إيران.. الخاسر الأكبر في الانتخابات البرلمانية العراقية  

وحسب فورين بوليسي فإن تلك النتيجة تجعل النفوذ الإيراني في العراق، يمر بأصعب فترة له منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003، وأكدت أن سببها كان استخدام العنف المفرط من الأجهزة الأمنية والجماعات المسلحة الشيعية، ضد المحتجين في أكتوبر 2019 وما بعدها، والفشل في تحسين واقع الخدمات، والتركيز على قضايا إقليمية تهم إيران. 

إيران.. الخاسر الأكبر في الانتخابات البرلمانية العراقية  
العلم العراقي

ترجمات - السياق

اعتبرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن إيران والقوى العراقية الموالية لها، الخاسر الأكبر بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية المبكرة، الأمر الذي جعل تلك القوى ترفض نتائج الاقتراع، وتهدد باللجوء للعنف.

وأظهرت النتائج شِبه النهائية، التي أعلنتها مفوضية الانتخابات المستقلة في العراق، مفاجآت كبيرة، إذ سجل تحالف الفتح الذي يمثل الحشد الشعبي، ويضم فصائل شيعية موالية لإيران، تراجعًا كبيرًا في البرلمان المرتقب، بعدما كان القوة الثانية في البرلمان المنتهية ولايته.

تراجع النفوذ الإيراني

وحسب "فورين بوليسي" فإن تلك النتيجة تجعل النفوذ الإيراني في العراق، يمر بأصعب فترة له منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003، وأكدت أن سببها كان استخدام العنف المفرط من الأجهزة الأمنية والجماعات المسلحة الشيعية، ضد المحتجين في أكتوبر 2019 وما بعدها، والفشل في تحسين واقع الخدمات، والتركيز على قضايا إقليمية تهم إيران. 

وترى المجلة الأمريكية، أن الخاسر الآخر في الانتخابات هي "الديمقراطية العراقية" -المتعثرة بالأساس- مشيرة إلى أن العراقيين يرون أن نظامهم يتم التلاعب به، إذ ظل نحو 60% من الناخبين المؤهلين بعيدًا عن صناديق الاقتراع.

إيران غير راضية

وأضافت "فورين بوليسي"، أن قِلة الإقبال على الاقتراع، لم تمنع الحكومة ومراقبي الانتخابات، من الترويج للتصويت على أنه نجاح، معتبرين أن الأمور سارت بسلاسة نسبيًا، وأن عملية الاقتراع لم تشهد حوادث عنف.

وبيَّن التقرير، أن تقويض ثقة العراقيين بنتائج الانتخابات، يرجع إلى أنه عندما أعلنت مفوضية الانتخابات النتائج الأولية على الإنترنت، تعطل موقعها فجأة، مع تدافع العراقيين لمعرفة النتائج، موضحة أن التأخر في العد الإلكتروني للأصوات، يعني أنه كان لابد من عد بعض الصناديق يدويًا، من دون مراقبين خارجيين.

وحسب "فورين بوليسي" فإن توتر الأوضاع دعم الشائعات بأن إيران ووكلاءها سيتلاعبون بالنتائج، خصوصًا مع وصول "إسماعيل قاآني"، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى بغداد.

وشددت المجلة، على أن لدى إيران الأسباب التي تجعلها غير راضية عن الأداء الضعيف لوكلائها في الانتخابات، مشيرة إلى أن عددًا من الشخصيات البارزة الموالية لطهران في العراق، وصفوا الانتخابات بأنها غير قانونية.

تهديد حزب الله

ونقلت المجلة عن هادي العامري، زعيم تحالف فتح، الذي خسر على الأرجح مقاعد برلمانية عدة، تهديده برفض النتائج، بينما أصدر زعيم الميليشيا البارز أبو علي العسكري، الذي يقود كتائب حزب الله الموالية لإيران، تهديدًا باستخدام القوة ضد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بعدما فشلت "كتائبه" في الفوز بأي مقعد في البرلمان.

