مسار المهاجرين إلى أمريكا.. رحلة محفوفة بالمخاطر والعنف الجنسي والجثث
سلَّطت صحيفة نيويورك تايمز، الضوء على مسار الرحلة التي يسلكها المهاجرون، للوصول إلى الولايات المتحدة.

ترجمات - السياق
مآسٍ وفواجع وطرق محفوفة بالمخاطر تصل حد الموت، يتعرَّض لها المهاجرون في سبيل الوصول إلى "أرض الأحلام" أمريكا، هربًا من الأوضاع القاسية في بلدانهم.
سلَّطت صحيفة نيويورك تايمز، الضوء على مسار الرحلة التي يسلكها المهاجرون، للوصول إلى الولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة الأمريكية: إن الرحلة تتم عبر غابة بلا طرق ممهدة محفوفة بالمخاطر، واصفة الأمر، وكأنه "طريق للأمل اليائس".
وأضافت في تقريرها: كان طريق Darién Gap، وهو امتداد غابة بلا طرق وغير آمن يربط أمريكا الجنوبية بالشمال، خطيرًا للغاية، لدرجة أن بضعة آلاف من الناس فقط في العام، كانوا جريئين (أو يائسين بما يكفي) لمحاولة عبورها، عبر عقود.
مهاجرو هايتي
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن الدمار الاقتصادي، الذي أحدثه وباء كورونا في أمريكا الجنوبية، كان من الضخامة لدرجة أنه في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، حاول ما يقدر بـ 95000 مهاجر، العبور في طريقهم إلى الولايات المتحدة، ومعظمهم من دولة هايتي.
يرتدون سراويل قصيرة وأحذية خفيفة، وحقائبهم محشوة بأكياس بلاستيكية، ورضعهم على أذرعهم وأطفالهم باليد، هكذا وصفت الصحيفة الأمريكية أحوال هؤلاء المهاجرين خلال الرحلة، موضحة أنه من غير المؤكد، كم عدد الذين نجوا، أو عدد الذين فُقدوا في الغابة، ومع ذلك، يتجمع عشرات الآلاف في كولومبيا، متلهفين على دورهم في المحاولة.
وذكرت "نيويورك تايمز" أن استعداد المهاجرين لمحاولة اختراق الجسر البري "الخطير" الذي يربط بين كولومبيا وبنما، لا يمثِّل كارثة إنسانية تلوح في الأفق بالنسبة للمهاجرين فحسب، بل يمثِّل أيضًا "تحديًا سياسيًا" محتملاً للهجرة للرئيس جو بايدن، خلال الأشهر المقبلة.
ترحيب بايدن
واعتبرت الصحيفة، أن الآلاف من الهايتيين، الذين عبروا حدود أمريكا الشهر الماضي، واحتشدوا في بلدة ديل ريو الحدودية جنوبي تكساس، لم يضعوا إدارة في بايدن في مأزق فحسب، وإنما كانوا مجرد نواة لحركة أكبر بكثير من المهاجرين المتجهين إلى طريق Darién Gap -السالف ذكره- ومن خلاله إلى الولايات المتحدة.
مشيرة إلى أن الذين فروا من دولتهم المضطربة، إلى أماكن بعيدة جنوبًا مثل تشيلي والبرازيل، تحركوا قبل أشهر شمالًا، على أمل أن يرحب بهم الرئيس بايدن.
نزوح تاريخي
إلى ذلك، قال دان ريستريبو، مستشار الأمن القومي لأمريكا اللاتينية في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما: "قد نكون على شفا نزوح تاريخي للمهاجرين من الأمريكيتين نحو الولايات المتحدة"، مضيفًا: "عندما يعجز طريق الغابة عن إيقاف الناس، فذلك يؤكد أن الحدود السياسية، مهما كانت مفروضة، غير مجدية".
الجدير بالذكر أن طريق Darién، المعروف أيضًا ببرزخ بنما، رقعة ضيقة من الأرض، تقسم المحيط الهادئ والبحر الكاريبي، وحسب "نيويورك تايمز" فإن مساحته تصل إلى نحو 66 ميلاً بلا طرق ممهدة، وعبر أنهار مضطربة وجبال وعرة وثعابين سامة.
مهربو البشر
وذكرت الصحيفة، أن الجماعات الإجرامية ومهربي البشر، يسيطرون على هذه المنطقة، وغالبًا ما يبتزون المهاجرين ويعتدون عليهم جنسيًا.
وتضيف "نيويورك تايمز": مدينة نيكوكل السياحية في كولومبيا، نقطة انطلاق المهاجرين، الذين يأملون العبور إلى الولايات المتحدة، إذ تقضي آلاف العائلات وقتها في نُزل أو خيام على طول الشاطئ، وهم جائعون ومن دون أي أموال، ينتظرون دورهم لنقلهم بالقارب إلى حافة امتداد الغابة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن عدد المهاجرين الذين قطعوا الرحلة حتى الآن هذا العام، أكثر من ثلاثة أضعاف الرقم القياسي السنوي عام 2016.
