تقرير مخابراتي جديد.. ما احتمال تكرار سيناريو 11 سبتمبر؟
التقرير أعدته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بعد قتل أيمن الظواهري زعيم القاعدة.

ترجمات - السياق
مع مرور عام على انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، تاركة المجال لحركة طالبان المسلحة لحكم البلد الآسيوي، باتت أعين القيادة الأمريكية منصبة على تنظيم القاعدة الإرهابي، وكيف يستفيد من الفراغ الذي أحدثه خروج واشنطن من كابل.
إلا أن وكالات التجسس الأمريكية قالت -في تقييم استخباراتي جديد- إن «القاعدة» لم يعد تشكيل وجوده في أفغانستان منذ انسحاب الولايات المتحدة في أغسطس الماضي، مؤكدة أن عددًا قليلاً فقط من أعضاء التنظيم باقون في أفغانستان منذ مدة طويلة.
وقال التقييم -الذي اطلعت صحيفة «نيويورك تايمز» على نسخة منه- إن الجماعة الإرهابية ليست لديها القدرة على شن هجمات من البلاد ضد الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنه بدلاً من ذلك فإن القاعدة ستعتمد على الأقل في الوقت الحالي، على مجموعة من المنتسبين الموالين خارج المنطقة لتنفيذ مؤامرات إرهابية محتملة ضد الغرب.
لكن العديد من محللي مكافحة الإرهاب قالوا إن تقييم وكالات التجسس يمثل لقطة متفائلة لمشهد «إرهابي» معقد وسريع الحركة، مشيرين إلى أن التقييم الذي رُفع عنه السرية يمثل وجهات النظر المتفق عليها لوكالات المخابرات الأمريكية.
وقال إدموند فيتون براون، أحد كبار المسؤولين السابقين في الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، إن «التقييم دقيق إلى حد كبير، لكنه أيضًا يقدم نظرة إيجابية لصورة التهديد التي لا تزال متقلبة للغاية».
وبحسب «نيويورك تايمز»، فإن التقرير أعدته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بعد قتل أيمن الظواهري زعيم القاعدة، في غارة بطائرة من دون طيار في كابل الشهر الماضي.
سياسة فاشلة
قال الجمهوريون إن انسحاب الرئيس بايدن من أفغانستان يهدد الولايات المتحدة، مشيرين إلى أن حقيقة شعور زعيم القاعدة بالأمان الكافي للعودة إلى العاصمة الأفغانية، كانت علامة على سياسة فاشلة، توقعوا أنها ستسمح للقاعدة بإعادة بناء معسكرات التدريب والتخطيط لشن هجمات، رغم تعهد حركة طالبان بحرمان الجماعة من الملاذ الآمن.
وفي أكتوبر الماضي، قال مسؤول كبير في البنتاغون إن القاعدة يمكن أن تكون قادرة على إعادة تجميع صفوفها في أفغانستان ومهاجمة الولايات المتحدة في غضون عام إلى عامين.
وتراجع مسؤولو الإدارة عن الانتقادات الأخيرة، مشيرين إلى التعهد الذي قطعه بايدن عندما أعلن وفاة الظواهري.
وقالت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض: «كما قال الرئيس بايدن، سنظل يقظين، جنبًا إلى جنب مع شركائنا، للدفاع عن أمتنا وضمان ألا تصبح أفغانستان مرة أخرى ملاذًا آمنًا للإرهاب».
إلا أنه مع ذلك، رأى بعض المتخصصين الخارجيين في مكافحة الإرهاب أن التقييم الاستخباراتي الجديد مفرط في الأمل.
وحذر تقرير للأمم المتحدة -هذا الربيع- من أن القاعدة وجدت «حرية عمل متزايدة» في أفغانستان منذ استيلاء طالبان على السلطة، بينما أشار التقرير إلى أن عددًا من قادة القاعدة ربما كانوا يعيشون في كابل، وأن التصعيد في التصريحات العلنية للظواهري يشير إلى أنه كان قادرًا على القيادة بشكل أكثر فاعلية بعد استيلاء طالبان على السلطة.
وسلط قتل الظواهري الضوء مرة أخرى على تنظيم القاعدة، الذي طغى عليه إلى حد كبير خصمه المغرور، تنظيم داعش الإرهابي، بعد قتل أسامة بن لادن عام 2011.
وقال العديد من محللي الإرهاب إن سيف العدل، أحد كبار قادة القاعدة المطلوبين من مكتب التحقيقات الفيدرالي، في تفجير سفارتي الولايات المتحدة شرقي إفريقيا عام 1998، الذي كان من المرجح أن يخلف الظواهري، يعتقد أنه يعيش في إيران.
نقاط الخلاف
من جانبه، قال دانيال بيمان، الأستاذ في جامعة جورج تاون إن تحليل الاستخبارات الأمريكية الجديد عن تنظيم القاعدة في أفغانستان «مقنع»، بعد أن كان أعرب عن شكوكه في تجدد تهديد القاعدة.
