امسك إخواني...!

وفقاً لقانون فصل الإخوان من الوظائف الحكومية، يحق للحكومة المصرية فصل الموظف، إذا أخل بواجباته الوظيفية، بما من شأنه الإضرار الجسيم بمرفق عام بالدولة أو بمصالحها الاقتصادية

امسك إخواني...!
مجلس الشعب المصري

السياق

ملاحقة بالقانون، هكذا عبَّـرت موافقة مجلس النواب المصري بشكل نهائي، على مشروع القانون المعروف إعلامياً بـ "قانون فصل الإخوان" المقدَّم من النائب علي بدر و10 من أعضاء مجلس النواب، بغرض ملاحقة موظفي جماعة الإخوان، داخل مؤسسات الدولة.

القانون الجديد، يتضمَّن تعديل أحكام القانون رقم 10 لسنة 1973 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي، الذي يتيح للحكومة فصل الموظفين المنتمين إلى جماعة الإخوان الإرهابية من الجهاز الإداري، وتم تمريره، بعد مراجعته، للتأكد من تماشيه مع مواد الدستور المصري.

ضمانات دستورية

المادة الأولى من مشروع القانون تنص "على أنه مع عدم الإخلال بالضمانات الدستورية المقرَّرة لبعض الفئات، في مواجهة العزل من الوظيفة، تسري أحكام هذا القانون على العاملين بوحدات الجهاز الإداري بالدولة وهي: الوزارات، والمصالح الحكومية، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة، والأجهزة التي لها موازنات خاصة، والعاملون الذين تنظم شؤون توظيفهم قوانين أو لوائح خاصة، والعاملون بشركات القطاع العام، والعاملون بشركات قطاع الأعمال العام، والجهات المخاطبة بأحكام قانون الخدمة المدنية".

النائب بمجلس النواب المصري، مصطفي بكري، مدافعاً عن القانون، قال في تصريح خاص لـ "السياق"، إن "قانون فصل الإخوان عبر المسار غير الطريق التأديبي، نقطة تحول مهمة، من خلالها يمكن تجفيف منابع الإرهاب، وأيضاً ملاحقة كل مَنْ يعادي الدولة ومؤسساتها".

ويري النائب البرلماني المصري، أن مصر أمام صفحة جديدة في المواجهة، مع العناصر التي تستهدف استقرارها، موضحا أنه كشف مؤخراً، أمام وزير النقل المصري، اللواء كامل الوزير، أن في الوزارة وحدها أكثر من 258 إخوانياً، وهو ثابت بتحريات جهاز الأمن الوطني المصري، من بينهم شخصية قيادية مهمة، وهو ما لم ينفه الوزير.

ويؤكد بكري، أن القرار جاء ليضع حداً لعمليات التغلغل، في أماكن مهمة بالجهاز الحكومي، وتحديداً في قطاع الماء والكهرباء والإذاعة والتليفزيون والسكك الحديدية، وغيرها من الأماكن الاستراتيجية المهمة، التي تحتاجه بالفِعل اتخاذ إجراءات، ضد كل مَنْ يحاول ضرب الدولة المصرية ومؤسساتها في الصميم.

أداة انتقام

من ناحية أخرى، أعرب الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، في بيان صحفي، عن تخوفه من استخدام القانون، كأداة انتقام في أيدي الرؤساء ضد مرؤوسيهم، خاصة أنه لا ضمانة على أن مَنْ سيطبَّق عليهم القانون، إرهابيون بالدليل القاطع.

إلا أن البرلماني المصري مصطفى بكري، أكد أن هذا الإجراء غير مخالف للدستور، ولا للقوانين السائدة، وسيطبَّق على مَنْ تتوفر ضده أدلة يقينية، مشدداً في الوقت نفسه، على أن ضمانات التنفيذ موجودة، فلا يمكن بأي حال من الأحوال، أن يطال العقاب موظفين أبرياء، لكن بالتأكيد الوقائع والتحريات والأدلة والثوابت، هي التي ستمكِّن صانع القرار من اتخاذ اللازم، مشيراً إلى أن القرار موكل لرئيس الجمهورية، لكن يمكن للرئيس أن يفوِّض رئيس الوزراء أو غيره من الوزراء المختصين.

تحفظ ومخاوف

وفقاً لقانون فصل الإخوان من الوظائف الحكومية، يحق للحكومة المصرية فصل الموظف، إذا أخل بواجباته الوظيفية، بما من شأنه الإضرار الجسيم بمرفق عام بالدولة أو بمصالحها الاقتصادية، أو إذا قامت بشأنه قرائن جدية على ما يمس الأمن القومي للبلاد وسلامتها، ويُعَدُّ إدراج العامل على "قوائم الإرهاب" إحدى تلك القرائن.

وهو ما اعتبره المستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب المصري، خلال إحدى جلسات مناقشة القانون، أداة لإبعاد الموظف أو العامل الذي يمثِّل خطورة على بيئة العمل، من دون المساس بضمانات اللجوء للقضاء، وحقه في المعاش ومكافأة نهاية الخدمة، وفقاً لتعبيره.

"لا أظن أننا بحاجة إلى تشريع، يبيح الفصل بعيداً عن القواعد المنظِّمة للعمل"، هكذا يبدي أحمد بان، الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، تحفُّظه على قانون "فصل الإخوان" قائلاً لـ"السياق" إن تطهير مؤسسات الدولة، لا يمر إلا عبر قواعد شفافة، للمحاسبة على الأداء، وفق معايير واضحة ينظِّمها قانون العمل.

وأضاف "بان" وهو باحث مصري عمل سنوات طويلة في تحليل استراتيجيات جماعة الإخوان ومفرداتها أن "كل مَنْ يهدِّد بسلوكه، سلامة المجتمع أو تقدُّمه، يجب أن يخضع للمساءلة، بحسب الإطار القانوني الذي ينسجم مع قواعد العدل والمواثيق الدولية المشابهة"، معرباً عن خشيته من أن تشريعاً يصدر في أجواء الاستقطاب، حسب وصفه، قد يتحوَّل إلى أداة لتصفية الحسابات الشخصية أو المناكفات الكيدية.

وقال بان إنه يتحفَّظ على هذا القانون، ويرى أنه قد يكرَّس الانقسام في المجتمع المصري، ويضر بتقوية الجبهة الداخلية... "في وقت نحتاج فيه إلى تسوية الصفوف وتمتين وحدة الشعب".

ومن المقرَّر أن يرسل البرلمان المصري القانون، إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، للتصديق عليه.

يذكر أن المادة 237 من الدستور المصري، تنص على أن "الدولة تلتزم بمواجهة الإرهاب بكل صوره وأشكاله، وتعقُّب مصادر تمويله، وفق برنامج زمني محدَّد، باعتباره تهديداً للوطن والمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة".