الغنوشي والعريض أمام جهات التحقيق اليوم... هل تتحرر تونس من قبضة الإخوان؟
قال المحلل السياسي التوسني نزار جليد لـ السياق، إن ملف التسفير إلى مناطق النزاع في سوريا والعراق و ليبيا واليمن، يعد -المسمار السام- الذي دقه الإخوان بتعليمات مباشرة من قيادة التنظيم، مؤكدًا أن هذا الملف وسم تونس بالإرهاب والتشدد، ليجعلها تحتل المرتبة الأولى بالنظر لعدد السكان في تصدير المقاتلين.

السياق
عهد جديد بدأته تونس مع القرارات الاستثنائية، التي أصدرها الرئيس قيس سعيد في يوليو 2021، التي وضعت البلد الإفريقي على طريق التخلص من تنظيم الإخوان، الذي جثم على صدره طوال عشرية من الزمان.
تلك العشرية التي كانت تونس فيها عنوانًا للإرهاب، بتصديرها آلاف المقاتلين إلى مناطق التوتر، بات البلد الإفريقي على طريق التخلص من آثارها، بتقديم قيادات تلك الفترة إلى المحاكمة، بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، والقيادي في الحركة علي العريض للاستجواب في تحقيق عن «إرسال إرهابيين إلى سوريا».
ومن المقرر أن يمثل راشد الغنوشي ونائبه علي العريض، اليوم الاثنين، أمام جهاز الشرطة التونسية المختص في مكافحة الإرهاب، للتحقيق معهما في شبهة الوقوف وراء تسفير آلاف التونسيين للقتال مع الجماعات الإرهابية في سوريا.
يأتي استدعاء الغنوشي والعريض، بعد ساعات من قرار أصدرته النيابة العامة، بإيقاف الناطق الرسمي السابق لأنصار الشريعة المحظور سيف الدين الرايس وقيادي بارز من التنظيم ذاته، على خلفية شبكات تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر والإرهاب خارج تونس.
وبحسب وسائل إعلام تونسية، فإن فرقة أمنية اتجهت إلى ولاية القيروان لاقتياد الرايس وزميله، تمهيدًا لإيقافهما وسماع أقوالهما في ملف تسفير التونسيين لبؤر التوتر، في قرار يأتي بعد أيام من إيقاف رجل الأعمال والنائب السابق محمد فريخة على ذمة التحقيقات المتعلقة بالقضية ذاتها، ولكون الرجل يمتلك شركة طيران تحوم حولها الشبهات في تنظيم رحلات من تونس لبؤر التوتر.
قبضة الإخوان
من جانبه، قال المحلل السياسي التوسني نزار جليد، في تصريحات لـ«السياق»، إن تونس الجديدة، بعد تحرر القضاء فيها من قبضة الإخوان، لم تعد تدار بمنطق التشفي أو تكوين الملفات القضائية وتلفيق القضايا لخصوم الإخوان ومن والاهم.
وأوضح المحلل السياسي، أن القضاء اليوم في تونس يعمل وفق المصلحة الوطنية، مشيرًا إلى أنه في تناغم مع رئاسة الجمهورية ونظرتها للأمن القومي، الذي اختُـرق في العشرية الأخيرة بخيار إخواني، عبر الاصطفاف في محاور إقليمية مشبوهة، أقرب للتخابر منها إلى الأحلاف التقليدية.
وأشار إلى أن ملف التسفير إلى مناطق النزاع في سوريا والعراق و ليبيا واليمن، يعد «المسمار السام» الذي دقه الإخوان بتعليمات مباشرة من قيادة التنظيم، مؤكدًا أن هذا الملف وسم تونس بالإرهاب والتشدد، ليجعلها تحتل المرتبة الأولى بالنظر لعدد السكان في تصدير المقاتلين، بتسهيلات وإغراءات كبيرة من تنظيم الإخوان (سهولة في توفير جوازات السفر ورحلات مجانية عبر تركيا في اتجاه سوريا والعراق وأموال تصرف للمقاتلين وعائلاتهم...).
كبش فداء
ومنذ عام 2012 حاول عدد من النواب إثارة هذا الملف وإحالته للقضاء، كما تم تشكيل لجنة برلمانية عام 2017 أفشلها الإخوان، بحسب المحلل السياسي، الذي قال إن التنظيم جمد الملفات القضائية التي تدين كبار قادة الإخوان وتم فقط تقديم كبشي فداء من غير الضالعين الرئيسين، الآن يقبعان في السجون ويدفعان الثمن بدل «المجرمين الحقيقيين».
وأشار إلى أنه تمت إثارة هذا الملف من جديد، بعد إسقاط الإخوان وإنزالهم من على سدة الحكم، مؤكدًا أن المسار القضائي يسير بسرعة قصوى، حيث تم استنطاق وإيقاف أكثر من 100 شخص كلهم مقربون أو منتمون للإخوان، وبعضهم قيادات عليا.
وبتقدم الأبحاث، بدأت الدائرة تضيق على القيادات الكبرى للنهضة، المتهمة بإنشاء جهاز أمني سري في تونس، كان المشرف المباشر على عمليات التسفير هذه، بحسب المحلل السياسي الذي قال إن صفحة الإخوان في تونس طُويت، في انتظار طي الكتاب برمته، بعد مثول رئيس حركة النهضة الإخواني راشد الغنوشي ونائبه وزير الداخلية الأسبق علي العريض أمام جهات التحقيق.
ويقول ملاحظون ومحامون وقضاة إن التهم ثابتة في حق الغنوشي، مشيرين إلى أن جرائم «فظيعة» ارتكبت في حق التونسيين بسبب ملف التسفير، مشيرين إلى أن الغنوشي لن يفلت هذه المرة من المحاسبة القضائية، بعدما فقد كل دعم خارجي وداخلي له، ويواجه القضاء بعد تجريده من كل نفوذ ومن كل ثقل سياسي أو إقليمي.
وبحسب المحلل السياسي التونسي نزار جليدي، فإن شيخ الإخوان بات يرقص رقصة الديك المذبوح، مؤكدًا أنه بانتهاء رقصته تكون تونس قد طوت صفحة الإخوان والإسلام السياسي.