'وول ستريت': منطاد التجسس الصيني استخدم تكنولوجيا أمريكية
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، نقلا عن نتائج تحقيق أولية أن منطاد التجسس الصيني الذي عبر فوق الولايات المتحدة في مطلع العام الحالي استخدم تكنولوجيا أميركية ساعدته على جمع معلومات سمعية وبصرية.

ترجمات -السياق
رغم مرور نحو ستة أشهر على واقعة مرور منطاد صيني في سماء الولايات المتحدة، فإن أصداءه مازالت مستمرة، إذ كشفت "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن المنطاد، استخدم تكنولوجيا أمريكية، ساعدته في جمع معلومات سمعية وبصرية.
ففي 28 يناير 2023، دخل منطاد على ارتفاعات عالية -مصدره الصين- المجال الجوي لأمريكا الشمالية، ما تسبب في توترات دبلوماسية، وزعم الجيشان الأمريكي والكندي، أن المنطاد كان جهاز مراقبة، بينما زعمت الحكومة الصينية أنه منطاد أبحاث مدني للأرصاد الجوية، خرج عن مساره بفعل الرياح.
وأشارت الصحيفة -نقلًا عن مسؤولين أمريكيين- إلى أن تحقيقًا أجرته وكالات دفاعية ومخابراتية أمريكية، خلص إلى أن المنطاد كانت عليه أجهزة أمريكية متاحة في الأسواق، إلى جانب مجسّات صينية متخصصة ومعدات أخرى، لالتقاط الصور ومقاطع الفيديو وجمع معلومات أخرى، ونقلها إلى الصين.
تجسس
وحسب "وول ستريت جورنال"، فإن نتائج التحليل تؤيد وجهة النظر القائلة إن المنطاد كان يهدف إلى التجسس وليس لمراقبة الأحوال الجوية، كما زعمت الصين.
ووصف المسؤولون المنطاد الصيني -الممتلئ بعديد من المعدات الجاهزة والمتخصصة- بـ "محاولة مبتكرة من بكين للمراقبة".
إلا أن التحقيق كشف أن المنطاد لم يرسل إلى الصين أي بيانات في ما يبدو من رحلته التي استمرت ثمانية أيام، وعبر فيها فوق ألاسكا وكندا وبعض الولايات الحدودية الأمريكية، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كان هذا بسبب خلل أو الإجراءات الإلكترونية المضادة للجيش الأمريكي.
وحللت وكالات الدفاع والاستخبارات -مع مكتب التحقيقات الفيدرالي- الحطام الذي عُثر عليه، بعد أن اكتشف الجيش الأمريكي المنطاد وأسقطه منذ ما يقرب من ستة أشهر في حدث أضاف تقلبًا جديدًا وغير متوقع، إلى العلاقة المشحونة بالفعل بين الولايات المتحدة والصين، وفقًا للصحيفة.
ولم يرد البيت الأبيض ولا مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" على طلبات للتعقيب، حتى الآن.
ونهاية يناير الماضي، أسقطت الولايات المتحدة المنطاد، الذي حلّق فوق مواقع عسكرية حساسة، ما أثار أزمة دبلوماسية بين البلدين.
ووفقًا للصحيفة، ذكر المسؤولون الأمريكيون أنهم تتبعوا أوامر الشراء لبعض المعدات التي عُثر عليها على البالون، وفحصوا الصلة بين المشترين والحكومة الصينية.
لكن يبدو أن النتائج المزعومة للتحقيق، تتعارض مع تقرير "إن بي سي نيوز" الصادر في أبريل، الذي قال إن البالون جمع بيانات من مواقع عسكرية أمريكية حساسة وأعادها إلى الصين.
وأضاف التقرير، الذي نقل عن ثلاثة من كبار المسؤولين الأمريكيين، لم يذكر أسماءهم، أن بكين كانت قادرة على التحكم في مسار رحلة المنطاد، وتمكنت من جمع المعلومات من "الإشارات الإلكترونية".
وقال المسؤولون إن المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها الصين، كان مصدرها -في الغالب- الإشارات الإلكترونية، التي يمكن التقاطها من أنظمة الأسلحة أو اتصالات أفراد القاعدة.
وأشار المسؤولون الثلاثة، إلى أن الصين كان بإمكانها جمع مزيد من المعلومات الاستخباراتية من المواقع الحساسة، لولا جهود الإدارة للتحرك حول الأهداف المحتملة، وتقليل قدرة المنطاد على التقاط الإشارات الإلكترونية، عن طريق منعها من البث.
وأوضحوا أن بعض المؤسسات التابعة للجيش الأمريكي -بما في ذلك وكالة استخبارات الدفاع- أرادت عرض أجزاء من حطام البالون للعرض العام.
وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" عرضت عام 2017 بعض أجزاء الأسلحة الإيرانية التي استخدمت في اليمن والخليج العربي، لإظهار ما وصفته حينها بأنه نشاط طهران الخبيث في الشرق الأوسط.
وقال أحد المسؤولين، إن إدارة بايدن قررت -حتى الآن- عدم نشر نتائجها بشأن البالون.
بينما يضغط أعضاء الكونغرس على إدارة بايدن، لمعرفة ما جرى التوصل إليه عن قدرات المنطاد، ولماذا سمحت للمركبة بالمرور فوق قواعد للصواريخ البالستية العابرة للقارات وغيرها من المنشآت العسكرية الحساسة.
وهناك من انتقد الإدارة، لتأخرها في إصدار تقرير عن البالون، بدعوى تجنُّب مزيد من التوتر بين واشنطن وبكين.
