بايدن وإيران.. عام من الهدايا والتنازلات الأمريكية
على الأمريكيين أن يتساءلوا إلى أي مدى يرغب بايدن في غض الطرف عن تجارة طهران غير المشروعة ودعمها للإرهاب

ترجمات-السياق
في أكثر من مناسبة، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إنه سيعيد السياسة الخارجية للولايات المتحدة إلى وضعها الطبيعي، لكنه كان يتجنب –بذكاء- تحديد ما يقصده، بحسب مجلة ناشونال إنترست الأمريكية.
وبعد عام واحد من وجوده في البيت الأبيض، أصبح العالم يعرف ما كان يعنيه الرئيس الأمريكي، إذ كان يقصد العودة إلى الأيام التي لم تكن فيها أمريكا الأولى في كل شيء، وأنها بحاجة ماسة إلى موافقة أوروبا على أي تحركات، الوضع الذي تستفيد منه إيران والصين.
سلاح نووي
وأوضحت المجلة -في تقرير- أن إيران على بُعد أسابيع فقط من الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي، كما تقوم روسيا بوضع أوروبا في مأزق، وتزيد الصين تهديداتها فوق سماء تايوان، وتطلق كوريا الشمالية تجارب صاروخية، قبل استضافة مؤتمر الأمم المتحدة لنزع السلاح.
وقالت: "صحيح أن العديد من هذه التهديدات كان موروثاً من رؤساء أمريكيين سابقين، لكن بايدن واجه نظاماً إيرانياً ضعيفاً ومضغوطاً، ورغم عدم تقديم تنازلات بشأن دورها كأكبر دولة راعية للإرهاب، تتلقى طهران هدايا متكررة من الغرب، إذ تجرى مناقشات خطة العمل الشاملة المشتركة على قدم وساق، وبينما يتفاوض الممثلون على المرحلة النهائية، تخلت الولايات المتحدة عن كل النفوذ".
وأضافت المجلة: رغم أن مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة، تبدو كأنها استعراض عالمي للوحدة، إذ تكتمل بوجود ممثلين للولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة، فإنها في واقع الأمر تبدو كوصمة عار، حيث تعمل الصين وروسيا على تقويض جهود الغرب لمحاسبة إيران على الأعراف الدولية.
وأشارت إلى حصول الحوثيين المدعومين من إيران، الجماعة التي أزالها بايدن من قائمة الإرهاب العالمي، على صاروخ بالستي وأطلقته على الإمارات العربية المتحدة، خلال أول زيارة لرئيس إسرائيلي لأبوظبي، ولم تصدر أي من الصين أو روسيا أي إدانة، أمر يجب ألا يكون مفاجئاً، فبعد كل شيء، تستفيد الدولتان من تأجيج المزيد من الفوضى في المنطقة.
بيع النفط
وأشارت "ناشونال إنترست" إلى أن الصين، أكبر مشترٍ للنفط الإيراني الخاضع للعقوبات، هي المساهم الرئيس في هذه الأحداث المروعة، حتى أنها ذهبت إلى حد توقيع اتفاقية باستثمارات تبلغ قيمتها 400 مليار دولار، ستؤدي لاستمرار صادرات النفط لإيران، مشيرة إلى أن بكين تدعم -عن علم- جهود طهران لتعزيز عدم الاستقرار العالمي.
ووفقاً للمجلة، فإن إيران تواصل بيع النفط والأسلحة في السوق السوداء، وتنجح في ذلك، كما أن صادرات النفط الإيرانية ارتفعت 40%، تحت إشراف بايدن، وهي الأموال التي ستساعد البلاد في التغلب على العقوبات، والمضي قدماً في مخططاتها النووية الشائنة، وزيادة دعمها للمنظمات الإرهابية.
وذكرت "ناشونال إنترست" أن المسؤولين الإيرانيين، أعلنوا توقعات للميزانية على أساس صادرات 1.2 مليون برميل من النفط يومياً، وهو ما يشير إلى أن طهران تنظر إلى طلب الصين والتزامها كعامل تنبؤ مستقر بدرجة كافية لإيرادات الدولة، كما أعلنت خططًا لزيادة الإنتاج من 2.2 إلى 3.5 مليون برميل يومياً، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلا بالمساعدة المالية من شركاء إيران.
تنازلات بايدن
ولفتت المجلة إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عملت سنوات مع أعضاء مجلس الشيوخ البارزين، بمن فيهم السيناتور جيمس ريش وتيد كروز، لضمان تمتع الولايات المتحدة بالموارد والقدرات اللازمة للمراقبة والتدخل في اقتصاد الظل الإيراني، مع الوقوف بحزم في مواجهة خصوم واشنطن الآخرين.
ولكن إدارة بايدن تثبت أنها إما غير راغبة أو غير قادرة على معالجة التهديدات التي تواجه الأمريكيين، إذ يشير تنازل بايدن عن العديد من العقوبات، التي تستهدف قطاع الطاقة الإيراني، وتراجع مضبوطات الناقلات غير المشروعة، إلى أن الإدارة غير راغبة، حسب المجلة.
وقالت "ناشونال إنترست": إذا كان بايدن يرغب حقاً في عودة الولايات المتحدة إلى وضعها الطبيعي، يجب أن تحدد المساءلة والعواقب هذا المفهوم.
وطالبت المجلة بضرورة أن تواجه الكيانات الإيرانية والصينية -المشتركة في تجارة النفط بالسوق السوداء- عواقب، من خلال فرض الولايات المتحدة لعقوبات اقتصادية عليها، قائلة إن وجود هذه التجارة خلال مفاوضات خطة العمل المشتركة الشاملة، التي خضعت للتدقيق الشديد، يمثل إضراراً بالأمريكيين من جميع الانتماءات السياسية.
ونهاية التحليل، قالت "ناشونال إنترست": "في ظل السياسات المتبناة فإن مصداقية السياسة الخارجية الأمريكية، تتآكل أكثر من أي وقت مضى، فبينما تواجه أمريكا احتمال فرض عقوبات على روسيا، يجب إدراك أن الولايات المتحدة تخاطر بتقويض مصداقية هذه الإجراءات، إذا رفضت مراراً وتكراراً فرضها، كما يجب الحكم على إيران من خلال أفعالها، وليس من خلال أقوالها فقط".