تنازلات أمريكية لإيران... خطة بايدن للاتفاق النووي تثير غضبًا وتساؤلات

بينما تستعد أمريكا لتقديم بعض التنازلات لإيران، مقابل إبرام الاتفاق النووي الذي تعثرت المفاوضات بشأنه في فبراير الماضي، حذرت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، من أن تلك التنازلات ستضر بمصالح الولايات المتحدة والشعب الإيراني

تنازلات أمريكية لإيران... خطة بايدن للاتفاق النووي تثير غضبًا وتساؤلات

ترجمات - السياق

 بـ«الأمل الكاذب»، تُمنِّي الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، بإمكانية تعديل سلوك النظام الإيراني، مقابل شطب الحرس الثوري الإيراني من القوائم الإرهابية.

فبينما تستعد أمريكا لتقديم بعض التنازلات لإيران، مقابل إبرام الاتفاق النووي الذي تعثرت المفاوضات بشأنه في فبراير الماضي، حذرت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، من أن تلك التنازلات ستضر بمصالح الولايات المتحدة والشعب الإيراني.

ورغم أن إدارة بايدن أعلنت استعدادها لكل السيناريوهات، فإن منتقدين للسلوك الأمريكي في التعامل مع أزمة الاتفاق النووي، يرون أن ذلك الإعلان ما هو إلا «تكتيك» لكي تثبت للكونغرس أنها اتخذت موقفًا حازمًا خلال المفاوضات، بشكل مغاير للواقع.

وقالت المجلة الأمريكية، في تحليل لديفيد رشيد، العميل السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، إن أحد التنازلات التي تنظر فيها إدارة بايدن، رفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية، مشيرة إلى أن هذا التنازل تعهدت طهران في مقابله «زيفًا» بأنها ستغير سلوك الحرس الثوري وتردعه عن استخدام الإرهاب كأداة للقوة الوطنية.

 

تضاؤل التفاؤل

ورغم مساعي الإدارة الأمريكية لتقديم تنازلات، فإن «ناشيونال إنترست»، قالت إنه يأتي وسط تضاؤل التفاؤل بإبرام صفقة نهائية -بين واشنطن وطهران- خلال الأيام الأخيرة بشأن الملف النووي، إذ أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس أن الولايات المتحدة تستعد لكل السيناريوهات، سواء بتنفيذ الاتفاق أم بانهياره.

إلى ذلك، قالت المجلة الأمريكية، إنه منذ رفض إيران مسودة اتفاق قيل إنها اكتملت بنسبة 100% تقريبًا في فبراير الماضي، بدا واضحًا أن إحياء الاتفاقية النووية يعتمد على التنازلات التي وصفتها بـ«غير المبررة» للنظام الإيراني.

واستدلت «ناشيونال إنترست»، على رؤيتها بدور كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري، الذي يدفع في فيينا -مقر المفاوضات الأخيرة بشأن الملف النووي الإيراني- برفع تصنيف الحرس الثوري من المنظمات الإرهابية.

ورغم أن تصنيف الحرس الثوري إرهابيًا، بسبب تورطه في الهجمات الإرهابية التي تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، وأنشطة عسكرية أودت بحياة مئات الجنود الأمريكيين، طال انتظاره حتى أعلن عام 2019، فإن إدارة بايدن تسعى لرفعه، وهو أمر ترى «ناشيونال انترست»، مجرد التفكير فيه، «شيئًا مروعًا يجب عدم تمريره».

 

التنازل الكبير

وشددت المجلة الأمريكية على ضرورة استمرار التعامل مع الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، لأنه لن يغير سلوكه على المدى القريب، مؤكدة أن تقريرًا للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية صدر الشهر الماضي، كشف نجاعة استمرار تصنيف المليشيا تنظيمًا إرهابيًا.

ورغم أن الاتفاق النووي الإيراني ليس وشيكًا ولا حتميًا، وأن شروط إدارة بايدن مقابل هذا التنازل الكبير لم تكن واضحة، فإن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين والمبعوث الخاص لإيران روبرت مالي، لم يكونا مستعدين لاستبعاد احتمال إزالة تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية أجنبية.

وبينما تشير بعض التقارير إلى أن البيت الأبيض يريد التزامًا بتغيير السلوك الإقليمي للحرس الثوري الإيراني، على الأقل في ما يتعلق بمصالح أمريكية محددة، إلا أن «ناشيونال إنترست»، عدَّت طلب طهران رفع الحرس الثوري من قوائم الإرهاب سخيفًا، لأنه يتجاهل سجل النظام الإيراني في انتهاك التزاماته.

 

دوافع القرار

وتساءلت المجلة الأمريكية عن دوافع حذف الحرس الثوري من تصنيف المنظمات الإرهابية: كيف يمكننا التغاضي عن دور الحرس الثوري في الهجمات الإرهابية، التي استهدفت ثكنات مشاة البحرية في لبنان وغيرها في سوريا وفي العالم؟!

وأشادت بالقرار الصادر عام 2019 بتنصيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، قائلة، إنه كان خطوة أولى حيوية، وبذلك يقع على عاتق إدارة بايدن وحلفاء أمريكا الأوروبيين تنسيق استراتيجية لفرض العقوبات ذات الصلة بشكل متعدد الأطراف، وتقويض القوة الإقليمية للحرس الثوري وقوته، بشكل قاطع.

إلا أن انعكاسات قرار 2019، لم تكن على دور الحرس الثوري خارجيًا فقط، بل إنه يخدم الداخل الإيراني أيضًا، فمنذ نهاية عام 2017 شهدت طهران ثماني انتفاضات ضد الديكتاتورية الثيوقراطية، إلا أنه كان يجرى فضها من خلال الحرس الثوري.

وفي أكبر الانتفاضات التي اندلعت في نوفمبر 2019، لعب الحرس الثوري الإيراني الدور الرئيس في حملة قمع قُتل فيها ما لا يقل عن 1500 شخص.

 

غضب داخلي

ورغم سلوك الحرس الثوري، فإنه لم يمنع الشعب الإيراني من الاحتجاج والتنديد بدور المليشيات خارجيًا وداخليًا، إذ أحرق متظاهرون صور قاسم سليماني،  رغم محاولة سلطات النظام تصويره كبطل قومي، بعد قتله في غارة أمريكية بطائرة من دون طيار في يناير 2020.

وبينما قالت «ناشيونال إنترست»، إن هناك بوادر واعدة بأن الشعب الإيراني سيواصل الوقوف في وجه الحرس الثوري الإيراني، أكدت أن رفعه من تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية سيبعث برسالة معاكسة داخل إيران وخارجها.

وأكدت المجلة الأمريكية، أنه إذا كان البيت الأبيض يفكر بجدية في الاستجابة لمطالب طهران، فعليه أن يفهم أن خطوته تلك، رسالة مفادها أنه يدير ظهره لمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة والشعب الإيراني.