الاتفاق النووي الإيراني المتعثر... سيناريوهات ما بعد الفشل

قالت المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأمريكية، إيلي كوهانيم، إن الوقت حان لكي تلجأ الولايات المتحدة للخيار العسكري، للقضاء على مواقع إيران النووية.

الاتفاق النووي الإيراني المتعثر... سيناريوهات ما بعد الفشل

ترجمات - السياق

الجمود ما زال يخيم على مصير المحادثات النووية، التي توقفت منذ أسابيع، بعد أشهر طويلة من النقاشات في العاصمة النمساوية فيينا، بينما ترى صحيفة فايننشال تايمز أن الدبلوماسيين المعنيين بمتابعة الاتفاق النووي الإيراني، أمامهم الآن الفرصة الأخيرة لإحيائه.

وقالت الصحيفة -في تحليل للكاتب سيد حسين موسويان- الرئيس الأسبق للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمن القومي الإيراني: الشكوك بين الجمهوريين الأمريكيين، تشير إلى أن أي اتفاقية جديدة مع إيران قد تكون قصيرة الأجل، موضحة أن توقف المحادثات النووية بين إيران والقوى العالمية، أثار مخاوف من أن المفاوضات قد تفشل، ما يقضي على الاتفاق النووي الموقع عام 2015.

تأتي هذه التوقعات، في الوقت الذي أعلن فيه متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن واشنطن لا تزال ترغب في إحياء الاتفاق النووي، لكنها في الوقت نفسه تستعد مع حلفائها لسيناريو عدم إحيائه.

بينما قالت المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأمريكية، إيلي كوهانيم، لصحيفة إيرانية: الوقت حان لكي تلجأ الولايات المتحدة للخيار العسكري، للقضاء على مواقع إيران النووية.

 

إيران تجاوزت حدودها

وتقول "فايننشال تايمز": فشل محادثات فيينا يعني أن فرص حل الأزمة النووية الإيرانية وتقليل الأعمال العدائية بين طهران والغرب ستضيع لسنوات مقبلة، كما ستتضرر أيضًا الفرص الدبلوماسية لحل الأزمات الإقليمية الأخرى.

وأوضحت الصحيفة، أن الاتفاق -المعروف رسميًا بخطة العمل الشاملة المشتركة- كان نتاج 12 عامًا من المفاوضات المكثفة.

وأمام ذلك، يروي موسويان بعض تفاصيل المفاوضات السابقة، قائلا إنه عندما كان عضوًا في فريق المفاوضات النووية الإيرانية عام 2000، كانت إيران على وشك إبرام اتفاقية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا، لكنها فشلت بسبب معارضة الولايات المتحدة آنذاك.

ويضيف الكاتب: "بعد عشر سنوات، مع انضمام واشنطن وتوقيع الاتفاق، نفذت طهران التزامها بالحد من الأنشطة النووية ثلاث سنوات، حتى قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بشكل كارثي، الانسحاب من جانب واحد من الاتفاقية عام 2018".

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ شنت إدارة ترامب أيضًا "حملة الضغط القصوى" لإثناء بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأعضاء الاتحاد الأوروبي عن التجارة والأعمال مع إيران.

أمام هذه التطورات، ردًا على هذا الانسحاب من المزايا التجارية المتفق عليها لخطة العمل الشاملة المشتركة، بدأت طهران تجاوز حدودها المتفق عليها، على مخزونات اليورانيوم ومستويات التخصيب.

 

الحرس الثوري"إرهابيًا"

من جانبه، حاول الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، التفاوض بشأن العودة إلى الاتفاق، على أساس أن الولايات المتحدة سترفع العقوبات عن إيران، وستعود طهران للامتثال، بما في ذلك خفض مستويات التخصيب من 60 بالمئة إلى أقل من 5 بالمئة.

وبالفعل بدأت مفاوضات فيينا وتم الاتفاق على مسودة اتفاق من 20 صفحة، إلا أنه مع ذلك -حسب الصحيفة البريطانية- لا تزال هناك عقبة رئيسة أمام إحياء الاتفاق، هي مطالبة إيران للولايات المتحدة برفع تصنيف ترامب للحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية، وتصر على أنه لم يكن مصنفًا جماعة إرهابية عند توقيع الاتفاق الأصلي.

ومما زاد تعقيد الأمر -حسب الكاتب- أن طهران ردًا على ذلك، وضعت القيادة المركزية الأمريكية - أكبر كيان عسكري أمريكي يركز على الشرق الأوسط- على قائمتها الخاصة للجماعات الإرهابية.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن إسرائيل، التي ليست طرفًا في الاتفاق -حسب فايننشال تايمز- دفعت بأن الحرس الثوري الإيراني يجب أن يظل على القائمة.

من جانبه، أصدر مجلس الشيوخ الأمريكي الأسبوع الماضي -بأغلبية ساحقة- قرارًا "غير ملزم" يحظر على إدارة بايدن إزالة الحرس الثوري الإيراني من التصنيف الإرهابي، مقابل إحياء الصفقة، كما وافق على اقتراح من السناتور تيد كروز بفرض عقوبات إرهابية على البنك المركزي الإيراني والحرس الثوري الإيراني، للحد من التعاون بين إيران والصين.
 

قليل من الأمل

ويعلق موسويان على هذه الإجراءات قائلًا: إجراءات مجلس الشيوخ هذه، تشير بوضوح إلى أن أي إحياء لخطة العمل الشاملة المشتركة، من المحتمل أن يكون قصير الأجل.

وأوضح أنه لم يتبق سوى ستة أشهر على انتخابات الكونغرس الأمريكي، وقد صرح الجمهوريون -الذين من المرجح أن يفوزوا بالأغلبية- بأنهم سيفعلون كل ما في وسعهم لعرقلة خطة العمل الشاملة المشتركة، حتى أن بعضهم قال إنه سيمزقها، وشدد الكاتب على أن هذا لاشك سيترك القليل من الأمل الواقعي بشأن الاتفاق على المدى الطويل.

 

سيناريوهات محتملة

وعن السيناريوهات المحتملة، أوضح موسويان أن هناك اثنين للتعامل مع الموقف الحالي، الأول إذا لم تتم إعادة إبرام الصفقة، من المرجح أن تعود الولايات المتحدة إلى استراتيجية الضغط الأقصى، مبينًا أن هذا الأمر سيدفع طهران للميل أكثر نحو روسيا والصين، على أن ترفع قدرة برنامجها النووي إلى مستوى صُنع الأسلحة، كحماية ضد أي ضربة عسكرية أمريكية أو إسرائيلية.

أما السيناريو الثاني، فرأى الكاتب، أن أي رفع متزامن ومتبادل من قوائم الإرهاب -الحرس الثوري الإيراني في أمريكا والقيادة المركزية الأمريكية التي صنفتها طهران منظمة إرهابية- قد يؤدي في النهاية إلى تقليل التوترات والمساعدة في حل المأزق الحالي.

وأضاف: "الحقيقة أن فيلق القدس الإيراني -فرع النخبة من الحرس الثوري- والقيادة المركزية، لعبا دورًا مركزيًا في المنطقة، ومن ثمّ فإنه من دون التعاون، فإن فرصة حل الأزمات الإقليمية سلميًا، ستقوَّض بشكل حاسم".