بعد ماريوبول.. روسيا تسعى إلى السيطرة على دونباس وجنوبي أوكرانيا
قالت وزارة الدفاع الروسية إنها مستعدة لوقف فوري للنار في مصنع "آزوفستال" في ماريوبول، من أجل السماح بإجلاء مدنيين، إذا استسلم المقاتلون.

السياق
بعد إعلان سيطرتها على مدينة ماريوبول الاستراتيجية، تسعى روسيا إلى السيطرة على جنوبي أوكرانيا ومنطقة دونباس، لإقامة جسر بري نحو شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو عام 2014، كما قال جنرال في الجيش الروسي.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن روستام مينيكاييف نائب قائد قوات المنطقة العسكرية الروسية الوسطى قوله، خلال لقاء مع شركات المجمع الصناعي العسكري الروسي في إيكاترينبورغ (الأورال): "منذ بداية المرحلة الثانية من العملية الخاصة التي بدأت قبل يومين، أحد أهداف الجيش الروسي، بسط سيطرته على دونباس وجنوبي أوكرانيا".
وأضاف: "سيضمن ذلك ممرًا بريًا إلى شبه جزيرة القرم، إضافة إلى إجهاد البنى التحتية الحيوية للاقتصاد الأوكراني، موانئ البحر الأسود التي تسلَّم عبرها المنتجات الزراعية والمعدنية".
مساعدة الانفصاليين
يبدو أن هذه التصريحات، تؤكد أن روسيا تسعى أيضًا إلى احتلال أوديسا، الميناء الأوكراني الكبير والمدينة الثالثة في البلاد.
وبحسب مينيكاييف، فإن السيطرة على جنوبي أوكرانيا تسهّل مساعدة الانفصاليين الموالين لروسيا في ترانسدنيستريا، الذين سيطروا على هذه المنطقة من مولدافيا المتاخمة لغربي أوكرانيا منذ عام 1992.
وأكد أن "السيطرة على جنوبي أوكرانيا أيضًا ممر إلى ترانسدنيستريا، حيث يضطهد السكان الناطقون بالروسية".
ومولدافيا دولة سوفيتية سابقة ناطقة بالرومانية، يحكمها نظام موال للغرب.
وقال مينيكاييف: "نحارب العالم، في الوقت الراهن، كما حدث أثناء الحرب الوطنية العظمى (الاسم الذي أطلق على الحرب العالمية الثانية في روسيا)، كانت أوروبا كلها والكوكب ضدنا في ذلك الوقت، والآن يتكرر ذلك، لم يحبوا روسيا مطلقًا".
إجلاء المدنيين
في آخر التطورات، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها مستعدة لوقف فوري للنار في مصنع "آزوفستال" في ماريوبول، من أجل السماح بإجلاء مدنيين، إذا استسلم المقاتلون. وأوضحت وزارة الدفاع الروسية في بيان أن نقطة البداية لهذه الهدنة الإنسانية تتمثل في رفع القوات الأوكرانية الرايات البيضاء فوق "آزوفستال"، مؤكدة أن المدنيين الذين يخرجون سيكون لديهم خيار الانضمام إلى أراض خاضعة للسيطرة الأوكرانية أو الروسية.
وأضافت "هذه المبادرة الإنسانية التي اتخذتها جمهورية روسيا الاتحادية صالحة 24 ساعة يوميا"، مشيرة إلى أن "حافلات وسيارات" وكذلك سيارات إسعاف، متوافرة بشكل دائم وجاهزة "لنقل الناس".
تضارب بشأن ماريوبول
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد -الخميس- أن قواته "حررت" مدينة ماريوبول المرفئية الاستراتيجية في أوكرانيا، وهو ما شكك فيه نظيره الأميركي جو بايدن، الذي أعلن مساعدة عسكرية إضافية لكييف بـ 800 مليون دولار.
من جهتها، أكدت كييف أن مدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية التي تقول موسكو إنها "حررتها" ما زالت تقاوم القوات الروسية.
ولم يعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هزيمته، مؤكدًا أن المعركة ما زالت مستمرة.
