مسرحية الشعراوي تثير جدلًا في مصر... طلب إحاطة وتوضيح رسمي وانتقادات
كان من المقرر أن تعرض أمسية الشيخ الشعراوي ليلة واحدة، ضمن إمساكية شهر رمضان، إلا أن لجنة القراءة طلبت إعادة الصياغة دراميًا

السياق
رغم مرور 25 عامًا على وفاته، فإن الداعية الراحل ووزير الأوقاف المصري الأسبق، ما زال يحتفظ بشعبية نسبية داخل الأوساط الشعبية المصرية.
ذلك الجدل، الذي يثار بين الحين والآخر، عن آراء الداعية الراحل الذي يعد من أشهر مفسري القرآن الكريم، كانت مصر على موعد معه، خلال الساعات الماضية، ما أطلق معركة كلامية واتهامات بين جهات في مصر، وبعض المفكرين والنقاد.
فماذا حدث؟
في الساعات الأولى لعام 2023، حاول قطاع الإنتاج الثقافي بمصر، نشر أجندة البيت الفني للمسرح للعام الجاري، فعقد مؤتمرًا صحفيًا الأحد الماضي، بالمسرح القومي وسط القاهرة، أعلنت خلاله وزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني مبادرتي «وُلد هنا»، و«مسرح السيرة».
إلا أن توضيحًا صدر في ما بعد من مدير المسرح القومي الفنان إيهاب فهمي، عن «مسرح السيرة»، قال فيه إنه سيقدم شخصية الشيخ محمد متولي الشعراوي خلال رمضان المقبل، بينما أعلن خالد جلال تجسيد الفنان كمال أبورية شخصية الإمام الشعراوي، على أن يتناول العرض المسرحي سيرة الداعية الراحل ونشأته وحياته وأهم المواقف التي مر بها.
ومع خروج تلك التصريحات للنور، ثارت حالة من الجدل في مصر، عن العمل الفني الذي كان من المرتقب عرضه رسميًا، بعد قرابة 3 أشهر، ما دفع الفنان فهمي إلى إصدار بيان توضيحي، كشف من خلاله كواليس «مسرح السيرة».
توضيح رسمي
في البيان الصادر مساء الثلاثاء، تحدث الفنان إيهاب فهمي، عن إطلاق أمسيات ثقافية وفنية تحت شعار السيرة، في إطار دور المسرح القومي الثقافي والفني، تستعرض تاريخ القامات المصرية في كل المجالات، للتعريف بتاريخ هذه الرموز وتأثيرها في مسيرة التنوير عبر التاريخ.
من هذه الرموز: الأديب العالمي نجيب محفوظ، الدكتور أحمد زويل، الفيلسوف زكي نجيب محمود، الإمام محمد عبده، أمير الشعراء أحمد شوقي، الموسيقار محمد عبدالوهاب، الفنان زكي طليمات، الشاعر صلاح جاهين، الشاعر صلاح عبدالصبور، الفنان التشكيلي محمود سعيد، الشاعر فؤاد حداد، وغيرهم بحسب بيان مدير المسرح القومي.
وأوضح فهمي، أن أمسيات «السيرة» ستبدأ بالأديب العالمي نجيب محفوظ، والإمام محمد عبده، مشيرًا إلى أن الأمسيات ستشهد تعاونًا بين الفرق التابعة للبيت الفني للمسرح، لإتاحتها لأكبر عدد من الجمهور لتعميق مفاهيم الوطنية والانتماء والفخر برموز مصر.
توضيح وتفنيد
وعن مسرحية الشعراوي، قال فهمي، إنه كان من المقرر أن تعرض أمسية الشيخ الشعراوي ليلة واحدة، ضمن إمساكية شهر رمضان، إلا أن لجنة القراءة طلبت إعادة الصياغة دراميًا.
عدم إعلان مدير المسرح القومي التراجع بشكل علني عن تلك الأمسية، مكتفيًا بقوله إنها تحت المراجعة، دفع النقاد والمفكرين إلى انتقاد المسرح القومي ودوره، والأمسيات التي يشرف عليها، بل التطرق إلى الشيخ الشعراوي، ودوره في الحقبة التي عاصرها.
أحد تلك الأصوات التي هاجمت مسرحية وأمسية الشعراوي، كان الناقد الفني المصري الشهير طارق الشناوي، الذي قال إن إعلان إيهاب فهمي أن النص في مرحلة المراجعة الدرامية، يعد تراجعًا مستترًا بعد ردود الفعل السلبية.
