لهذه الأسباب.. كاتب أمريكي يتوقع احتجاجات عنيفة في العراق

يقول مايكل روبين إن ثورة في العراق، ستؤدي إلى أزمة هجرة، بعد أن أهدر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي فرصة ثمينة للإصلاح، مشيرًا إلى أن العراقيين لن يقبلوا مرة أخرى بأي أعذار، وسيطيحون القيادة السياسية الحالية.

لهذه الأسباب.. كاتب أمريكي يتوقع احتجاجات عنيفة في العراق
الشباب العراقي خرج إلى الشوارع في الأول من أكتوبر 2019، للاحتجاج على الفساد والحكومة غير الفعالة وغياب الآفاق

ترجمات – السياق

حذَّر الكاتب الأمريكي مايكل روبين، من ثورة في العراق، ستؤدي إلى أزمة هجرة، بعد أن أهدر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي فرصة ثمينة للإصلاح، مشيرًا إلى أن العراقيين لن يقبلوا مرة أخرى بأي أعذار، وسيطيحون القيادة السياسية الحالية.

وسرد مايكل روبين، الباحث المقيم في معهد أمريكان إنتربرايز، في مقال بمجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، الأحداث التي ستؤدي بالعراقيين إلى الثورة المقبلة، قائلًا إن الشباب العراقي خرج إلى الشوارع في الأول من أكتوبر 2019، للاحتجاج على الفساد والحكومة غير الفعالة وغياب الآفاق، إلا أن حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي ردت على المحتجين بقوة مميتة، فأطلقت الميليشيات المدعومة من إيران النار على الحشود، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 600.

غضب عراقي

وبينما لم تتأثر الحشود بالتعامل القاسي مع المتظاهرين، بل زادت رقعتها جنبًا إلى جنب مع غضب العراقيين من هذه التكتيكات، استقال عبدالمهدي في النهاية، بحسب روبين.

وقال الكاتب الأمريكي، إنه بعد بدايات خاطئة، استقر السياسيون العراقيون على مصطفى الكاظمي، الباحث الحقوقي السابق والصحفي الذي عيَّنه رئيس الوزراء حيدر العبادي الأسبق، لقيادة جهاز المخابرات الوطنية العراقية عام 2016 على خلفية القتال ضد تنظيم داعش الإرهابي.

وأشار إلى أن الكاظمي كان حينها بالنسبة للنخبة السياسية العراقية، خيارًا آمنًا، فقد ظل نظيفًا في نظام يسوده الفساد، وكانت له علاقات جيدة بالجميع، من علي السيستاني، المرجع الديني الأعلى للشيعة في العراق، إلى الزعيم الكردي مسعود البارزاني، إضافة إلى أنه أثبت نفسه في جهاز المخابرات مديرًا كفؤًا.

ضعف سياسي

ورغم أن الكاظمي خيار آمن، فإنه كان مملًا للقادة السياسيين الذين استقروا عليه كزعيم انتقالي، في ظل وجود الكثير من الشخصيات المتوهجة، بحسب روبين، الذي قال إن رئيس الحكومة العراقية الحالي، كان غير كاريزماتي، وضعيفًا سياسيًا ولم تكن لديه كتلة دعم في البرلمان لحظة اختياره.

إلا أنه بدلاً من ذلك، استندت سلطة الكاظمي إلى مهمة، إنهاء الخلل الوظيفي في العراق، والإشراف على الإصلاحات الأساسية، وتوجيه العراق خلال انتخابات جديدة، بحسب الكاتب الأمريكي، الذي قال إن الكاظمي فشل بعد أكثر من عام ونصف العام في قيادته الانتقالية.

وأوضح مايكل روبين، أن البطاقات التي كان النظام يوزعها عليه سيئة، فطالما كان النظام الانتخابي في العراق إشكاليًا، مشيرًا إلى أن مسؤول سلطة الائتلاف المؤقتة بول بريمر ومسؤولي الأمم المتحدة، وافقوا على انتخابات يحكمها التمثيل النسبي، والترشح على أساس القوائم الحزبية، بدلاً من الدوائر الانتخابية، هدفهم كان سرعة إنجاز الاستحقاق الدستوري، لكن عدم الاستقرار طويل الأمد الذي شجعه النظام، كان واضحًا.

تنافس سياسي

وتابع الكاتب الأمريكي، أن المرشحين يدينون بالبقاء السياسي لرؤساء الأحزاب، بدلاً من المساءلة أمام الناخبين، مشيرًا إلى أنه عندما سعى المرشحون المحتملون إلى التقرب من الرؤساء السياسيين الذين سيطلبون القوائم، تنافسوا ليكونوا أكثر عِرقية شوفينية أو طائفية من أقرانهم.

وبينما تلاعب العراقيون في ما بعد بنظام التصويت، على أساس محافظة وليس على أساس وطني، بقيت الديناميكية نفسها، بحسب مايكل روبين، الذي قال إنه بعد اندلاع الاحتجاجات واستقالة عبدالمهدي، اقترح الرئيس برهم صالح إصلاحات جوهرية من شأنها، حال تنفيذها، المساعدة في استقرار العراق.

وأشار إلى أن الرؤساء السياسيين العراقيين اليوم في المقايضة نفسها، التي تثريهم وتقويهم وتتخلى عن العراقيين، الذين يزعمون أنهم يمثلونهم.

