بعد تأجيل الانتخابات.. شبح صراع جديد في ليبيا

قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إن قرار المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، بتأجيل الاستحاق الدستوري، لن يكون الأخير، وأشارت إلى أن الخلافات السياسية لن تقود إلى صناديق الاقتراع، وإنما إلى مزيد من الاضطرابات والفتنة

بعد تأجيل الانتخابات.. شبح صراع جديد في ليبيا
ينقسم المراقبون بشأن ما إذا كانت الانتخابات، ستزيد المخاوف من تجدد الصراع أو تساعد في نزع فتيله

ترجمات - السياق

تتزايد المخاوف من نشوب صراع جديد في ليبيا، بعد قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري.

وقالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إن قرار المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، بتأجيل الاستحاق الدستوري، لن يكون الأخير، وأشارت إلى أن الخلافات السياسية لن تقود إلى صناديق الاقتراع، وإنما إلى مزيد من الاضطرابات والفتنة.

وقالت المفوضية في بيان صحفي: إنها "تقترح بالتنسيق مع مجلس النواب تأجيل يوم الاقتراع (الجولة الأولى) إلى 24 يناير 2022، على أن يتولى مجلس النواب، اتخاذ الإجراءات بإزالة القوة القاهرة، التي تواجه استكمال العملية الانتخابية".

وذكرت "واشنطن بوست" أن التأخير، الذي كان متوقعًا، يأتي مع احتدام الجدل بشأن أهلية بعض المرشحين الأقوياء، في الوقت الذي يبدو أن التوترات تتصاعد في البلاد، التي خرجت من حرب أهلية.

انقسامات وصراعات

وقالت "واشنطن بوست": «ينقسم المراقبون والمدنيون بشأن ما إذا كانت الانتخابات، ستزيد المخاوف من تجدد الصراع أو تساعد في نزع فتيله".

واستشهدت بأنه في الأيام الأخيرة، حشدت قوات من مجموعات مسلحة مقاتلين في العاصمة، ما دفع الأمم المتحدة إلى التحذير من أن مثل هذا السلوك "يسبب توترات ويزيد مخاطر الاشتباكات التي يمكن أن تتحوَّل إلى صراع".

ووسط هذا الجدل الدائر عن أسباب التأجيل، انتشرت بشكل كثيف مجموعات مسلحة في مناطق جنوب العاصمة الليبية، ولم تعلن السلطات أسباب هذا الانتشار الكثيف، وهو الثاني للمجموعات المسلحة في طرابلس في غضون أسبوع.

وأعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن قلقها من هذه التحركات، ودعت الجهات الفاعلة الليبية إلى "ممارسة ضبط النفس في هذه المرحلة الدقيقة، والعمل معاً لتهيئة مناخ أمني وسياسي، يحافظ على تقدم ليبيا ويمكِّن من إجراء انتخابات وعملية انتقال ناجحة".

يذكر أنه في أكتوبر من العام الماضي، جرى توقيع وقف إطلاق النار بين المعسكرين المتنافسين شرق ليبيا وغربها، وأنهى الاتفاق الحرب التي شنتها قوات حفتر على طرابلس وغرب ليبيا، واستمرت 15 شهرا وانتهت بانسحاب قواته إلى سرت منتصف عام 2020.

أعقب ذلك تشكيل حكومة انتقالية بداية 2021، في نهاية عملية بقيادة الأمم المتحدة، مهمتها تنظيم انتخابات رئاسية ومن ثم نيابية.

فوضى وفراغ

وأكدت "واشنطن بوست" أن المجتمع الدولي ساند بقوة إجراء الانتخابات الليبية، على أمل أن يساعد التصويت في إخراج البلاد من الفوضى التي أعقبت إطاحة معمر القذافي.

وأضافت: "وسط فراغ السلطة في الأعوام التي تلت إطاحة القذافي، انزلقت البلاد في حالة من الفوضى، حيث تقاتلت المعسكرات المتنافسة، للسيطرة على الدولة الغنية بالنفط، التي يبلغ عدد سكانها 7 ملايين نسمة".