وقال في خطاب بالفيديو: "لا يمكنهم سوى تأخير ما هو حتمي، اللحظة التي سيضطر فيها الغزاة لمغادرة أراضينا خصوصًا ماريوبول، المدينة التي ما زالت تقاوم روسيا رغم كل ما يقوله المحتلون".
يأتي ذلك في وقت يتحصن جنود أوكرانيون مقاومون في مصنع "آزوفستال" الكبير لصناعة الصلب في هذه المدينة الساحلية الواقعة أقصى جنوب إقليم دونباس، التي تحولت إلى ركام، بعدما قصفتها القوات الروسية وحاصرتها قرابة شهرين.
ويرفض هؤلاء الاستسلام، وقد طالب معاون قائد كتيبة "آزوف"، سفياتوسلاف بالامار، عبر تلغرام بـ"ضمانات" أمنية من "العالم المتحضر" قبل الخروج.
ومن شأن سقوط ماريوبول أن يشكل انتصارًا كبيرًا لموسكو بعد نكسات ميدانية لقواتها، وبعدما كان مراقبون كثر اعتقدوا أن كييف ستسقط خلال بضعة أيام.
ورغم توجيه دعوة جديدة -الخميس- إلى المقاتلين الأوكرانيين الذين انكفأوا إلى مجمع "أزوفستال" الصناعي لإلقاء السلاح، رفض هؤلاء الاستسلام.
سراديب الموت
في السياق، اعتبر بوتين "الهجوم المقترح على المنطقة الصناعية غير مناسب"، آمرًا بـ"إلغائه"، حسب ما قال خلال اجتماع مع وزير دفاعه سيرغي شويغو.
وشدد على أنه "لا بد من مراعاة... حياة جنودنا وضباطنا وصحتهم وينبغي عدم خوض هذه الدياميس (سراديب الموت)"، لكنه أضاف: "حاصروا كل هذه المنطقة بحيث لا تمر فيها ذبابة".
في المقابل، اعتبر بايدن أنّ سيطرة الجيش الروسي على هذه المدينة "موضع شك". وقال: "ليس هناك أي دليل على أن ماريوبول سقطت".
وأشار بايدن إلى أن بوتين "لن ينجح في السيطرة على أوكرانيا واحتلالها".
فرض تسوية
وفي آخر التطورات، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها مستعدة لوقف فوري للنار بمصنع "آزوفستال" في ماريوبول.
جاء ذلك بعد التصريح بأنها تهدف لإحكام السيطرة على دونباس وشرقي أوكرانيا، وتخطط لتأمين ممر إلى شبه جزيرة القرم.
من جهتها، أفادت وزارة الدفاع البريطانية بأن القصف والقتال المستمر بشرقي دونباس، يدل على رغبة روسيا في فرض تسوية، بينما حذرت من أن اقتحام مصنع "آزوفستال" في ماريوبول سيتسبب بخسائر روسية فادحة.
وأضافت أن قرار بوتين بمحاصرة "آزوفستال" يهدف إلى تقويض المقاومة في ماريوبول، وقرار حصار المصنع يدل على رغبة روسيا بتوجيه قواتها لشرقي أوكرانيا. وأضافت أن القصف الروسي المستمر على دونباس، يهدف لتسريع إقامة مستوطنات انفصالية.
ممر إنساني
إلى ذلك، قالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إنه لن يفتح أي ممر إنساني لإجلاء مدنيين، الجمعة، في أوكرانيا، واصفة الوضع على الطرق بأنه "خطير"، بينما أطلق رئيس بلدية ماريوبول نداءً جديدًا من أجل "إخلاء" المدينة الواقعة جنوبي أوكرانيا، قائلاً: "نحتاج لشيء واحد فقط... إجلاء السكان، هناك نحو 100 ألف شخص ما زالوا في ماريوبول".
يأتي ذلك بينما أعلنت وزارة الدفاع الروسية تدمير 14 موقعًا للقوات الأوكرانية، في منطقتي تشيركاسكو وألكساندروفاكا، والقضاء على 120 "نازيًا" بصواريخ عالية الدقة.
وقال المتحدث باسم الوزارة: "دمّرنا أكثر من 30 سيارة وعربة مدرعة، كما دمرت الطائرات الروسية 64 موقعًا عسكريًا أوكرانيًا في يوم واحد، بينها 17 تجمعًا للمعدات العسكرية".