في غضون ذلك، أعرب المسؤولون الصينيون عن قلقهم، من أنه إذا نُشر تقرير المحققين الأمريكيين بشأن البالون، ستضطر بكين إلى رد فعل قوي، ما قد يؤدي إلى عرقلة الاتصالات رفيعة المستوى بين الجانبين.
ورغم أنه كانت للمنطاد آلية تدمير ذاتي، كان من الممكن تفعيلها عن بُعد من الصين، لكن المسؤولين قالوا إنه ليس من الواضح ما إذا كان ذلك لم يحدث بسبب تعطل الآلية، أو لأن الصين قررت عدم تشغيلها.
ودخل المنطاد لأول مرة المجال الجوي الأمريكي فوق ألاسكا في 28 يناير الماضي، وفقًا لإدارة بايدن، التي قالت إنها كانت تتعقبه أثناء تحركه.
وفي غضون الأيام الـ4 التالية، حلّق المنطاد فوق مونتانا، وتحديدًا قاعدة مالمستروم الجوية، حيث تخزن الولايات المتحدة بعض أصولها النووية.
وأسقطت الولايات المتحدة البالون في 4 فبراير الماضي قبالة سواحل كارولينا الجنوبية، الذي حلّق فوق مواقع عسكرية حساسة، ما أثار أزمة دبلوماسية.
محاولات للتقارب
يأتي هذا التطور في أعقاب الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية أنتوني بلينكين إلى بكين، وهي أعلى زيارة لمسؤول أمريكي إلى الصين منذ خمس سنوات، حيث يحاول البلدان إصلاح العلاقات بينهما.
زيارة بلينكن كانت مقررة في فبراير الماضي، ورغم عدم تأكيدها رسميًا من الحكومتين الأمريكية والصينية، فإنها ألغيت إثر تحليق منطاد تجسس صيني فوق الأراضي الأمريكية.
أعلنت الولايات المتحدة إلغاء الزيارة، وقالت إنه في ضوء "الانتهاك الواضح لسيادتنا وكذلك القانون الدولي" الذي يشكله الحادث، فإن "الظروف ليست مناسبة في هذه اللحظة لسفر الوزير بلينكن إلى الصين".
في الوقت نفسه، ردت الصين بغضب شديد، بعد أن أسقطت الولايات المتحدة البالون فوق المحيط الأطلسي، متهمة واشنطن بـ "المبالغة في رد الفعل وانتهاك خطير لروح القانون الدولي والممارسة الدولية".
واشتعلت العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والصين، أواخر يناير وأوائل فبراير من هذا العام، بعد أن حلّق منطاد يبلغ ارتفاعه 200 قدم فوق ألاسكا والبر الرئيس للولايات المتحدة، قبل أن تسقطه طائرة مقاتلة من طراز إف - 22 بالقرب من ساحل ولاية كارولينا الجنوبية.
وببيان صدر في فبراير، قبل أيام من إسقاط البالون، قال مسؤولو البنتاغون: "نحن نقدر أن هذا البالون له قيمة مضافة محدودة من منظور جمع المعلومات الاستخبارية، لكننا نتخذ خطوات، مع ذلك، للحماية من جمع الاستخبارات الأجنبية للمعلومات الحساسة".
وقال مسؤولون أمريكيون إن البالون كان مصممًا للتجسس على منشآت أمريكية رئيسة، وهو ادعاء دحضته الصين.
ووفقًا للمسؤولين الصينيين، فقد فُجر منطاد طقس مدني ببساطة عن مساره، وهو بيان يبدو أن هذه النتائج الأخيرة تدحضه.
وأشارت التقارير اللاحقة، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، إلى أن غوام وهاواي -وهما تستضيفان قواعد عسكرية أمريكية مهمة- كانا الهدف المقصود لمنطاد التجسس قبل أن ينفجر عن مساره.
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد قال إن الحادث كان "محرجًا أكثر مما كان متعمدًا" للقيادة الصينية.
محللون ربطوا بين نتائج التحقيق الجديد، ومحاولة تخفيف التوترات بين الدولتين العظميين، على خلفية زيارة بلينكن، بعد التوصل إلى اتفاقات على أربع نقاط خلال زيارة بلينكن: (الحفاظ على الاتصالات رفيعة المستوى، والنهوض بفريق العمل المشترك بين الصين والولايات المتحدة لمعالجة عدد من القضايا، وتعزيز تبادل الأفراد بين البلدين، جنبًا إلى جنب مع التبادلات التعليمية).
وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن لمحطة إن بي سي الأسبوع الماضي، عقب زيارته لبكين: "لأن ذلك لم يحدث مرة أخرى، يجب إغلاق هذا الفصل"، في إشارة إلى نية واشنطن إغلاق ملف المنطاد نهائيًا.
وبينما شددت الصين مجددًا على أهمية مراعاة مخاوفها ومصالحها، بما في ذلك تايوان، التي تشكل القضية الأهم لبكين، كرّر بلينكن التنبيه إلى ضرورة أن يقلل البلدان من احتمال حصول أي "سوء فهم أو سوء تقدير"، وإلى "رغبة إدارة بايدن في استكشاف سُبل التعاون في القضايا المشتركة، حسبما أمكن ذلك".
قد تمهد الزيارة الطريق أيضًا لعقد اجتماع في نوفمبر بين بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ، بعد أن التقى الزعيمان آخر مرة على هامش قمة مجموعة العشرين في بالي، أواخر العام الماضي.
ومن المتوقع أن تسافر وزيرة الخزانة غانيت يلين إلى بكين، أوائل الشهر المقبل، للاتفاق على تنظيم اللقاء المرتقب بين بايدن والزعيم الصيني.