70 عامًا على كرسي ولي العهد... ماذا نعرف عن ملك بريطانيا تشارلز ؟
وُلد الأمير تشارلز في 14 نوفمبر 1948، في قصر باكنغهام، تلقى تعليمه في المدرستين اللتين تلقى فيهما والده الأمير فيليب تعليمه: تشيم وغوردونستون.

السياق
ساعات على رحيل الملكة إليزابيث الثانية، اكتسى فيها العالم بالحزن، فنكست دول أعلامها وأعلنت الأخرى الحداد أيامًا، بينما سارع البعض لتقديم برقيات التعازي، التي لم تخل من ذكر مناقب الملكة الأطول حكمًا في تاريخ بريطانيا.
وفي الوقت الذي تتسابق فيه الدول لنعي الملكة الراحلة، كانت العائلة الحاكمة على موعد مع تغييرات كثيرة بهيكل الحكم في بريطانيا، أبرزها حصول ابن الملكة إليزابيث الأكبر الأمير تشارلز على لقب ملك بريطانيا الجديد أو الملك تشارلز الثالث، بينما بات ابنه البكر الأمير وليام وليًا للعهد، والأول في ترتيب وراثة العرش.
فمن هو الملك تشارلز؟
وُلد الأمير تشارلز في 14 نوفمبر 1948، في قصر باكنغهام، تلقى تعليمه في المدرستين اللتين تلقى فيهما والده الأمير فيليب تعليمه: تشيم وغوردونستون.
في فبراير 1952، توفي جده الملك جورج السادس، فأصبحت والدته الملكة إليزابيث الثانية، ليكون الأمير تشارلز –آنذاك- في الثالثة، الوريث المباشر للعرش.
عام 1962، التحق بمدرسة غوردونستون الداخلية في اسكتلندا، وحصل على شهادة بكالوريوس في الفنون من جامعة كامبريدج، وفي يوليو 1969، توجته والدته أميرًا لويلز في حفل متلفز بقلعة كارنارفون.
وأدى الخدمة العسكرية في القوات الجوية الملكية والبحرية الملكية منذ 1971 حتى عام 1976، وعندما ترك البحرية عام 1976، بحث عن دور بالحياة العامة في وقت لم تكن هناك وظيفة دستورية واضحة لوريث العرش، حيث قال إنه تعين عليه «استحداثها مع الوقت».
وفي خسارة أثرت فيه كثيرًا، قُتل عمه الأكبر اللورد مونتباتن، في تفجير نفذه الجيش الجمهوري الأيرلندي، عام 1979، قال عنها: «بدا كما لو أن أساس كل ما نعتز به في الحياة قد انهار بشكل لا يمكن إصلاحه».
ورسم الملك تشارلز عن نفسه في فترة شبابه، صورة الأمير الرياضي الذي يحب التزلج وركوب الأمواج والغوص، كما كان شغوفًا بلعب البولو وامتطى الخيل في العديد من السباقات التنافسية.
تزوج الليدي ديانا سبنسر عام 1981، وأنجب منها طفلين: الأمير وليام عام 1982 والأمير هاري عام 1984، إلا أنهما انفصلا عام 1996، عقب نشر الصحف أنباءً عن علاقات للزوجين خارج إطار الزواج، وبعد عام على الطلاق، توفيت ديانا جراء حادث سيارة في العاصمة الفرنسية باريس.
بعد ذلك بتسعة أعوام، وتحديدًا عام 2005، قرر الأمير تشارلز الزواج بكاميلا باركر بولز، التي كانت على علاقة طويلة به.
ورغم أن تكهنات أثيرت بشأن حصولها على لقب ملكة، عندما يتولى زوجها العرش بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية، فإن الأخيرة حسمتها في خطاب ألقته بمناسبة الذكرى الـ70 لاعتلائها العرش، قائلة إن زوجة الأمير تشارلز ستصبح ملكة بريطانيا بعد تولي ابنها للعرش.
مهمة شاقة
تقول وكالة رويترز، إن الأمير تشارلز يواجه مهمة شاقة، فوالدته الراحلة التي كانت تحظى بشعبية جارفة واحترام كبير، تركت عائلة ملكية تمزقها الفضائح والخلافات الأسرية، إلى جانب المزاعم المتكررة عن عنصرية مسؤولي قصر بكنجهام، التي كررتها زوجة الأمير هاري.