وأضافت: في وقت من الأوقات، كان الكوبيون يشكلون أغلبية المهاجرين الذين يسيرون عبر هذه "الفجوة"، بينما الآن، جميع المهاجرين تقريبًا هم من الهايتيين، الذين استقروا في أمريكا الجنوبية، في وقت تحسَّنت فيه أوضاعهم الاقتصادية، لكنهم كانوا بين أول مَنْ فقدوا وظائفهم ومنازلهم عندما تفشى وباء كورونا.
مواكبة الطلب
من جانبها، قالت وزيرة خارجية بنما، إريكا وينز، إن ما يصل إلى 1000 مهاجر يعبرون إلى بنما عبر Darién كل يوم، وهو تدفق دفع بالبنية التحتية الحدودية إلى حافة الهاوية، مشيرة إلى أن حكومتها حاولت توفير الغذاء والرعاية الطبية، لأولئك الذين نجوا من ممر الغابة، لكن المسؤولين لا يستطيعون مواكبة الطلب على الدعم، مضيفة: "لقد تجاوزنا قدرتنا على دعمهم، ومن ثم نحن ندق ناقوس الخطر بشأن الحاجة إلى استجابة إقليمية للأزمة".
وكشفت موينز أنه لا يزال هناك كثيرون قادمين، مشددة على ضرورة أن يستمع إليها المسؤولون في البلاد المجاورة، خصوصًا الولايات المتحدة.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه يتم استبدال كل مجموعة تغادر بسرعة بـ 1000 مهاجر آخر أو أكثر، مما يسبب حالة من "عنق الزجاجة"، للزحام المستمر، الذي أدى بدوره إلى أضرار فادحة في مدينة نيكوكلي، حيث تشح مياه الشرب، وتغرق المجاري الشوارع طوال الوقت، بينما ازدهرت مهن تخدم المهاجرين، تشمل بيع الأحذية والسكاكين والحبال.
عشرات الجثث
وكشفت "نيويورك تايمز" أنه عُثـر على ما لا يقل عن 50 جثة في دارين هذا العام، رغم أن تقديرات العدد الحقيقي للقتلى، أعلى بأربعة أضعاف على الأقل، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة.
وأوضحت أن الاعتداء الجنسي، يشكل أيضًا خطرًا كبيرًا في هذه المنطقة، إذ وثَّقت منظمة أطباء بلا حدود 245 حالة في دارين، في الأشهر الخمسة الماضية، رغم أن المنظمة تعتقد أن العدد الحقيقي أعلى بكثير.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن "أليكس"، خوفها، مع تنامي شائعات عن عمليات اغتصاب، وقالت: إن عائلتها فرت من هايتي إلى غيانا الفرنسية، على الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية، لكنها وجدت الفقر فقط، مشيرة إلى أن العودة إلى هايتي لم تكن خيارًا، لأن البلد في حالة يرثى لها، بعد اغتيال رئيسها وتعثُّـر اقتصادها، وانتشار العصابات في شوارعها.
هندرسون إكليسياس، 42 عامًا، من هايتي أيضًا، كان يعيش في البرازيل مع زوجته وابنته البالغة من العمر 3 سنوات عندما تفشى الوباء.
قال إنه فقد وظيفته في مايو الماضي، وبحلول أغسطس، كان هو وعائلته في طريقهم إلى الولايات المتحدة.
وناشد إكليسياس الأمريكيين قبولهم، قائلًا: "آمل أن يغيروا الطريقة التي يتصرفون بها... حياتنا تعتمد على ذلك".
سيرًا على الأقدام
ورصدت "نيويورك تايمز" طريق الرحلة، قائلة: خلال السنوات الأخيرة، اجتاز عدد متزايد من المهاجرين الممر، وهي رحلة قد تستغرق أسبوعًا أو أكثر سيرًا على الأقدام، لكن بعد الوباء، الذي أصاب أمريكا الجنوبية بشكل خاص، تحولت تلك الزيادة إلى "طوفان من العائلات اليائسة"، بينما يقول مسؤولون من دولة بنما إن طفلًا واحدًا على الأقل، بين كل خمسة ممن عبروا هذا العام.
ردع إدارة بايدن
وأشار التقرير إلى أنه مع ازدياد عدد المهاجرين، الذين يصلون إلى الحدود الأمريكية، تراجعت إدارة بايدن عن نهج أكثر انفتاحًا تجاه الهجرة، تم تبنيه في الأيام الأولى للرئيس في منصبه، إلى موقف أكثر صرامة بهدف واحد، هو "ردع الناس حتى عن محاولة دخول الولايات المتحدة".
وتضيف الصحيفة، هذا التحذير من غير المرجَّح أن يعيد عشرات الآلاف من الهايتيين الموجودين على الطريق، مشيرة إلى أنه في الأيام الأخيرة، كان هناك نحو 20 ألف مهاجر في نيكوكلي، بكولومبيا، وهناك ما يصل إلى 30 ألف مهاجر هايتي بالفِعل في المكسيك، وفقًا لمسؤول كبير في وزارة الخارجية المكسيكية، اشترط عدم كشف هويته.