طريق مسدود... مجلس النواب الأمريكي يُخفق في انتخاب رئيس خلال 6 جولات
رغم تدخل ترامب لمدة 11 ساعة، لتشجيع الجمهوريين على الالتفاف حول مكارثي، فإن 20 من نواب الحزب صوّتوا ضده، في ثلاثة اقتراعات متتالية

ترجمات - السياق
أخفق مجلس النواب الأمريكي في انتخاب رئيس له، خلفًا للديمقراطية نانسي بيلوسي، في الجولة السادسة أيضًا، إذ فشل المرشح الجمهوري كيفن مكارثي، في الحصول على الأصوات اللازمة لانتخابه رئيسًا للمجلس، رغم أن حزبه يملك أغلبية ضئيلة.
وأوضحت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن إخفاق مجلس النواب الأمريكي في انتخاب رئيس له، سابقة لم تحدث منذ مئة عام، مشيرة إلى أن مكارثي لم يتمكن من تهدئة غضب مجموعة من مؤيدي الرئيس السابق دونالد ترامب، ما يعكس حدة الخلافات بين الجمهوريين.
ورأت أن عضو الكونغرس عن كاليفورنيا كيفين مكارثي، عانى نكسة مذلة في جولات جديدة من التصويت، وسط معارضة مستمرة من مجموعة متشددة من متمردي الحزب الجمهوري.
ويتطلب انتخاب رئيس مجلس النواب، ثالث أهم شخصية في السياسة الأمريكية بعد الرئيس ونائب الرئيس، أغلبية من 218 صوتًا، إلا أنه خلال جولات التصويت الست لم يتمكن مكارثي من تجاوز عتبة الـ203 أصوات.
فشل ترامب
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أنه رغم تدخل ترامب لمدة 11 ساعة، لتشجيع الجمهوريين على الالتفاف حول مكارثي، فإن 20 من نواب الحزب صوّتوا ضده، في ثلاثة اقتراعات متتالية، الأربعاء، ما حرمه الأغلبية البسيطة المطلوبة لتولي رئاسة مجلس النواب.
ومن المتوقع -حسب الصحيفة- أن يجتمع مجلس النواب -بعد ظهر الخميس- لاستكمال عمليات التصويت.
ونوهت إلى أنه منذ بدء التصويت، الثلاثاء، خسر مكارثي ست أوراق اقتراع.
وقد أثار الجمود تساؤلات عما إذا كان لدى مكارثي مسار قابل للتطبيق، للوصول إلى منصب رئيس مجلس النواب، كما أطلق العنان للفوضى في قاعة مجلس النواب، حيث سعى الجمهوريون إلى إيجاد طريق للمضي قدمًا.
وكشفت الصحيفة البريطانية، أن مجلس النواب شهد بعض الفوضى لفترة وجيزة، عقب الجولة الأخيرة من التصويت، بعد ظهر الأربعاء، في محاولة لمنح المشرِّعين فرصة للخروج بخطة لحل المأزق.
وقالت: "عاني مجلس النواب الأمريكي شللًا كامًلا وسط خلافات في صفوف الجمهوريين، حالت دون تمكن النواب من اختيار رئيس لهم".
خرج مكارثي من تلك المحادثات قائلاً: "رغم إحراز تقدم، لم يكن هناك اتفاق مع داعمي ترامب حتى الآن، ومن ثمّ لن تكون عمليات التصويت الإضافية ليلة الأربعاء مثمرة".
وصوَّت مجلس النواب بفارق ضئيل على تأجيل جلسة الاقتراع 216-214، في اقتراع تميز بالصراخ والارتباك، حيث حاول كاتب الغرفة إغلاق جلسة التصويت.
يوم تاريخي
ورأت "فايننشال تايمز" أن مكارثي دخل التاريخ –الثلاثاء- عندما أصبح أول زعيم لحزب الأغلبية يخسر في أول اقتراع منذ قرن، مشيرة إلى أنه عام 1923، استغرق الأمر تسع جولات من التصويت، قبل انتخاب رئيس مجلس النواب.
وبينت أن هزائم مكارثي جاءت رغم سعى ترامب لحشد الدعم، حيث كتب على منصته "تروث سوشيال": "حان الوقت لجميع أعضاء مجلس النواب للتصويت لصالح كيفين، وإنهاء الأمر".
وقالت النائبة لورين بويبرت، وهي من الحزب الجمهوري، إن ترامب تحدث معها ومع نواب آخرين "ليطلب منا إنهاء هذا الأمر".
وأكدت لورين أن على ترامب بدلًا من المطالبة بدعم مكارثي، أن يتصل به ويخبره بأنه "حان وقت الانسحاب".
ووجَّه ترامب دعوته صباح الأربعاء، بعد أن فشل مجلس النواب في انتخاب رئيس جديد له، في جلسته الافتتاحية لأول مرة منذ 100 عام.
وقال على منصته للتواصل الاجتماعي: "لا تحوّلوا انتصارًا كبيرًا إلى هزيمة هائلة، حان الوقت للاحتفال، أنتم تستحقون ذلك! كيفن مكارثي سوف يقوم بعمل جيد".
إلا أن بويبرت، والمتمردين الآخرين ألقوا بثقلهم وراء بايرون دونالدز من فلوريدا كمرشح لرئاسة المجلس، وبالفعل حصل على ما لا يقل عن اثني عشر صوتًا داعمًا له.
