قيس سعيد يكشف عن مخطط لاغتيال مسؤولين.. تونس على صفيح ساخن

تصريحات الرئيس التونسي، جاءت بعد 24 ساعة من قرار غيابي لمحكمة تونسية، بحبس الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي 4 سنوات سجنًا مع النفاذ العاجل، بتهمة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي.

قيس سعيد يكشف عن مخطط لاغتيال مسؤولين.. تونس على صفيح ساخن

السياق

«خونة باعوا ضمائرهم للمخابرات الأجنبية، لاغتيال عدد من المسؤولين»، تصريحات من الرئيس التونسي قيس سعيد، صبَّت الزيت على النار، وألقت بكرة لهب في وقت تحاول فيه البلاد الوقوف على قدميها، بعد التخلص من تنظيم الإخوان.

وقال الرئيس التونسي قيس سعيد، في تصريحات خلال اجتماع مجلس الوزراء: «ما يدبر في تونس من مؤامرات يصل إلى حد الاغتيال، ولينتبه التونسيون إلى ما يدبر اليوم من بعض الخونة، الذين باعوا ضمائرهم للمخابرات الأجنبية، لاغتيال عدد من المسؤلين، فلا تهمنا الحياة، بل يهمنا أن نكون على مستوى ثقة الشعب».

وتابع قيس سعيد: «نحن على علم بما يدور في الخارج، نحن على علم حتى بموعد الاغتيال، إلا أننا نريد الحرية والعدل للشعب»، على حد قوله.

 

فساد كبير

الرئيس التونسي أشار إلى الفساد الذي «يكبل» بلاده، قائلًا: «تونس دولة فقيرة في بلاد ثرية... ليس لأن هناك نقصاناً في الثروات، بل لأن هناك سطواً على أموال الشعب التونسي»، مشيرًا إلى أن «الفقير لن يدفع ما يتم الاستيلاء عليه من قِبل الفاسدين».

وبينما تعهد قيس سعيد، بتحقيق العدالة الجبائية، أكد أنه ستتم محاسبة كل مَنْ «سرق الوطن وعرق الفقراء والبؤساء في بلادنا»، مشيرًا إلى أن «هناك فاسدين وراء الستار، وأن هناك مَنْ يسعى إلى التكتم على جرائمهم».

وشدد الرئيس التونسي، على أن من وصفهم بـ«الفاسدين» سيدفعون الثمن، عبر إعادة أموال الشعب ومحاكمتهم محاكمةً عادلة، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على التوازنات المالية للدولة، حتى لا تعيش الأيام «الصعبة» نفسها التي عاشتها خلال النصف الثاني من هذا العام.

«فلن نحمل الطبقات الفقيرة أكثر مما تحتمل»، قال الرئيس التونسي، معربًا عن استيائه من إفلات البعض من المحاسبة، في حين أن من مطالب الشعب «المحاسبة العادلة، من دون تمييز بين المواطنين».

وبينما شدد على ضرورة تطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة، وفي أجل معقول كما ينص على ذلك الفصل 108 من الدستور، أشار إلى أن هناك جملة من القضايا، تم رفعها وبقيت من دون أي أثر قانوني.

وأكد أن مَنْ يدعو إلى تطبيق القانون، عليه ألا يحاول التسلل إلى قصور العدالة، مشيرًا إلى أن القضايا المنشورة في المحاكم، يجب ألا تتأجل من جلسة إلى أخرى، طوال عقد من الزمن.

 

سجن المرزوقي

تصريحات الرئيس التونسي، جاءت بعد 24 ساعة من قرار غيابي لمحكمة تونسية، بحبس الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي 4 سنوات سجنًا مع النفاذ العاجل، بتهمة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي.

وحوكم المرزوقي، الذي تولى رئاسة الجمهورية التونسية بين عامي 2011 و2014، بتهمة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، والتحريض على التونسيين وعلى الوطن، ودعوة دولة أجنبية لمعاداة تونس، عقب تصريحات مثيرة للجدل، اعترف فيها المرزوقي بمحاولة إفشال القمة الفرانكوفونية، التي كان من المقرر عقدها بتونس قبل تأجيلها، ودعا فيها فرنسا إلى وقف دعمها لتونس، ردًا على القرارات الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قيس سعيد.

يأتي ذلك، بينما دعت أربعة أحزاب تونسية، إلى مواجهة ما وصفته بـ«الانقلاب على الدستور»، منددة بـ«تسخير القضاء للتنكيل بالخصوم السياسيين»، في محاولة لانتقاد حكم سجن الرئيس التونسي السابق.

 

أزمة اقتصادية

تلك التطورات السياسية المتلاحقة في تونس، تأتي في وقت تحاول فيه الخروج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة، بينما أوصى الخبير الاقتصادي ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي علي الشابي، بضرورة أن تعمل تونس على صياغة برنامج إنقاذ على أربع سنوات، يرتكز على دفع التشغيل والنمو.

وأكد الخبير الاقتصادي، أن تقديرات نسبة النمو في تونس أظهرت توقعات سلبية، داعيًا الجميع إلى العمل على مخطط وطني للإنقاذ يتضمن جوانب عدة، بينها مميزات مختلف مناطق البلاد، واستغلال الجانب المؤسسي لدفع الاقتصاد، فضلًا عما تزخر به البلا من تنوع اقتصادي وموارد بشرية وكفاءات.

من جانبها، قالت صحيفة الغادريان، إنه لا يبدو أن هناك حلولًا تلوح في الأفق، لمعالجة الأزمة الاقتصادية، التي نهشت حياة التونسيين وفاقمها وباء كورونا، مشيرة إلى أنه بعد 11 عامًا من ثورة أزاحت نظام الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي، وحققت تونس من خلالها مكاسب كبيرة، لا يزال هناك ارتفاع في نسب البطالة وتضخم الأسعار.

وأكدت الصحيفة البريطانية، أن بعض التونسيين يبحثون عن قوارير بلاستيكية فارغة لبيعها لإعادة تدويرها، في مشهد مألوف في معظم المدن الكبرى بتونس، حيث يكسب الكثير لقمة عيشه.

 

تفاقم العجز

وقالت «الغارديان»، إن التراجع الاقتصادي في تونس، بدأ قبل وقت طويل من اندلاع ثورة ديسمبر 2011، التي احتفلت البلاد بمرور 11 عامًا عليها في 17 ديسمبر، مشيرة إلى أنه تفاقم خلال السنوات الماضية، مدفوعًا بجائحة كورونا التي دمرت قطاع السياحة، ودفعت كثيرًا من الشباب التونسي للهجرة.

وأشارت إلى أن سياسيي تونس، ابتعدوا عن مواجهة الأسباب الجذرية لهذا التراجع الاقتصادي، وفضلوا التركيز على المشاريع السياسية، مؤكدة أنه في محاولة من الحكومة للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، اقترحت تخفيض رواتب موظفي الدولة 10%، وهو ما رفضه الاتحاد التونسي العام للشغل، متسائلًا عما إذا كانت الحكومة تستطيع دفع فاتورة رواتب القطاع العام.

وبحسب «الغارديان»، فإن البطالة المتزايدة هاجس كبير للتونسيين، ومصدر اضطرابات اجتماعية، مشيرة إلى أنها ارتفعت من 13% عام 2010 الذي شهد الثورة إلى 18% في العامين الماضيين.