تلك التحديات يواجهها الملك الجديد (73 عامًا)، بعد أن بات أكبر ملك يتولى العرش في عائلة ملكية يعود حكمها إلى ألف عام، وإلى جانبه زوجته الثانية كاميلا، التي لا يزال الرأي العام منقسمًا بشأن أحقيتها باللقب الجديد.
وتقول الوكالة البريطانية، إن المعارضين لتولي الملك الجديد زمام الحكم، يرون فيه شخصية ضعيفة وتحب التدخل في السياسة، مشيرين إلى أنه غير مؤهل لهذا المنصب، إلا أن مؤيديه يدافعون عنه قائلين، إنه شخص رصين ودائمًا ما يهتم برفاه البريطانيين من جميع الطبقات والمجتمعات.
كما ساعدت مؤسسته الخيرية أكثر من مليون شاب فقير وعاطل عن العمل، منذ إطلاقها قبل ما يقرب من 50 عامًا.
ظل الملك الجديد -طوال حياته- محاصرًا في نظام ملكي يسعى لتحديث نفسه، ويحاول التكيف في مجتمع سريع التغير وقائم على المساواة مع الحفاظ على التقاليد التي تمنح المؤسسة الهالة المحيطة بها، بحسب «رويترز»، التي قالت إن ذلك بدا واضحًا في حياة ابنيه، فالأكبر وليام (40 عامًا)، الذي أصبح ولي العهد، يعيش حياة مقيدة بالواجبات التقليدية، ويخصص كثيرًا من وقته للأعمال الخيرية والظهور بالمراسم العسكرية.
أما الابن الأصغر هاري (37 عامًا) فيقيم خارج لوس أنجلوس مع زوجته الممثلة الأمريكية السابقة ميجان وطفليه، مُتخذًا نمطًا جديدًا لحياته يتناسب مع هوليوود أكثر من قصر بكنجهام.
علاقة متوترة مع الإعلام
مع تركيز وسائل الإعلام على علاقاته، لم يكن من المستغرب أن يسود التوتر تعامله مع وسائل الإعلام، كما لم يحاول إخفاء ازدرائه للمصورين الذين يلاحقون المشاهير، فعام 1994، قال الأمير تشارلز: «أنا لا أجيد لعب دور القرد الراقص، أعتقد أنني شخص يهتم بخصوصيته».
ووصف عام 2005، وسائل الإعلام بـ «الملطخين بالدماء»، في المقابل وصفته بعض الصحف بأنه غريب الأطوار يصلح أن يكون مزارعًا وليس أميرًا، بسبب أعمال مثل تأسيس علامة (داتشي أوريجينالز) التجارية للترويج للأغذية العضوية، وقوله إنه يتحدث إلى نباتاته ويصافح الأشجار عندما يزرعها.
وتعرض الملك تشارلز لانتقادات بسبب وجهات نظره في الهندسة المعمارية، واتهم بالترويج للدجل بسبب دفاعه عن الأدوية البديلة، بينما قال كاتب السير الذاتية توم باور إن الأمير اهتم بقضايا مثل البيئة، لكنه كان عنيدًا ولا يتقبل الانتقادات.
لكن حدة الانتقادات خفت في السنوات الأخيرة، بعد أن اتجهت الصحف -بدلًا من ذلك- بسهامها صوب ابنه هاري، لكنها لم تختفِ تمامًا.
الاهتمام بالناس
ورغم ذلك، فإن مؤيديه يقولوون إن مواقف الملك الجديد تظهر أنه رجل جاد ويهتم بشعبه، بينما يقول آخرون إنه يواجه مهمة مستحيلة، بين اتهامه بالتدخل السياسي إذا أدلى بدلوه في القضايا الاجتماعية، أو المجازفة بوصفه أميرًا مدللًا لا يكترث بالآخرين.
وفي سبعينيات القرن الماضي، تبرع بمكافأة نهاية الخدمة في البحرية البالغة 7400 جنيه استرليني لتمويل مبادرات مجتمعية، في فترة تدهور الاقتصاد البريطاني، إضافة إلى أن جمعيته الخيرية بدأت مساعدة المحرومين في بدء أعمالهم التجارية الخاصة، مع انتشار أعمال الشغب والبطالة في العديد من المدن.
