واشنطن بوست: الحرب على إيران ستكون أم المعارك

عدم اهتمام الإدارة الجديدة في إيران بالمفاوضات، وتسريع عملية تخصيب اليورانيوم، يعنيان أن الولايات المتحدة وإسرائيل ربما تقتربان من القرار الذي طالما شكل رعبًا لهما، وهو: هل يقصفان إيران أم يسمحان لها بالحصول على القنبلة النووية؟

واشنطن بوست: الحرب على إيران ستكون أم المعارك

ترجمات - السياق

قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إنه في حال فشل المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، والدخول في حرب، فإنها ستكون "أم المعارك"، مشيرة إلى أن هناك خطرًا حقيقيًا من أن أي هجوم على طهران، يمكن أن يؤدي إلى اندلاع حرب أكبر في الشرق الأوسط.

وقال ماكس بوت، الزميل المتخصص في دراسات الأمن القومي بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، في تحليل لـ "واشنطت بوست": ربما كان قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2018 بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، أسوأ سوء تقدير في السياسة الخارجية الأمريكية، منذ غزو العراق عام 2003، مضيفًا: "لعل المنافس الوحيد لهذا الشرف المشكوك فيه، الاتفاقية الأحادية الجانب التي أبرمها ترامب مع طالبان بالانسحاب من أفغانستان، التي طبَّقها الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن".

وحسب الكاتب، فإنه بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، كان من المفترض أن تتخلص إيران من 97 في المئة من وقودها النووي وتحدد نسبة تخصيب اليورانيوم بـ 3.67 في المئة فقط، لكن انسحاب ترامب من الاتفاق، منح طهران الفرصة لتكثيف عملية التخصيب، لدرجة أن البعض يتصور أن أمامها عامًا واحدًا فقط لصنع قنبلة نووية.

ونقلت الصحيفة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تأكيدها العام الماضي أن إيران لديها 12 ضعف كمية اليورانيوم المخصب المسموح بها بموجب الاتفاق.

وأضاف: "تخصب إيران اليورانيوم حاليًا حتى درجة نقاء 60 في المئة، أي أقل بقليل من 90 في المئة اللازمة لصنع أسلحة نووية، ما يعني أن إيران أقرب كثيرًا إلى هذا الإنجاز المرعب -تصنيع القنبلة النووية- مما كانت عليه عام 2018".

 

نتائج عكسية

 

وشدد بوت على أن انسحاب ترامب جاء بنتائج عكسية، حتى أن مسؤولي الأمن الإسرائيليين السابقين، الذين عارض معظمهم الاتفاق النووي للرئيس باراك أوباما، يعترفون بأن الانسحاب منه أدى إلى نتائج عكسية.

ونقلت "واشنطن بوست" عن وزير الدفاع السابق في حكومة بنيامين نتنياهو، موشيه يعالون، قوله الشهر الماضي: "بالنظر إلى السياسة المتعلقة بإيران في العقد الماضي، كان الخطأ الرئيس هو انسحاب الإدارة الأمريكية من الاتفاقية".

ووصف مدير الموساد السابق، تامير باردو، الانسحاب بأنه "مأساة"، كما ووصف الجنرال المتقاعد إسحاق بن إسرائيل، رئيس وكالة الفضاء الإسرائيلية "جهود نتنياهو لإقناع إدارة ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي، بأسوأ خطأ استراتيجي في تاريخ إسرائيل".

والآن -حسب الكاتب- تحاول إدارة بايدن إحياء الاتفاق النووي، مشيرًا إلى أن المفاوضات الجارية في فيينا، لم تقدم أي جديد حتى الآن، بينما لم يُظهر الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي الكثير من الاهتمام بأي تسوية جديدة، ما يعني أن الأمور قد تسير نحو فشل المباحثات.

واستشهدت الصحيفة بتصريح لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بأن "إيران في الوقت الراهن لا يبدو أنها جادة في القيام بما هو ضروري، للعودة إلى الامتثال للقرارات الدولية".

 

القصف أم القنبلة؟

عدم اهتمام الإدارة الجديدة في إيران بالمفاوضات، وتسريع عملية تخصيب اليورانيوم، يعنيان أن الولايات المتحدة وإسرائيل ربما تقتربان من القرار الذي طالما شكل رعبًا لهما، وهو: هل يقصفان إيران أم يسمحان لها بالحصول على القنبلة النووية؟ بحسب "واشنطن بوست".