وأكد الكاتب الأمريكي، أنه رغم عدم وجود كتلة برلمانية تدعم الكاظمي، فإنه يجب ألا يكون ضعيفًا جدًا، فقد تولى منصبه في لحظة قوة، حيث دعمه العديد من العراقيين باعتباره أملهم الأخير، وفي الوقت نفسه، كان ظهور النخب السياسية التقليدية ضد الجدار، كما أرعبتهم الحركة الاحتجاجية.

الفرصة الضائعة

وأشار إلى أن الكاظمي أضاع الفرصة، مع تجذر الطموح لدى العراقيين، ورغم أن استقالة الكاظمي كانت جاهزة فإنه أراد البقاء، مؤكدًا أن الإصلاحات التي يعتزم تنفيذها، قد تثير استعداء القادة السياسيين، الذين كان يحتاج إلى دعمهم للبقاء في منصبه بعد الانتخابات.

فبدلاً من مواجهة الزعيم الكردي مسعود بارزاني، اقترب منه بتجاوب، وبدلاً من القضاء على الممارسات التي تثير استعداء العراقيين، كالتعامل الذاتي والإثراء الذي يأتي مع مكافأة المسؤولين الحكوميين لأنفسهم، بمنح الأراضي التي تقدر بالملايين، يواصل الكاظمي هذه الممارسة، ما جعله يفقد تأييد الشارع، بحسب الكاتب الأمريكي.

وأكد مايكل روبين، أن شرطة مكافحة الشغب المجهزة، تنظر إلى الشباب العاطل بنظرة ليست جيدة، مشيرًا إلى أن البيت الأبيض ومجتمع الاستخبارات، قد يقدران وعد الكاظمي بمواجهة الميليشيات المدعومة من إيران، لكن رئيس الحكومة كان في الكواليس، متساهلًا معهم مثل أسلافه.

الخطوط الحمراء

وأشار إلى أن المظاهرات، وحتى محاولات الاغتيال، تحدد الخطوط الحمراء التي يكره الكاظمي تجاوزها، بل إن المشكلة الأكبر التي تقوِّض جهود رئيس الحكومة، لكبح مثل هذه التهديدات للسيادة العراقية، ليست الخوف، بل الطموح، مؤكدًا أن مواجهة إيران أكثر من اللازم، ستقوِّض أمله في كسب استحسان تلك الحركات السياسية، التي دعمتها طهران.

ويقول إن الكاظمي تولى منصبه بأحد أفقر أيدي أي رئيس وزراء حديثًا، فسلفه العبادي ركز فترة ولايته على الإصلاح الدقيق لبناء قاعدة للاستثمار والنمو، بحسب روبين، الذي قال إنه بينما كان عدد سكان العراق 25 مليون نسمة عام 2003، أصبح عام 2014 عندما تولى السلطة من نوري المالكي، 35 مليون نسمة.

وحذر نوفل الحسن، رئيس ديوان العبادي من المخاطر التي يسببها تضخم الرواتب في العراق، وعدم قدرته على توفير وظائف في القطاع غير النفطي، إلا أن فريق عبدالمهدي لم يهتم مع ارتفاع أسعار النفط، وألقى بالإصلاحات من النافذة ووزع وظائف الخدمة المدنية مثل الحلوى.

آلاف الوظائف

وفي السنة الوحيدة التي قضاها في منصبه، على سبيل المثال، أضاف وزير الكهرباء عشرات الآلاف من الوظائف إلى كشوف الرواتب الدائمة، من دون أي وسيلة مستدامة لدفع ثمنها وبلا أي تحسين ملموس في الخدمات، فكان على الكاظمي أن يتبارى للحصول على كشوف المرتبات، لتعويض النقص الذي تركه بسبب عدم كفاءة عبدالمهدي، إن لم يكن سرقة فريقه.

وقال روبين، إن الكاظمي غالبًا ما يتفاخر بأنه زاد نسبة عائدات القطاع غير النفطي، لكن فريقه يحتفظ بشدة بالأرقام لدعم هذا الادعاء، بينما يقول العديد من الاقتصاديين العراقيين، إن هذا مجرد خط لتهدئة الدبلوماسيين والمحللين الزائرين.

وأكد الكاتب الأمريكي، أنه بينما تواصل حكومة الكاظمي التشدق بالإصلاح، فإنها تتردد في المضي قدمًا، لأن ذلك قد يثير استعداء المصالح الراسخة، التي يريد دعمها مع تحول مهمته من الإصلاح إلى تمديد فترة ولايته.

وأشار إلى أن الشيء الوحيد، الذي من الممكن أن ينقذ الكاظمي والنظام الذي يرأسه، ليس إصلاحًا ناجحًا، بل ارتفاع أسعار النفط، إلا أنه في غضون ذلك، يستمر عدد السكان في النمو.

تحديات مقبلة

فبحلول عام 2025، سيتجاوز عدد العراقيين 45 مليونا، وبحلول نهاية هذا العقد، سيتجاوز 50 مليونًا، في الوقت الذي لم يعد فيه للعراق صندوق ثروة سيادية، ولا تخفيض الخدمة المدنية إلى مستويات مستدامة، بحسب روبين الذي قال إنه إذا انخفض سعر النفط من 70 دولارًا للبرميل إلى 30 دولارًا، سينهار النظام.

وأشار إلى أن تبني الدول المتزايد للطاقات البديلة، يقوِّض أولوية الطاقة التي تمتع بها العراق وجيرانه، مؤكدًا أنه بينما تعمل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر على تنويع اقتصاداتها، يفضل القادة العراقيون ممارسة الألعاب السياسية، لتحقيق مكاسب شخصية.