عبر رسائل دبلوماسية... كيف تغازل طهران القاهرة؟
تأتي الدعوة في أعقاب تصريحات للخامنئي، رحب فيها بعودة العلاقات مع مصر، خلال زيارة للسلطان العُماني هيثم بن طارق لطهران، الذي أشارت تسريبات إعلامية إلى أنه يقود جهود الوساطة بين الدولتين، لاسيما بعد زيارتين متلاحقتين لمصر وإيران

السياق
تواصل طهران مغازلة القاهرة لتطبيع العلاقات بين البلدين، عبر دعوة مسؤول برلماني إيراني نوابًا مصريين لزيارة بلاده، في خطوة تسعى بها إيران لتحريك مياه العلاقات الراكدة منذ ثمانينات القرن الماضي، لكن القاهرة لا تزال صامتة من دون أي رد رسمي.
ووجه رئيس لجنة العلاقات الخارجية التابعة للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية الإيرانية عباس غلرو دعوة إلى مجموعة من البرلمانيين المصريين والأردنيين، عقب لقاء بدبلوماسيين على درجة سفير من البلدين في طهران.
تأتي الدعوة في أعقاب تصريحات للخامنئي، رحب فيها بعودة العلاقات مع مصر، خلال زيارة للسلطان العُماني هيثم بن طارق لطهران، الذي أشارت تسريبات إعلامية إلى أنه يقود جهود الوساطة بين الدولتين، لاسيما بعد زيارتين متلاحقتين لمصر وإيران.
عودة العلاقات المصرية الإيرانية، بعد عقود من التوتر عدها مراقبون ممكنة، في ظل تغيرات المشهد بالشرق الأوسط، وتطبيع العلاقات الإيرانية السعودية برعاية صينية قبل نحو ثلاثة أشهر، ورغبة طهران في علاقات طبيعية مع الدول العربية، مستفيدة من التقارب الروسي الصيني بين الطرفين العربي وإيران.
الدبلوماسية البرلمانية
ووظفت إيران الدبلوماسية الشعبية والبرلمانية، في إحداث اختراق على مستوى العلاقات مع مصر، بعد اندلاع ثورة يناير 2011 التي أعبقتها سيطرة تنظيم الإخوان على الحكم، وتوقفت زيارات الوفود البرلمانية بعد سقوط نظام الإخوان.
ويرى خبراء أن إيران تحاول استثمار أجواء تغيير المشهد في الشرق الأوسط، لدعم التقارب مع الدول الفاعلة في الشرق الأوسط، مرتكزة على الدبلوماسية البرلمانية لتحقيق اختراق يصعب حدوثه على الأرض، لاسيما مع عدم وجود رد رسمي من القاهرة.
وقبل نحو شهرين، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، ردًا على إمكانية تطبيع العلاقات مع إيران، إن التطورات في الشرق الأوسط مهمة، ويجب تقييمها، خصوصًا عودة العلاقات السعودية الإيرانية، وأن بلاده تقيم كل هذه التطورات لتتخذ خطوات، إذا رأت أنها ستصب في مصلحتها وفي مصلحة أمنها القومي، ومصلحة أمن شركائها أيضًا.
وأضاف: "لابد أن نأخذ الأمور في مجملها بجميع عناصرها وتطوراتها، فالمنطقة تشهد تطورات عدة وتفاعلًا قويًا يؤخذ كله في الاعتبار، وأي قرار يُتخذ من قبلنا مبني على دراسة متأنية وخطوات متزنة، وتقدير للمصلحة، ليس فقط لمصرو لكن للنطاق العربي ككل".
التصرفات قبل الأقوال
وأشار خبراء إلى أن ما يهم القاهرة هو التصرفات أكثر من الأقوال، وأي تقارب لا بد أن يسبقه وضع النقاط على الحروف بشأن القضايا العالقة، وأن تكون هناك تحولات في السياسة الإيرانية، تستوعب تخوفات القاهرة من التأثير السلبي لها في القضية الفلسطينية، ودعم ميليشيات عدة في المنطقة وعدم التدخل في شؤون الدول العربية .
وقال غلرو في تصريحات عن دعوة البرلمانيين المصريين والأردنيين إنه يأمل أن تكون هذه الزيارات في أقرب وقت ممكن.
تأتي الدعوة الإيرانية عقب زيارة وفد برلماني إيراني العاصمة البحرينية المنامة، الشهر الماضي، للمشاركة في لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية المستدامة في الجمعية البرلمانية الآسيوية، وتطرقت الزيارة إلى إمكانية التعاون بين البلدين في مجالات ذات طبيعة اقتصادية.
وأكد نائب وزير الطرق الإيراني محمدي بخش، زيادة الطلب في بلاده لزيارة مصر، وأن شركات الطيران ترغب في تسيير رحلات إلى القاهرة، وتنتظر قيام وزارة الخارجية بتمهيدات لحل مسألة الرحلات بين طهران والقاهرة.
وفي مارس الماضي أقرت الحكومة المصرية إجراءات عدة، لتسهيل حركة السياحة الأجنبية الوافدة، تضمنت دخول السياح الإيرانيين إلى البلاد، وأشار أحمد عيسى وزير السياحة والآثار المصري، إلى أن السياحة الإيرانية الوافدة ستحصل على تأشيرات عند الوصول إلى مطارات شرم الشيخ، ضمن ضوابط وشروط معينة، لكن القاهرة لم تعلن -حتى الآن- منح تلك التأشيرات.
مخاوف مصرية
وشدد خبراء على أن ملف التقارب يسير بشكل جيد، في ظل مساعي إيران الحثيثة لاستعادة العلاقات، ولدى مصر مطالب أمنية وسياسية أولية، حال التجاوب معها ستدفع إلى تحفيز القاهرة على اتخاذ مواقف موازية.
وأضافوا أنه حال استجابة إيران لها، يمكن أن يلتقي الرئيس عبدالفتاح السيسي نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في سبتمبر المقبل بنيويورك.
وأشارت صحيفة ذا ناشيونال إلى اتفاق مبدئي بين الطرفين على عقد لقاء على المستوى الرئاسي، بينما لم تعلق القاهرة أيضًا على تلك الأنباء.