وتعليقًا على ذلك، قال ماكس بوت: "في الماضي، قلنا إن القصف هو الخيار الأقل سوءًا، لكنه الآن، لم يعد كذلك"، مشيرًا إلى أن إيران، -التي يبلغ تعداد سكانها 85 مليون نسمة- أكبر بكثير وأقوى بكثير من الأعداء، الذين لم تستطع الولايات المتحدة هزيمتهم في العراق وأفغانستان، كما أصبح برنامجها النووي أكثر تقدمًا بكثير من برنامج العراق أو سوريا، عندما قصفت إسرائيل المنشآت النووية المشتبه بها في تلك الدول عامي 1981 و2007.

وأضاف الكاتب، أن البرنامج النووي الإيراني منتشر عبر عشرات المواقع المحصنة والمخفية، وكلها محمية بنظام دفاع جوي متطور، ومن أمثلة ذلك أن "محطة فوردو لتخصيب الوقود مدفونة في أعماق جبل".

وعن إمكانية إسقاط هذه المحطة، قال ماكس بوت: "إذا كان من الممكن هذا الأمر، سيتطلب على الأرجح جهاز اختراق الذخائر الضخمة الذي يبلغ 30000 رطل"، مشيرًا إلى أنه بإمكان الولايات المتحدة، تزويد إسرائيل بهذه الذخائر، أو يمكنها قصف المنشآت الإيرانية بنفسها، لكن حتى الضربات الناجحة لن تؤدي إلا إلى تأخير برنامج إيران النووي، مضيفًا: "يمكنك إزالة المنشآت النووية لكن لا يمكنك إزالة المعرفة النووية".

علاوة على ذلك، يضيف الكاتب: "هناك خطر حقيقي من أن أي هجوم يمكن أن يؤدي إلى حرب أكبر في الشرق الأوسط"، مشيرًا إلى أنه من المرجح أن تهاجم إيران، القوات الأمريكية وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة .

وأكد أن إيران تمتلك العديد من الميليشيات المسلحة بالمنطقة، مستشهدًا بحزب الله اللبناني، قائلًا: إن هذا الحزب اللبناني المسلح -على سبيل المثال- يمكن أن يسقط أكثر من 100000 صاروخ وقذيفة على إسرائيل، وهو ما يكفي للتغلب على دفاعاتها الصاروخية، مشيرًا إلى أنه خلال حرب لبنان عام 2006، أطلق حزب الله 4000 صاروخ قصير المدى فقط على إسرائيل.

 

أم المعارك

وتأكيدًا أن مثل هذه الحرب لن تكون كسابقاتها، قال ماكس بوت: "هناك سبب وجيه لعدم استعداد أي زعيم إسرائيلي أو أمريكي، ولا حتى الصقور مثل نتنياهو وجورج دبليو بوش وترامب، لقصف إيران، فهذه الحرب على إيران ستكون أم المعارك".

وأوضح أن السماح لإيران بأن تصبح دولة نووية -إذا ثبت أن ذلك لا مفر منه- قد يكون في الواقع الخيار الأقل خطورة، مشيرًا إلى أن النظام الإيراني استخدم مفجرين انتحاريين في الماضي، لكنه لم يكن نظامًا انتحاريًا في حد ذاته، إذ يعرف قادة إيران أن لدى إسرائيل ترسانة نووية كبيرة، وأنها تمتلك قدرات صاروخية قادرة على صد أي هجوم، فضلًا عن أنها قادرة على قصف العمق الإيراني في أي لحظة.

ورأى أن الأسلحة النووية لإيران ستسمح بتجنب الغزو الأمريكي الذي لن يحدث على أي حال، لكنها لن تفعل شيئًا لحماية النظام من أكبر خطر يواجهه، وهو بوادر "انتفاضة شعبية"، نتيجة الانهيار الاقتصادي للبلاد جراء العقوبات الأمريكية.

وقال الكاتب: "يجب أن تستمر إدارة بايدن في محاولة إيقاف البرنامج النووي الإيراني بشكل سلمي، لكن ذلك قد لا يكون ممكنًا بعد الآن، بسبب قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق، لكن ماذا لو فشلت تلك الجهود؟