ماذا يعني رد إيران على المقترح الأوروبي بشأن الاتفاق النووي؟
قالت إيران -الثلاثاء- إنها ردت على المقترح المقدَّم من الاتحاد الأوروبي، ضمن جهود إحياء الاتفاق بشأن برنامجها النووي، في حين قالت بروكسل إنه يخضع لتشاور بينها وبين المعنيين وأبرزهم واشنطن.

السياق
مقترح أوروبي قدَّمته دول الاتحاد -قبل أيام- كمرحلة نهائية من طريق تفاوضي معقد، تجاوزت مدته 15 شهرًا في فيينا، ويعد مسودة اتفاق نهائية، تنتظر توقيع الرئيسين الأمريكي والإيراني، وبالتصديق عليه تدب الروح في الاتفاق الميت.
وأكدت إيران -الثلاثاء- أنها ردت على المقترح المقدَّم من الاتحاد الأوروبي، ضمن جهود إحياء الاتفاق بشأن برنامجها النووي، في حين قالت بروكسل إنه يخضع لتشاور بينها وبين المعنيين وأبرزهم واشنطن.
كان الاتحاد الأوروبي، منسّق مفاوضات إحياء الاتفاق الذي انسحبت الولايات المتحدة أحاديًا منه قبل أربعة أعوام، قدَّم -الأسبوع الماضي- اقتراح تسوية "نهائيًا"، داعيًا طهران وواشنطن للرد عليه، أملًا بإنجاز مباحثات بدأت قبل عام ونصف العام.
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا": "قدَّمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية ردها خطيًا على النص المقترح من الاتحاد الأوروبي، وأعلنت أنه سيتم التوصل إلى اتفاق إذا كان الرد الأمريكي يتسم بالواقعية والمرونة".
من جهته، أكد متحدث باسم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بروكسل، دراسة ردّ طهران.
وقال لوكالة فرانس برس: "تلقينا ردّ إيران أمس (...) نقوم بدراسته والتشاور مع آخرين في خطة العمل الشاملة المشتركة والولايات المتحدة بشأن سبل المضي قدمًا".
كان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أكد –الاثنين- أن بلاده ستقدِّم "مقترحاتها النهائية" لإحياء الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحاديًا عام 2018.
وأتاح الاتفاق المبرم بين طهران وست قوى دولية كبرى، واسمه الرسمي "خطة العمل الشاملة المشتركة"، رفع عقوبات عن الجمهورية الإسلامية، مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحاديًا منه خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات على إيران، التي ردت ببدء التراجع عن معظم التزاماتها.
وبدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، والصين) مباحثات لإحيائه في أبريل 2021، تم تعليقها مرة أولى في يونيو من العام ذاته.
وبعد استئنافها في نوفمبر، عُلّقت مجددًا منذ منتصف مارس، مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، رغم تحقيق تقدم كبير في سبيل إنجاز التفاهم.
وأجرى الطرفان -بتنسيق من الاتحاد الأوروبي- مباحثات غير مباشرة ليومين في الدوحة أواخر يونيو، لم تفضِ الى تقدم يذكر.
وفي الرابع من أغسطس، استؤنفت المباحثات في فيينا بمشاركة الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
وبعد أربعة أيام من التفاوض، أكد الاتحاد الأوروبي أنه عرض على طهران وواشنطن، صيغة تسوية "نهائية" وينتظر ردهما "سريعًا" عليها.
وقال متحدث باسم الاتحاد في حينه: "لم يعد هناك أي مجال للمفاوضات (...) لدينا نص نهائي، إنها لحظة اتخاذ القرار: نعم أم لا، وننتظر من جميع المشاركين أن يتخذوا القرار بسرعة كبيرة".
اتفاق أبعد
ولم تقدِّم وسائل الإعلام المحلية تفاصيل الرد الإيراني.
إلا أن وكالة إرنا أفادت بأن نقاط التباين المتبقية "تدور حول ثلاث قضايا، أعربت فيها أمريكا عن مرونتها اللفظية في حالتين، لكن يجب إدراجها في النص"، في حين ترتبط الثالثة "بضمان استمرار تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة، التي تعتمد على واقعية أمريكا لتأمين التجاوب مع رأي إيران".
ووفق تصريحات مسؤولين إيرانيين، كانت إحدى النقاط الأساسية، التي طالبت بها طهران في المباحثات الأخيرة بفيينا، إنهاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، قضية العثور على آثار لمواد نووية في مواقع لم تصرّح إيران بأنها شهدت أنشطة نووية، وهي مسألة أثارت توترًا مؤخرًا بين الطرفين.
الكرة في ملعب من؟
كما شددت طهران مرارًا على ضرورة الحصول على ضمانات بتحقيق فوائد اقتصادية من الاتفاق النووي، خصوصًا في مجال رفع العقوبات، وعدم تكرار الانسحاب الأمريكي منه.
وكتب مستشار الفريق التفاوضي الإيراني محمد مرندي عبر تويتر: "حل القضايا المتبقية ليس صعبًا".
وأشار إلى أن الملاحظات الإيرانية على النصّ المقترح سببها "خروق سابقة للاتفاق من الولايات المتحدة والدول الأوروبية الأطراف فيه"، مضيفًا: "لا يمكنني القول إن الاتفاق سيحصل، لكننا أقرب مما كنا عليه".
كان أمير عبداللهيان أكد –الاثنين- أن "الأيام المقبلة مهمة (...) في حال الموافقة على مقترحاتنا، نحن مستعدون للإنجاز وإعلان الاتفاق خلال اجتماع لوزراء الخارجية".
من جهته، امتنع المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس –الاثنين- عن كشف ما إذا كانت بلاده وافقت على النص الأوروبي المقترح.
وأكد -خلال مؤتمر صحفي- أن واشنطن "ستتّصل ببوريل كما طلب منها الأخير".
وأضاف: "ما يمكن التفاوض عليه تمّ"، مؤكّداً موقف واشنطن القائل إنّ الكرة في ملعب طهران.
وشدّد على أنّ "الطريقة الوحيدة" للعودة المتبادلة إلى الاتفاق "تكمن في تخلّي إيران عن مطالبها غير المقبولة، التي تتجاوز بكثير اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة".
تحتاج الولايات المتحدة إلى تدفق النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية، كورقة ضغط إضافية على روسيا، لتخفيض أسعار الغاز، في المقابل تحتاج إيران إلى المكاسب الاقتصادية والإعفاء من العقوبات المفروضة.