أبحاث أم تجسس؟.. سفينة صينية تتحدى مخاوف أمريكا وترسو في سريلانكا
سفينة تجسّس مزدوجة الاستخدام، لمراقبة المجال الجوي وأنشطة الأقمار الاصطناعية من جهة، ومنصة لإطلاق صواريخ بالستية عابرة للقارات من جهة أخرى.

السياق
سفينة تجسّس مزدوجة الاستخدام، لمراقبة المجال الجوي وأنشطة الأقمار الاصطناعية من جهة، ومنصة لإطلاق صواريخ بالستية عابرة للقارات من جهة أخرى.
وضع عالمي غير مستقر وتحركات لدول كبرى تثير توجس وخيفة نظرائها، من الولايات المتحدة إلى روسيا والصين والدول الأوروبية وحتى الهند.
في سريلانكا وصلت إلى ميناء هامبانتوتا، جنوبي البلاد-الذي تديره بكين- سفينة أبحاث صينية، في خطوة تضرب عرض الحائط بالمخاوف الهندية والأمريسكية من ضلوع هذه السفينة بأنشطة تجسّس.
كان في استقبال السفينة راقصون وعازفو آلات إيقاعية تقليدية وخمسة نوّاب انتظروها على السجّاد الأحمر، لكن من دون أن يكون بينهم أيّ مسؤول رفيع المستوى ومن دون تنظيم أيّ مراسم عسكرية استعراضية.
وعلّقت لافتة بالأحمر والأبيض على الجسر العلوي للسفينة المزوّدة بأربعة هوائيات ضخمة كُتب عليها "لتحيا الصداقة بين الصين وسريلانكا". وخلال عملية الرسو، لوَّح رجال بقمصان بيضاء وسراويل سوداء بالأعلام الصينية والسريلانكية.
حصلت السفينة "يوان وانغ 5" على الضوء الأخضر للرسو في الميناء، بشرط أن تلتزم بعدم إجراء أي أبحاث طوال وجودها في المياه الإقليمية السريلانكية، بحسب ما قال مسؤولون في المرفأ لوكالة فرانس برس، بعد مشاورات مع الهند والولايات المتحدة والصين.
ومن المقرّر أن تبقي "يوان وانغ 5" على نظامها الآلي لتحديد هوية السفن في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لسريلانكا.
"يوان وانغ 5" سفينة أبحاث ومسح، بحسب مواقع متخصصة لكنّ قناة "سي إن إن-نيوز18" الهندية أفادت بأنها سفينة تجسّس مزدوجة الاستخدام، لمراقبة المجال الجوي وأنشطة الأقمار الاصطناعية من جهة، ومنصة لإطلاق صواريخ بالستية عابرة للقارات من جهة أخرى.
غادرت السفينة ميناء جيانغيين الصيني في 13 يوليو وكان من المفترض أن ترسو في المياه العميقة بمرفأ هامبانتوتا الذي تديره شركة صينية في 11 أغسطس، غير أن السلطات السريلانكية أرجات هذا الموعد إثر احتجاج الهند.
والسبت، بعد مفاوضات دبلوماسية حثيثة، بدّلت كولومبو موقفها مع إعلان سماحها للسفينة بالرسو في مرفأ هامبانتوتا حيث ستبقى حتى 22 أغسطس.
ورأت الصين أن "ما من مبرّر على الإطلاق لقيام بعض البلدان" بالتحجّج بـ"مشكلات أمنية" للضغط على سريلانكا.
وقال مسؤول صيني قبل أن تسمح كولومبو للسفينة بالرسو: "ندعو الأطراف المعنية إلى النظر لأنشطة الأبحاث العلمية البحرية للصين نظرة منطقية".
وتشعر الهند بالقلق من نفوذ الصين المتزايد في المحيط الهندي، وفي سريلانكا المثقلة بالديون المقترضة من بكين، لتطوير مشاريع بنى تحتية واسعة.
ديون صينية
عام 2017، اضطرت كولومبو إلى منح شركة صينية امتياز تشغيل ميناء هامبانتوتا 99 عاماً بعدما عجزت عن تسديد دين لبكين بـ1.4 مليار دولار.
الصين أكبر الجهات الخارجية الدائنة لسريلانكا، وتتخطّى حصّتها من الدين الخارجي السريلانكي عشرة بالمئة.
وتخلّفت سريلانكا عن سداد ديونها الخارجية البالغة 51 مليار دولار منتصف أبريل. وتجري الجزيرة حالياً مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة إنقاذ محتملة.
ودعم بكين للجزيرة الغارقة في أزمة اقتصادية كبرى ضروري للسماح لها بإعادة هيكلة ديونها وطلب المساعدة من صندوق النقد الدولي.
هدية هندية
مطلع الشهر، حرصت السلطات السريلانكية على طمأنة الهند، مع التأكيد أن السفينة الصينية ستتوقّف في المرفأ للتزوّد بالوقود، وأنها لن تزاول أيّ نشاط خلال وجودها في المياه السريلانكية.
وقال وزير العمل والتوظيف الخارجي مانوشا ناناياكارا إن سفن الأبحاث الصينية سبق لها أن رست في مياه سريلانكا 18 مرّة.
وحذّرت نيودلهي من "أيّ تداعيات على أمن الهند ومصالحها الاقتصادية التي ستّتخذ الإجراءات اللازمة لصونها".
وصرّح الناطق باسم الحكومة السريلانكية باندولا غوناواردينا بأن حكومته تسعى إلى الردّ "دبلوماسيًا" على "مخاوف" نيودلهي.
وقال: "الهند والصين تقدّمان لنا المساعدة في هذه المرحلة الصعبة جدّا التي نعاني فيها أزمة اقتصادية غير مسبوقة".
وعشية وصول السفينة الصينية، قدَّمت الهند لسريلانكا طائرة من طراز "دورنير 228" لتعزيز قدرات المراقبة البحرية في الجزيرة. والطائرة مزوّدة بتجهيزات تسمح بمراقبة الإشارات الإلكترونية وتشويشها.
وتعاني سريلانكا -التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة- نقصًا حادًا في المواد الغذائية والوقود والأدوية منذ نهاية العام الماضي، نتيجة شحّ العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد السلع الأساسية.