رفض حزب الله تسليم المتهمين باغتيال الحريري... استقواء بالحرس الثوري أم تجاهل للمحكمة؟

قال عاصم عبدالرحمن الكاتب والمحلل السياسي اللبناني في تصريحات لـ السياق، إن الحكمين الصادرين عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ضد سليم عياش، وحسن مرعي وحسين عنيسي، يؤكدان أن حزب الله يتحمل مسؤولية تنظيم وتنفيذ جريمة اغتيال الحريري التي وقعت عام 2005.

رفض حزب الله تسليم المتهمين باغتيال الحريري... استقواء بالحرس الثوري أم تجاهل للمحكمة؟

السياق

بعد فشله وحلفائه في تحقيق الأغلبية البرلمانية بانتخابات مايو الماضي، ما زالت آثار السقوط الحر، تدوي فوق رأس مليشيات حزب الله، التي فضحت أساريرها ومشروعها أمام اللبنانيين.

إلا أن آخر تلك الضربات التي مُني بها حزب الله، كان قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، قبل أيام، الذي قضت فيه بالسجن المؤبد بحق تابعين له هما حسن مرعي وحسين عنيسي، بتهمة التآمر لارتكاب عمل إرهابي والتواطؤ في القتل العمد.

ورغم أهمية القرار القضائي، فإن مليشيات حزب الله ترفض تسليم المتهمين، إضافة إلى أنها لا تعترف بالمحكمة التي أصدرت ذلك الحكم، الذي يعد ضربة داخلية، يمكن أن تؤثر في تحالفاتها السياسية، لاسيما مع تراجع شعبيتها، خصوصًا داخل البيت الشيعي.

السلم الأهلي

إلى ذلك، قال عاصم عبدالرحمن الكاتب والمحلل السياسي اللبناني في تصريحات لـ«السياق»، إن الحكمين الصادرين عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ضد سليم عياش عام 2020، وحسن مرعي وحسين عنيسي 2022، يؤكدان أن حزب الله يتحمل مسؤولية تنظيم وتنفيذ جريمة اغتيال الحريري التي وقعت عام 2005.

وأوضح المحلل السياسي اللبناني، أن هذا الحكم لن يؤثر في المسار الحكومي بلبنان، كما لم يؤثر، لسببين أساسيين: أولهما، أن هناك قرارًا من رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، بعدم استخدام الشارع في أي قضية مهما بلغت التحديات، بينما يتمثل السبب الثاني في أن عدم ربط النزاع بين تيار المستقبل وحزب الله باغتيال الحريري، من شأنه منع أي مواجهة سُنية- شيعية في لبنان.

وعن تأثير إدانة المتهمين في المسار الحكومي اللبناني، استبعد المحلل السياسي اللبناني هذا التأثير، لأن سعد الحريري لن يكون مكلفاً بتشكيل الحكومة الجديدة، ما يجعل مشاركة تيار المستقبل في الحكومة مستبعدة، الأمر الذي يجعله مضطراً للجلوس إلى مقاعد مجلس الوزراء بجانب فريق حزب الله.

أما عن تأثيره في البيت الشيعي، فأكد المحلل اللبناني، أن هذه الطائفة تعد متضررة من أي مواجهة سُنية- شيعية قد تحدث لأن هناك الكثير من أبناء الطائفة الشيعية في صفوف تيار المستقبل، ومعارضين لنهج حزب الله، ولا يعدون أنفسهم مضطرين للدخول في أي مواجهة مع أي من الأطراف اللبنانية للدفاع عن سياسات الحزب.

وأشار إلى أن حزب الله يعد نفسه غير معني بقرارات المحكمة الدولية، لأنه لم يعترف بها أساساً منذ إنشائها، كما أنه يتعامل مع أعضائه باعتبارهم «قديسين» ويرفض تسليمهم للعدالة.

 

استقواء بالحرس

المحلل السياسي اللبناني فادي عكوم وافق عبدالرحمن في تصريحاته، مؤكدًا في تصريحات لـ«السياق»، أن الحكم ليس الأول الذي يدان فيه أحد من حزب الله من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وأوضح عكوم أن الأمر لم يسبق أن تسبب في أي تأثير أو إضعاف لحزب الله، سواء داخليًا أم إقليميًا، بل على العكس زادت مواقف المليشيات الصلبة، بعد استغلال الأمر، كأنه استهداف للطائفة الشيعية بحد ذاتها.

وأشار المحلل السياسي اللبناني، إلى أنه إذا كانت الأمور طبيعية في لبنان، لكان من المفترض أن يؤدي الأمر إلى إضعاف حزب الله وحلفائه، خاصة التيار الوطني الحر الذي يرأسه النائب جبران باسيل، وحركة أمل التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وأوضح أنه رغم القرارات والعقوبات الماضية، مازال حزب الله على ثباته بالساحة الداخلية، مشيرًا إلى أن ذلك غير مرتبط فقط بقوة حزب الله كحزب سياسي لبناني، لكنه يتعلق بالارتباط العضوي بالحرس الثوري الإيراني.

وأكد المحلل اللبناني، أن المعضلة الراهنة في لبنان تتعلق بمسارات إقليمية ودولية، وشدد على أن القوى الدولية غير مستعدة لإشعال الفتنة في لبنان، لأنه يمثل مواجهة مباشرة مع الحرس الثوري الإيراني، وهو ما يفسر الاكتفاء بالعقوبات المرتبطة بتجميد الأصول والتضييق على حركة سفر قوات حزب الله، التي يراها غير ذي جدوى، نتيجة امتلاك الحزب لشبكة معقدة لنقل الأموال بين الدول وحفظها بحسابات سرية.

وأوضح عكوم أن بعض السياسيين اللبنانيين يرون أن استهداف كيانات مرتبطة بحزب الله أو تابعة له، يؤدي -بشكل أو بآخر- إلى إضعاف الدولة اللبنانية أكثر مما هي عليه في الفترة الحالية، وذلك غير صحيح، لأن منظومة حزب الله منفصلة عن الدولة اللبنانية.