وتعد البيئة من القضايا التي يهتم بها، إلا أن تشارلز يشعر بالإنجاز بعدما استجاب قادة العالم لمطالبه بشأن ضرورة التصدي لأزمة تغير المناخ.
لحظات السعادة
ينعم تشارلز بعيدًا عن واجباته الملكية أو أنشطته الاجتماعية، بأسعد لحظاته في حديقة منزله بهايجروف غربي إنجلترا، أو عندما يصطاد السمك في المناطق الملحقة بضيعات العائلة المالكة في اسكتلندا، بحسب «رويترز»، التي قالت إن الملك الجديد شغوف بالفنون، خاصة أعمال شيكسبير والأوبرا وليونارد كوهين.
ورغم حلم الأمير تشارلز بأن يصبح ملكًا، فإن تقارير تحدثت عن أنه ربما يلجأ إلى التخلي عن ذلك الحلم المنتظر، بالتنازل عن العرش إلى ابنه الأكبر الأمير ويليام.
المهام الأولى
بعد إعلان تنصيب تشارلز ملكًا لبريطانيا، على الملك الجديد أن يشارك في فعاليات مخصصة لتنصيبه، منها اجتماع أعضاء المجلس الخاص للمملكة المتحدة الذي سيعلنه رسميا ملكًا، على أن يبدأ عمله بجولة في أربع مناطق: إنجلترا، واسكتلندا، وويلز، وإيرلندا.
الأمير ويليامز... ولي العهد الجديد
الأمير وليام هو الابن الأكبر للملك تشارلز، وُلد 21 يونيو 1982، في مستشفى سانت ماري بادينجتون بلندن.
في 4 أغسطس 1982، تم تعميد الأمير ويليام آرثر فيليب لويس من رئيس أساقفة كانتربري، الدكتور روبرت رونسي، في غرفة الموسيقى بقصر باكنغهام.
بدأ الأمير ويليام تعليمه في مدرسة حضانة السيدة ماينورز غربي لندن، قبل أن يصبح تلميذًا في مدرسة ويذربي الإعدادية عام 1987.
تزوج كاثرين ميدلتون عام 2011، ورزق منها بثلاثة أطفال: الأمير جورج والأميرة شارلوت والأمير لويس، ورغم أن قصر كينسينغتون يعد المقر الرسمي للأمير ويليام وأسرته، فإنهم يقضون أيضًا بعض الوقت في سكنهم الخاص بنورفولك.
ويقوم الأمير ويليام بعدد من الأنشطة والمشاريع الخيرية، ويضطلع بواجبات عامة ورسمية لدعم الملكة في المملكة المتحدة وخارجها، وتعد حماية البيئة الطبيعية للأجيال القادمة من أولويات الأمير وليام.
دعم الأمير ويليام مبادرات تمويل الحفظ وتنمية المجتمع والتعليم البيئي في إفريقيا، وقاد برامج رئيسة لإنهاء الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية على نطاق عالمي.
في أكتوبر 2020، أطلق الأمير ويليام جائزة إيرثشوت -جائزة عالمية جديدة للبيئة- وهي الأكثر طموحًا ومرموقة من نوعها، مصممة لتحفيز التغيير والمساعدة في إصلاح كوكبنا خلال السنوات العشر المقبلة.
تعتمد الجائزة على خمسة أهداف بسيطة، لكنها طموحة وعالمية لعام 2030، وإذا تم تحقيقها ستحسن حياة الأجيال القادمة.
يلتزم الأمير ويليام بمساعدة الأطفال والشباب في بناء مهاراتهم وثقتهم وتطلعاتهم، فمن خلال عمله الخيري، سعى إلى رفع مستوى الوعي بخطورة القضايا التي يمكن أن تؤثر في الشباب، كالتشرد والبلطجة.
عام 2016، شكل فريق عمل جديدًا لتطوير استجابة مشتركة للتنمر عبر الإنترنت من الشباب.
ويدافع الدوق أيضًا عن فوائد تزويد الشباب بالمهارات الأساسية والتدريب، لتعزيز حياتهم الشخصية والمهنية، لاسيما من خلال تسليط الضوء على برامج إشراك الشباب.