الامتيازات الإفريقية.. لماذا يتمركز تنظيم القاعدة وداعش في القارة السمراء؟
حركة الشباب أكبر وأشرس وأكثر ثراءً بين فروع القاعدة في العالم اليوم، وأصبحت أكثر قوة وجرأة العام الماضي .

ترجمات - السياق
كشفت مجلة إيكونوميست البريطانية، أسباب انتشار وتمركز تنظيمي القاعدة وداعش في إفريقيا، مشيرة إلى أن ما سمتها "الامتيازات الإفريقية" -كغياب الأمن مع الدعم المالي والبشري- للجماعة الإرهابية، جعلت القارة السمراء وجهة جديدة لهذه الحركات، بعيدًا عن الشرق الأوسط.
وبينت المجلة أن الفروع التابعة للتنظيمين الإرهابيين في القارة الإفريقية، أصبحت أنشط من الفروع في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنه رغم مرور نحو 13 عامًا على المحاولة الفاشلة لتفجير قطارات الأنفاق في نيويورك عام 2009، وانتهاء حرب أفغانستان، وانشغال أمريكا وأوروبا بأزمات أخرى من أوكرانيا إلى تايوان، إلا أن صاروخيْ هيلفاير اللذين قتلا أيمن الظواهري وهو على شُرفة منزل في العاصمة الأفغانية كابل، كانا تذكيرًا بأن تنظيم القاعدة لا يزال حيًا.
ورأت، أن الظواهري لم يكن ليحلم بمراقبة غروب الشمس من المنطقة الدبلوماسية الراقية، لو لم تُسيطر طالبان على كابل الصيف الماضي، حيث إن البيت الآمن الذي كان فيه، يعود لشبكة حقاني المرتبطة بالمخابرات الباكستانية، وزعيمها هو سراج حقاني، نائب وزير الداخلية في حكومة أفغانستان.
وحسب المجلة "ليس مفاجئًا أن يشعر الظواهري التي انقطعت أخباره لدرجة ساد معها اعتقاد بأنه مات، بالأمان ويصدر عددًا من الفيديوهات تتعلق بسوريا والتظاهرات المؤيدة للجهاد في الهند".
ولاية فاشلة
وأوضحت "إيكونوميست" أن فترة قيادة الظواهري للقاعدة ما بين 2011 و2022 كانت فاشلة، فلم تنظم حركته هجمات كبيرة ضد أمريكا أو أوروبا، ولم تطح أيًا من الحكام العرب، كما أدى ظهور تنظيم داعش -الذي انشق عن القاعدة- في العراق وسوريا، إلى ظهور الظواهري كالمهزوم.
واستشهدت بما قاله كين ماكولام، مدير المخابرات الداخلية البريطانية "إم آي فايف"، قبل سقوط كابل بفترة العام الماضي: "انتهت البنية الإرهابية التي واجهتنا عام 2001، إلا أن البنية التحتية تظهر علامات عن العودة".
وبحسب فريق المراقبة التابع للأمم المتحدة، فإن القاعدة تلعب دور مستشار لحركة طالبان، وتملك في شبه القارة الهندية ما بين 180 و400 مقاتل، معظمهم قاتلوا إلى جانب طالبان.
ونقلت المجلة البريطانية، عن منسق فريق الأمم المتحدة إدموند فيتون- براون، قوله: "ليست لدينا أدلة على قدرات دولية للقيام بهجمات من أفغانستان، إلا أنه لاحظ أن حقاني يُشرف على المواطنة والجوازات والسفر، وقد تكون هذه خطة للعبة طويلة ربما قادت لأعمال إرهاب جديدة من القاعدة في أي مكان ويتم التخطيط لها من أفغانستان".
وأشارت المجلة، إلى أن كل ذلك يعتمد على ما إذا كانت طالبان تكبح جماحها، خوفًا من عواقب أي هجوم آخر ينطلق من الأراضي الأفغانية، لافتة إلى أن ما يميز القاعدة عن عام 2001، توسع نشاطها.
