بعد اشتباكات طرابلس والزاوية... هل تعود ليبيا إلى مربع الحرب؟
بينما لم تمر ساعات على وصول قادة المليشيات، حتى تحول المشهد الضبابي إلى واقع مأساوي، تمثل في اندلاع الاشتباكات بين المليشيات المسلحة، التي بدأت -منذ الخميس حتى صباح السبت- بوتيرة منقطعة وفي أماكن متفرقة من الغرب الليبي

السياق
وسط سيناريوهات «كارثية» ومستقبل «قاتم»، تمر ليبيا -التي لم تلتئم جراحها من عشرية الصراعات- بمفترق طرق، قد يعيدها إلى مربع الحرب، خاصة بعد «تعنُّت» رئيس الحكومة المقالة عبدالحميد الدبيبة في تسليم السلطة.
تلك السيناريوهات لم تكن متفائلة، خاصة مع بدء توافد قيادات المليشيات المسلحة من الخارج إلى العاصمة طرابلس، في مؤشرات تدل على استعداد الدبيبة لشحذ أسلحته وقواته المرتزقة، لقتال الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا، التي عقدت -قبل يومين- أول اجتماعاتها في مدينة سبها، جنوبي ليبيا.
وبينما لم تمر ساعات على وصول قادة المليشيات، حتى تحول المشهد الضبابي إلى واقع مأساوي، تمثل في اندلاع الاشتباكات بين المليشيات المسلحة، التي بدأت -منذ الخميس حتى صباح السبت- بوتيرة منقطعة وفي أماكن متفرقة من الغرب الليبي.
اشتباكات الزاوية
الشرارة التي انطلقت أول أمس من العاصمة طرابلس، بعد اقتتال مليشيات مسلحة تابعة للدبيبة، في محاولة للحصول على نفوذ، انتقلت حممها البركانية إلى مدينة الزاوية غربي ليبيا، فجر السبت، بين قوات تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع في الحكومة «المقالة».
وقالت مصادر ليبية في تصريحات لـ«السياق»، إن اشتباكات مسلحة اندلعت فجر السبت بين مليشيات القصب، التي تؤمن مصفاة الزاوية، ومليشيات الفار بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، في عدد من المناطق.
وبينما لم تعرف أسباب الاشتباكات، إلا أن مصادر «السياق»، أكدت أنها أسفرت عن قتل وإصابة عدد من المليشيات المسلحة.
من جانبه، قال أحد أعيان مدينة الزاوية، الشيخ محمد أخماج، إن الاشتباكات التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة استمرت نحو خمس ساعات، لتتوقف تارة وتعود أخرى.
وأوضح أخماج أن أسباب الاشتباكات ما زالت مجهولة حتى الآن، متمنيًا أن يتدخل العقلاء لنزع فتيل الأزمة.
أحداث مخططة
وقال عضو مجلس النواب عن مدينة الزاوية، علي أبوزريبة، إن ما يحدث في الزاوية حصاد عام من فشل حكومة الدبيبة، مشيرًا إلى أن تلك الأحداث مخطط لها من هذا الشخص «فاقد الشرعية».
ووسط صمت رسمي من حكومة الدبيبة، المسؤولة عن المليشيات المتناحرة (تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع بالحكومة المقالة)، تدخلت وزارة الداخلية بحكومة فتحي باشاغا على خط الأحداث الجارية في مدينة الزاوية.
وقالت «داخلية باشاغا»، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنها تابعت -بقلق بالغ- الأحداث الدامية التي تجري في مدينة الزاوية والمواجهات المسلحة التي حدثث مساء الجمعة.
وناشدت المليشيات المتورطة في أعمال العنف هذه، ضبط النفس والتوقف عن القتال فورًا، وأن تغلِّب صوت العقل وتلجأ إلى الحكمة درءًا للدماء، مشيرة إلى أنه من غير المقبول أن يتقاتل «الإخوة» لفرض مصالح أشخاص وإحكام سيطرتهم، خاصة في المناطق السكنية، ما أدى إلى ترويع السكان الآمنين.
حكومة باشاغا تحذر
وبينما أكدت داخلية باشاغا، أنها لن تسمح بحدوث تلك الاشتباكات مجددًا، أوضحت أن من أولوياتها حماية الليبيين وتوفير بيئة آمنة لهم.
من جانبها، أدانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيـا «النزاع» المسلحة بمدينة الزاوية، معربة عن قلقها من الاشتباكات المسلحة، التي اندلعت بين قوات تابعة لوزارة الدفاع بحكومة الدبيبة وأخرى تابعة لوزارة الداخلية في الحكومة نفسها، وتدور رحاها داخل المناطق المأهولة بالسكان، ما يعرِّض أرواح وممتلكات السكان للخطر .
معاقبة أمراء الحرب
وأكدت «العربية لحقوق الإنسان»، أن المدنيين يعانون المخاطر المحدقة، في ظل الاستخفاف من طرفي الاشتباك بسلامتهم، ما يشكل خرقًا لواجبات الحماية والتحوط، التي تفرضها قواعد الاشتباك بموجب القانونين الدولي والمحلي، مطالبة «حكومة الدبيبة»، بوقف اقتتال أجهزتها الرسمية، واستعادة الأمن بمنطقة النزاع وحماية المدنيين وممتلكاتهم.
وحذرت من أن التحشيد العسكري لطرفي النزاع، سيؤدي إلى خسائر بشرية غير محدودة، خاصة مع انتشار السلاح على نحو واسع، بيد مجموعات تعاني نقص الانضباط، داعية المجتمع الدولي إلى تحمُّل مسؤوليته، والتحرك لإدراج أسماء أمراء الحرب على قائمة العقوبات بمجلس الأمن الدولي.
مربع الحرب
تلك الأحداث، التي تأتي بعد ساعات من اشتباكات طرابلس، حذر مراقبون من أنها ستؤدي لإعادة ليبيا إلى مربع الحرب، مشيرين إلى أن اقتتال المليشيات المسلحة، يأتي في إطار صراع النفوذ وتصفية الحسابات.
وأوضح المراقبون أن اقتتال المسلحين ازدادت وتيرته، بعد وصول أمراء الحرب من الخارج إلى العاصمة طرابلس، ما يشير إلى أنها تأتي في إطار تصفية بعض القادة، خاصة الرافضين لحلحلة النزاع السياسي بالسلاح، تمهيدًا لحرب يستعد لها عبدالحميد الدبيبة ضد قوات فتحي باشاغا، التي ستحاول دخول طرابلس خلال الأيام المقبلة.