وأضافت "فورين بوليسي": من القريب أن تكون أكبر قوة سياسية في البرلمان المقبل، لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذي يتوقع أن يحظى تياره بـ 73 مقعدًا على الأقل في البرلمان، ومن ثم فإنه بصفته رئيس الحزب الذي يتمتع بأكبر عدد من المقاعد، سيحدد مَنْ يشكل الحكومة، لكن في ظل غياب الأغلبية، يتعين عليه تشكيل ائتلاف.

الصدر في مواجهة الميلشيات

وألقى الصدر كلمة متلفزة قبل أيام، تحدث فيها عن الإصلاح ومحاربة الفساد، وقال إن فوز حزبه كان "انتصارًا على الميليشيات".

 وفي إشارة إلى الولايات المتحدة والقوى الأخرى، قال إن السفارات الأجنبية، ستكون موضع ترحيب للعمل في العراق، طالما أنها لا تتدخل في شؤونه الداخلية.

وأكد الصدر في كلمته، سعيه لكبح جماح الميليشيات، قائلًا: "من الآن فصاعدًا، ستقتصر الأسلحة على سيطرة الدولة وحدها".

لكن "فورين بوليسي" رأت أن تنفيذ هذه التصريحات، يمكن أن يؤدي إلى اشتباكات عنيفة، خاصة إذا رأت الميليشيات أن نفوذها يتراجع.

وأوضحت المجلة، أنه في هذه الحالة يمكن تحديد مسار البلاد إلى الأمام، من خلال كيفية رد فِعل قوات الأمن العراقية والأحزاب السياسية الأخرى، على مثل هذه التهديدات بالعنف، وشددت على أن الفشل في الحد من قدرة المليشيات على العنف، من شأنه أن يقوِّض، ليس فقط العملية الانتخابية، بل أيضًا الاستقرار الأمني في العراق.

ائتلاف شيعي سني كردي

وتوقعت "فورين بوليسي" أن يشكل الصدر ائتلافًا مع الكتلة البرلمانية الكردية، وأكبر حزب سُني عربي في البرلمان، بقيادة رئيس البرلمان المنتهية ولايته محمد الحلبوسي، وفي حال عدم سيطرة هذه المجموعات الثلاث على أغلبية المقاعد، ستكون هناك حاجة إلى شركاء آخرين.

بينما رأت المجلة، أن إحدى أهم نتائج الانتخابات، ظهور فئة من المرشحين المستقلين، الذين فازوا بمقاعد في البرلمان، من خلال حملات مباشرة إلى العراقيين، منهم حركة الامتداد -بقيادة علاء الركابي- وهو صيدلاني اكتسب شهرة خلال احتجاجات أكتوبر 2019، التي حصلت على 10 مقاعد، ومن ثم يتعين عليها أن تقرر ما إذا كانت ستنضم إلى الائتلاف الحكومي، والمخاطرة بالتلوث بالعملية السياسية، أو أن تظل نقية بلا قوة، كجزء من المعارضة، حسب وصف المجلة.

الكاظمى والحلبوسي مرشحان

وتوقَّعت "فورين بوليسي" أن يكون المرشح التوافقي لرئاسة الوزراء، الرئيس الحالي مصطفى الكاظمي، الذي تربطه علاقات جيدة بالزعيم الصدري مقتدى الصدر، ورئيس البرلمان المنتهية ولايته محمد الحلبوسي والأكراد، وقالت إنه يتعين على الأكراد التغلب على انقساماتهم الداخلية، لاتخاذ قرار بشأن مرشح لرئاسة الجمهورية.

احتياجات العراق

وحددت "فورين بوليسي" ثلاثة احتياجات فورية للعراق، أولها إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، النتائج النهائية على الفور، والحفاظ على الشفافية في كيفية فرز الأصوات، والثاني أن يكون الصدر واضحًا بشأن تشكيل ائتلاف، وتسمية رئيس الوزراء المقبل، والثالث أن تكون قوات الأمن العراقية يقظة، وألا تسمح بأي أعمال عنف، ضد مفوضية الانتخابات ولا المرشحين، ولا النشطاء الذين يمكن أن يستهدفهم مقاتلو الميليشيات، الذين يحاولون تأكيد السلطة، التي لم يحصلوا عليها في الانتخابات.