مفوضية الانتخابات، فإن ائتلاف دولة القانون، الذي يرأسه نوري المالكي فاز بـ33 مقعدًا، بينما حصد الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني 31 مقعدًا، مشيرة إلى أن تحالف كردستان فاز بـ17 مقعدًا، ومثلها لتحالف الفتح الذي يرأسه هادي العامري، المكون من تآلف المجموعات العراقية الشيعية المسلحة، مثل حركة بدر وعصائب أهل الحق.
كما حصد "إشراقة كانون" 6 مقاعد، بينما حصل تحالف قوى الدولة على 4 مقاعد، وتحالف العقد الوطني على 4 مقاعد، وتحالف حركة حسم للإصلاح على 3 مقاعد، وحركة بابليون على 4 مقاعد، وتحالف جماهيرنا هويتنا على 3 مقاعد، وجبهة التركمان للعراق الموحد على مقعد واحد، وحراك الجيل الجديد على 9 مقاعد، وحركة امتداد على 9 مقاعد، وتحالف تصميم على 5 مقاعد.
وبلغ عدد الأحزاب الفائزة بمقعد واحد 16 حزبًا، بينما بلغ عدد مقاعد الفائزين في الانتخابات 43، بينهم 38 رجلًا و5 نساء، بحسب مفوضية الانتخابات.
عملية نزيهة
من جانبها، أكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أنه لم يثبت أي تزوير بنتائج الانتخابات، بينما قال عضو الفريق الإعلامي للمفوضية، عماد جميل، إن «عمل المفوضية لم ينتهِ بإعلان النتائج النهائية للانتخابات، بل سيستمر بالتسجيل والتحضير للاستحقاقات المقبلة مثل انتخابات مجالس المحافظات».
وأضاف المسؤول العراقي، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء العراقية، أن «المجتمع الدولي كان داعمًا للانتخابات العراقية، لأنه لم يثبت أي تلاعب أو تزوير بنتائج الانتخابات».
من جانبه، قال رئيس مجلس المفوضين، القاضي جليل عدنان، إن الهيئة القضائية أكملت البت في جميع الطعون، مضيفًا: «التزمنا بالتعامل مع نتائج الانتخابات وفقاً للقانون».
وأضاف المسؤول العراقي: «الطعون أحدثت خمسة تغييرات في بغداد ونينوى وأربيل وكركوك والبصرة»، مشيرًا إلى أن عدد الناخبين تجاوز 22 مليونًا، بينما تجاوز عدد المصوتين تسعة ملايين ناخب.