دعوات للتنحي
وحسب "فايننشال تايمز" فقد قاوم مكارثي الدعوات التي تطالبه بالتنحي، ولا يزال من غير الواضح، ما إذا كان أي جمهوري سيكون قادرًا على توحيد الفصائل المتحاربة في الحزب بنجاح، وتأمين الأغلبية البسيطة من الأصوات المطلوبة، ليصبح رئيس مجلس النواب، لكن كثيرين في واشنطن تكهنوا بأن نائب مكارثي، ستيف سكاليس من لويزيانا، سيكون البديل الطبيعي.
بينما وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن عدم قدرة الحزب الجمهوري على انتخاب رئيس لمجلس النواب بالكونغرس الأمريكي، بأنه عار على بلاده.
وخلال حديثه فى البيت الأبيض، الأربعاء، قبل السفر إلى كنتاكى، للمشاركة فى فعالية لتسليط الضوء على قانون البنية التحتية، مع زعيم الأقلية بمجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل، قال بايدن عن الجمهوريين: "آمل أن يتحدوا، فباقى العالم يشاهد المشاهد الفوضوية فى مجلس النواب".
وقال الرئيس الديمقراطي عن تصويت مجلس النواب: هي ليست مشكلتي، أعتقد أن الأمر محرج أن يستغرق وقتًا طويلا هكذا.
كان الديمقراطيون، الذين فقدوا أغلبيتهم في مجلس النواب بانتخابات التجديد النصفي في نوفمبر الماضي، صوتوا ضد مكارثي ودعموا بدلاً من ذلك مرشحهم لمنصب رئيس مجلس النواب، عضو الكونغرس الديمقراطي حكيم جيفريز من نيويورك.
كما اعترض القادة الديمقراطيون على اقتراحات بأنهم قد يشكلون ائتلافًا مع مكارثي أو غيرهم من الجمهوريين الوسطيين لكسر الجمود.
وحسب الصحيفة، جاء معارضو مكارثي من فصائل مختلفة من الحزب الجمهوري، بينهم موالون لترامب مثل مات جايتز وبويبرت من فلوريدا، إضافة إلى المحافظين المتطرفين مثل تشيب روي من تكساس وسكوت بيري من بنسلفانيا، الذين يضغطون لتغيير القواعد التي تجعل من السهل الدعوة إلى تصويت بحجب الثقة عن المتحدث المستقبلي.
وأشارت إلى أن عدم التوافق على التصويت لحظة فاصلة في تاريخ الولايات المتحدة، حيث إن مجلس النواب مطالب دستوريًا بانتخاب رئيس، ولا يمكنه بدء الحكم حتى ذلك الحين.
كما سلَّط الجمود الضوء على التوترات المستمرة منذ فترة طويلة داخل الحزب الجمهوري، التي زادت بعد الأداء المخيب للآمال في انتخابات التجديد النصفي الأخيرة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم توقعات "الموجة الحمراء"، حصل الجمهوريون على أغلبية ضئيلة للغاية في مجلس النواب، الغرفة السفلية للكونغرس، وفشلوا في استعادة السيطرة على مجلس الشيوخ، الغرفة العليا.
أمام ذلك، ألقى عديد من الجمهوريين في واشنطن باللوم في هذه الإخفاقات على ترامب، الذي لعب دورًا رئيسًا في العملية الأولية، من خلال الضغط على مرشحيه المفضلين -الذين فشل عدد منهم في صناديق الاقتراع- ومع ذلك، سعى الرئيس السابق إلى إعادة تأكيد نفسه كصانع ملوك في الحزب، خاصة مع التركيز على المنافسة الرئاسية لعام 2024.
وقد أطلق ترامب محاولته الرئاسية الثالثة، بعد أيام فقط من الانتخابات النصفية، ولم يدخل أي مرشح آخر الحلبة لتحديه.
وترى "فايننشال تايمز" أن دعم ترامب لمكارثي يمثل الفصل الأخير في العلاقة المتقلبة بين الرجلين، فقد كانت العلاقة بين ترامب، الذي أعلن عزمه الترشح لانتخابات الرئاسة مرة أخرى عام 2024، ومكارثي- على مدى السنوات الأربع الماضية- ودية في الغالب.
ومع أن مكارثي انتقد الرئيس السابق، بأعقاب أعمال الشغب في الكابيتول، إلا أنه سرعان ما تصالح الاثنان، مع رفض قادة الحزب الجمهوري دعم تحقيق مجلس النواب، في الأحداث التي وقعت في 6 يناير.
كان مكارثي زعيم الأقلية في مجلس النواب، بعد أن فقد الجمهوريون السيطرة على المجلس في الانتخابات النصفية لعام 2018، وخلال تلك الفترة طوَّر علاقته بقوة مع الرئيس السابق دونالد ترامب.
وخلال أعمال الشغب في الكابيتول (مقر الكونغرس) بعد هزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية أمام بايدن في 6 يناير 2021، ورد أن مكارثي طلب من ترامب خلال مكالمة هاتفية ساخنة إخبار المتظاهرين بالعودة إلى ديارهم.
لكن بعد أيام، زار مكارثي ترامب بمقر إقامته في فلوريدا، وبدا أنه يحسن علاقته معه.
في الوقت الحالي، يبدو أن بعض أنصار ترامب من أعضاء مجلس النواب لا يرغبون في دعم مكارثي.