وفي تعليقها على التأجيل، تقول أماندا كادليك، العضو السابقة في مجموعة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، إن الأمر انتكاسة تعيد إغراق ليبيا التي عانت حربين أهليتين منذ عام 2011، في المجهول.

وبينت أنه من دون "مسار مستقبلي" هناك خطر اندلاع "صراعات محلية، قد تنتشر إلى أجزاء أخرى من البلاد".

من جانبه، قال الناطق باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال، إن فرنسا ما زالت "متمسكة بحُسن سير العملية الانتخابية حتى نهايتها".

أما رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، فقد أعرب عن أمله باستئناف عملية التشاور السياسي، بين ما أطلق عليها مراكز القوى المختلفة في ليبيا، وتحديد موعد جديد للانتخابات.

بينما قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، سفير بلاده في طرابلس ريتشارد نورلاند: يتعين على القادة الليبيين التعجيل بمعالجة العقبات القانونية والسياسية تمهيدًا لإجراء الانتخابات، بما في ذلك وضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين للانتخابات الرئاسية.

كما حث السفير الأمريكي على تهدئة الوضع الأمني المتوتر في البلاد، قائلًا إن الوقت ليس مناسبًا لاتخاذ إجراءات أحادية، أو عمليات انتشار مسلح تنطوي على خطر التصعيد وعواقب غير مقصودة، تضر بأمن الليبيين وسلامتهم، على حد تعبيره.

وأضاف في بيان: "الولايات المتحدة تشارك الأغلبية العظمى من الليبيين القلق وخيبة الأمل، الذين يتوقعون أن تتاح لهم الفرصة للتصويت من أجل مستقبل أفضل لبلادهم".

مخاوف وقلق

ونقلت "واشنطن بوست" عن دبلوماسي غربي يعمل في ليبيا، تحدث بشرط عدم كشف هويته، تعليقه على قرار التأجيل بالقول: "هذا ما نطلق عليه (موت تم التنبؤ به).. إذ كان الجميع يعلمون أن التأجيل سيحدث".

وأضاف: "الآن ، تتزايد المخاوف بشأن ما سيحدث في 24 ديسمبر، الموعد المقرر أن تتنحى الحكومة المؤقتة بموجب خطة الانتقال السياسي"، مشيرًا إلى أن الدبلوماسيين كانوا يستعدون في الأسابيع الأخيرة لتأجيل الانتخابات، ويضغطون الآن لتأخير قصير فقط على أمل تجنُّب الحاجة إلى إصلاح الخطة.

من جانبه، قال جلال الفيتوري، أستاذ القانون الليبي: إن المحاولات الجارية الآن تصب في محاولة "إنعاش الانتخابات" التي تواجه تحديات غير مسبوقة.

وفي تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية، قال: "منذ البداية كان خطر عدم إقامة الانتخابات في موعدها أو التهديد بذلك، الهاجس الأكبر لدى الليبيين والمجتمع الدولي، لأن القوانين التي أقرت لإجراء الانتخابات مشوَّهة إلى حد كبير، إلى جانب غياب الظروف السياسية المتزنة، واستمرار الاستقطاب الحاد بين مختلف الأطراف السياسية".

ووصف الفيتوري المحاولات الجارية الآن، بأنها محاولات للتأجيل أو لإزاحة العراقيل المتسببة بتعذر إقامة الانتخابات، وهي "لن تنتهي بسهولة وربما تحتاج أشهرًا طويلة لتهيئة الظروف".

واستطرد: "المفوضية منفصلة عن الواقع السياسي إلى حد كبير، وتعتقد أن مجلس النواب قادر على إزالة المعوقات أمامها، لإجراء الانتخابات بعد شهر من الآن، وهو توصيف قاصر للأزمة التي تواجه العملية الانتخابية المرتبطة بلاعبين سلبيين في الداخل الليبي والخارج الأجنبي".

وأشار أستاذ القانون الليبي، إلى أن "رفض العملية الانتخابية الذي ترافقه توترات أمنية كلما اقترب موعده، دليل على أن البيئة غير ملائمة في الوقت الراهن لإجراء انتخابات، مع استمرار غياب التوافق والاندفاع نحوها".