ففي السنوات الأخيرة، أصبحت القاعدة لامركزية بشكل ملحوظ، حيث تحولت منطقة الساحل والصحراء الإفريقية بدولها الفقيرة إلى نقطة الإرهاب الساخنة في العالم، وتسببت في أكثر من ثلث الوفيات الناجمة عن الإرهاب عام 2021.
وتعد هذه المنطقة -حسب المجلة- مركز جماعة أنصار الإسلام، وهي تحالف من الفصائل الموالية للقاعدة، حيث تُعد هذه الجماعة الجهادية الأكثر نموًا في العالم، مقارنةً بالهجمات التي قامت بها وحصيلة القتلى.
ففي مالي، قُتل قرابة 2.700 شخص في النصف الأول من هذا العام، بزيادة نحو 40% على العام الماضي.
وحسب المجلة، نفذ الجهاديون -الشهر الماضي- هجومًا على قاعدة عسكرية تبعد 60 ميلًا عن العاصمة باماكو، ثم هاجموا بعد أسبوع، المعسكر الرئيس على أبوابها.
وفي النيجر، انخفض عدد القتلى في النزاع بشكل طفيف، لكن من المحتمل أن يتجاوز الألف عام 2022.
وفي بوركينا فاسو، قُتل في النصف الأول من العام الحالي 2.100 شخص، وعادةً ما يتم عزل بلدة جيبو في الشمال عن العاصمة باماكو، بسبب الحواجز التي يقيمها الجهاديون.
عبور القارة
وحسب "إيكونوميست" يجد تنظيم القاعدة أرضًا خصبة شرقي إفريقيا، حيث تسيطر حركة الشباب على أجزاء من الصومال.
وقال قائد القيادة المركزية الأمريكية لإفريقيا، الجنرال ستيفن تاونسند أمام مجلس الشيوخ في مارس الماضي: إن حركة الشباب أكبر وأشرس وأكثر ثراءً بين فروع القاعدة في العالم اليوم، وأصبحت أكثر قوة وجرأة العام الماضي .
وتأكيدًا لذلك، فإنه في مايو الماضي، هزمت الحركة قواتٍ تابعة للاتحاد الأوروبي، وقتلت 50 شخصًا وسرقت أسلحتهم.
وفي يوليو، اخترق ما بين 500 و800 مقاتل من الحركة، المنطقةَ الأمنية التي تسيطر عليها إثيوبيا وقطعت 150 كيلومترًا للسيطرة على قاعدة عسكرية في جبال بالي.
وفي مناطقه الرئيسة بالعراق وسوريا، تفسخ تنظيم الدولة إلى مجموعات محلية، وخفّ تنافسه مع القاعدة في سوريا، حيث يخوض التنظيمان كفاحًا للبقاء هناك، مع أن آلافًا من أتباعه لا يزالون وسط المجتمعات التي تشعر بالظلم من الحكومة الشيعية في العراق.
كما يجند التنظيم أيضًا ويموِّل ويؤثر في الجهاديين بإفريقيا وأفغانستان، ففي نيجيريا مثلًا، حل تنظيم الدولة غرب إفريقيا محل جماعة بوكو حرام، وأصبح الجماعة الجهادية الرئيسة هناك.
بينما شنّ أحد فروعه -تنظيم الدولة في الصحراء الكبرى- هجمات عشوائية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، كما عاث فصيل مرتبط بتنظيم الدولة، فسادًا في موزمبيق.
وبالعودة إلى أفغانستان، فإن قتل معظم الـ700 شخص منذ مغادرة أمريكا، كان بسبب هجمات لولاية خراسان، التابعة لتنظيم الدولة.
وحسب الجنرال مارك كونورت، الذي قاد القوات الفرنسية في الساحل حتى العام الماضي، فإن العلاقة بين التنظيم والجماعات المحلية تظل غامضة، مشيرًا إلى أن تنظيم الدولة في الصحراء الكبرى ليس سوى مجموعة من العصابات الإجرامية، التي تخفي نفسها وراء الراية الجهادية من دون أن تكون لها أي أجندة سياسية.