وقال الشناوي، في تصريحات صحفية لوسائل إعلام محلية، إن آراء الشيخ الشعراوي تبتعد عن العصر، بينما أفكاره كانت سلبية تجاه الفن، التي زعم أنها دفعت العديد من الفنانات إلى ارتداء الحجاب، إضافة إلى اعتزال فنانين الفن، مثل حسن عابدين وآخرين إلى التشدد مثل حسن يوسف.
وواصل انتقاده للشيخ الشعراوي، زاعمًا أن الداعية الراحل كان يرفض زراعة الأعضاء، واصفًا آراءه بـ«الرجعية»، قائلًا: «كان على المسرح القومي أن ينظر جيدًا، قبل أن يختار الشعراوي».
وبينما قال إن وزارة الثقافة وضعت في اعتبارها مريدي الشيخ الشعراوي، خشية التسبب في غضبهم، ما دفعها لعدم إعلان التراجع صراحة، أكد أن الداعية الراحل كان صاحب كاريزما قوية.
بدوره، انتقد المخرج محمد العدل عبر «فيسبوك»، تقديم سيرة الشيخ الشعراوي بالمسرح القومي، قائلًا: «كنت أتوهم وأتعشم أن وزارة الثقافة هي الاستثناء من الاختراق، لكنني كنت مخطئًا، إذا كانت وزارة الثقافة والمسرح القومي يقدمان سيرة الشيخ الشعراوي، خليتوا إيه لوزارة الأوقاف؟».
وأضاف: «كان الشعراوي على الشاطئ الآخر من الفن والفنانين، وكان ضدكم وضد ثقافتكم، كان يرفضكم جميعًا»، متابعًا: «اليوم نعلن انتصار الشعراوي عليكم وعلى ثقافتكم وعلى كل تاريخ معالي وزيرة الثقافة، فهو بالتأكيد لم يكن مع البالية ولا الأوبرا ولا الموسيقى (المعازف) ولا أي فرع من فروع الثقافة، المسرح القومي يقدم سيرة من سجد شكرا على هزيمة 67»، في إشارة إلى موقفه من هذا الحرب.
الثقافة تدخل على الخط
إلا أن وزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني، دخلت على خط الأزمة، قائلة إن إعلان عرض مسرحية للشيخ محمد متولي الشعراوي على المسرح القومي، ليس حقيقيًا على الإطلاق، مشيرة إلى أن اسم الشيخ شعراوي عليه تحفظات كثيرة.
وفي تصريحات تلفزيونية، قالت الوزيرة المصرية، إنه كان هناك اقتراح بعمل أمسيات عن بعض الشخصيات الدينية في رمضان، مشيرة إلى أن هذا ليس عملًا مسرحيًا، لكنها فقط أمسيات عن الشخصيات الدينية.
وأوضحت نيفين الكيلاني، أن هذا كان مقترحًا من مدير المسرح القومي، ولم يُعرض على اللجنة التي تقرر الأعمال، حسب بعض المعايير، مشيرة إلى أن اسم الشيخ الشعراوي كان مطروحًا على سبيل المثال وليس تأكيدًا.
وشددت الوزيرة المصرية، على ضرورة أن يكون هناك اختيار لشخصيات تنويرية مؤثرة في المجتمع في كل المستويات على المسرح القومي، وأن يكون لها أثر إيجابي من الناحية التنويرية لمكافحة الفكر المتطرف.
جدل الشعراوي في البرلمان
إلا أن الأمر لم ينتهِ، فمجلس النواب المصري كان على موعد مع طلب إحاطة، تقدمت به البرلمانية فريدة الشوباشي، عضو مجلس النواب، الثلاثاء، إلى رئيس الحكومة مصطفى مدبولي ووزيرة الثقافة نيفين الكيلاني، عما وصفته بـ«ضعف» أداء وزارة الثقافة في نشر الوعي بوسائل التوعية، وتصحيح المفاهيم المشوهة مثل الفنون عامة «سينما، ومسرح، ومسلسلات».
وفي طلب الإحاطة، تساءلت الشوباشي، قائلة: «كيف ينتج المسرح القومي التابع لوزارة الثقافة مسرحية عن الشيخ الشعراوي، الذي سجد لله شكرا على هزيمة 67، وقال بثقة إنه فرح لهزيمة مصر... الوطن»، مضيفة: «كيف يمكن توطيد شعور الانتماء الوطني لمشاهدي هذه المسرحية؟».
دفاع وتأييد
في الجهة المقابلة، علق وكيل الأزهر الشريف السابق عباس شومان، على الهجوم على الشيخ محمد الشعراوي، قائلًا عبر «فيسبوك»: «مثلهم كأطفال أرادوا إتلاف ثمار نخلة عالية فسقطت أحجارهم فوق رؤوسهم، وظلت الثمار تعجب الناظرين وخالصة للآكلين».