لكن خبراء مكافحة الإرهاب الآخرين عارضوا ذلك، بينما كانت إحدى نقاط الخلاف، الادعاءات الواردة في الملخص الاستخباراتي، بأن القاعدة لم تعد تشكيل شبكة التهديد الخاصة بها في أفغانستان، وأن الظواهري كان الوحيد الذي سعى إلى إعادة تأسيس القاعدة في البلاد، عندما استقر هو وعائلته في كابل.
وكتب أسفنديار مير، الخبير البارز في معهد الولايات المتحدة للسلام، في بريد إلكتروني: «الظواهري كان زعيم القاعدة، لذا فإن حمايته من قِبل طالبان، بينما كان يقدم إرشادات أكثر نشاطًا للجماعة كانت إعادة تشكيل».
وأضاف مير: «هذا النهج يفشل في حساب جماعة القاعدة هي اليوم وحقيقة أنه حتى عدد صغير من القادة الأساسيين يمكنهم الاستفادة من أفغانستان لتوجيه الشبكة التابعة للجماعة سياسياً»، مشيرًا إلى أن «القاعدة لا تحتاج إلى معسكرات تدريب كبيرة لتكون خطرة».
كما اعترض بعض خبراء مكافحة الإرهاب على حكم المحللين الحكوميين، بأن أقل من عشرة من أعضاء القاعدة الذين تربطهم صلات طويلة بالجماعة موجودون في أفغانستان، وأن معظم هؤلاء الأعضاء كانوا هناك على الأرجح قبل سقوط الحكومة الأفغانية الصيف الماضي.
وقال بروس هوفمان، الباحث في شؤون الإرهاب في مجلس العلاقات الخارجية، في إشارة إلى أفغانستان وباكستان: «إن أعدادهم من القاعدة النشطة والمتشددة في أفغانستان لا معنى لها»، مشيرًا إلى «إطلاق سراح ما لا يقل عن 36 من كبار قادة القاعدة من السجون الأفغانية قبل عام، الذين شكك في أنهم تحولوا إلى الزراعة أو المحاسبة كمهن بعد السجن.
هوفمان أضاف أن نشطاء القاعدة أو المنتسبين لهم تم تكليفهم بمسؤوليات إدارية مهمة في ما لا يقل عن ثماني مقاطعات أفغانية، مشيرًا إلى أن توقيت تقييم الحكومة كان «لصرف الانتباه عن العواقب الكارثية للانسحاب المخزي العام الماضي من أفغانستان».
وذكر الملخص الاستخباراتي أن أعضاء فرع القاعدة في أفغانستان، المعروف بالقاعدة في شبه القارة الهندية، كانوا غير نشطين إلى حد كبير وركزوا بشكل أساسي على أنشطة مثل الإنتاج الإعلامي، لكن تقريرًا للأمم المتحدة صدر في يوليو الماضي، قدر أن التنظيم التابع للقاعدة كان لديه ما بين 180 و400 مقاتل «بشكل أساسي من بنغلاديش والهند وميانمار وباكستان» كانوا في وحدات قتالية لطالبان.
وقال مير، في إشارة إلى فرع تنظيم داعش بأفغانستان، وهو منافس لدود للقاعدة: «نعلم من مجموعة من المصادر أن القاعدة في بلاد الرافدين شاركت في تمرد طالبان ضد الولايات المتحدة، وكذلك بعمليات ضد داعش في خراسان».
سيناريو 11 سبتمبر
كان هناك اتفاق واسع النطاق على نقطتين رئيستين على الأقل في الملخص الاستخباراتي، بما في ذلك أن القاعدة ليس لديها بعد القدرة على مهاجمة الولايات المتحدة أو المصالح الأمريكية من الأراضي الأفغانية.
ووافق تقرير الأمم المتحدة في يوليو الماضي على هذا الحكم، موضحًا أن القاعدة «لا يُنظر إليها على أنها تشكل تهديدًا دوليًا فوريًا من ملاذها الآمن في أفغانستان، لأنها تفتقر إلى القدرة العملياتية الخارجية ولا ترغب في التسبب بصعوبة أو إحراج حركة طالبان الدولية».
واتفق المحللون الحكوميون وكذلك خبراء الإرهاب الخارجيون على أن القاعدة في أفغانستان، على المدى القصير، من المرجح أن تدعو مجموعة من المنتسبين خارج المنطقة لتنفيذ مؤامرات.
ولا يشكل أي من هؤلاء المنتسبين النوع نفسه من التهديد لأمريكا الذي فعلته القاعدة في 11 سبتمبر 2001، لكنهم قاتلون ومرنون، بحسب «نيويويرك تايمز»، التي قالت إن فرع القاعدة شرقي إفريقيا قتل ثلاثة أمريكيين في قاعدة أمريكية بكينيا عام 2020.