الغارديان: كيف تحول محتجز الرهائن المسلح في لبنان إلى بطل شعبي؟

إنه ليس حتى لصًا حقيقيًا. إنه يسأل فقط عما هو له. أرسل قادتنا الأعزاء كل المليارات الخاصة بهم إلى البنوك السويسرية بمساعدة البنك المركزي، وقد تركونا جميعًا نعاني. كل لبنان يريد أن يفعل ذلك

الغارديان: كيف تحول محتجز الرهائن المسلح في لبنان إلى بطل شعبي؟

ترجمات - السياق

من محتجز للرهائن في أحد البنوك المركزية بالعاصمة اللبنانية إلى بطل شعبي، تحول كبير في نظرة المجتمع اللبناني إلى المسلح الذي اقتحم بنكًا في بيروت، للمطالبة بالحصول على أمواله الخاصة.

فعلى أنغام موجة استياء من الوضع الراهن في لبنان، وعدم تمكن البعض من الحصول على أموالهم، ظهر المسلح كبطل غير متوقع في لبنان، بعد احتجازه رهائن في بنك مركزي ببيروت، ومطالبته بالحصول على أموال بالدولار استودعها البنك، إلا أنه فشل في الحصول عليها.

 ودخل بسام الشيخ حسين، وهو يحمل بندقية ويهدد بإغراق نفسه بالبنزين، فرع البنك الفيدرالي ظهر الخميس، وأصر على سحب جزء من مدخراته المجمدة البالغة 210 آلاف دولار (172 ألف جنيه استرليني) للمساعدة في دفع فاتورة مستشفى والده.

أزمة اقتصادية

وتقول «الغارديان»، إن بسام حاله كمعظم اللبنانيين، فأموال خاطف الرهائن محظورة منذ أكثر من عامين لدى البنوك التي تعاني أزمة اقتصادية، دفعتها إلى السماح للمودعين بسحب رمزي فقط من الدولارات كل شهر، غير كافٍ لتلبية الاحتياجات الأساسية.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه سرعان ما وصلت أنباء الحصار إلى جميع أنحاء البلاد، خاصة بعد أن بات ما يقرب من 80% من السكان فقراء، بعد فرض ضوابط غير رسمية على رأس المال، بسبب الانهيار الاقتصادي، الذي أصاب لبنان بالشلل، وربما قضى على مدخرات بمليارات الدولارات.

وقارنت الصحيفة البريطانية بين حال الأمنيين الذين تجمعوا بالقرب من البنك، في محاولة لفك الحصار، والمواطنين الآخرين، فبينما تم تخفيض رواتب الجنود والشرطة، الذين تجمعوا بالقرب من البنك، في محاولة لحل أزمة محتجز الرهائن بأكثر من عشرين ضعفًا منذ أوائل عام 2020، ليصبح راتب كثيرين منهم الآن، ما يعادل 70 دولارًا في الشهر، بدا المارة داعمين بشكل كبير للفعل الذي وصفوه بـ«الجريء»، رغم أنه أغلق قسمًا كبيرًا من منطقة الحمرا في بيروت.

وقال غسان مولا في الشارع المجاور للبنك: «إنه ليس حتى لصًا حقيقيًا. إنه يسأل فقط عما هو له. أرسل قادتنا الأعزاء كل المليارات الخاصة بهم إلى البنوك السويسرية بمساعدة البنك المركزي، وقد تركونا جميعًا نعاني. كل لبنان يريد أن يفعل ذلك».

انتصار صغير

وبحسب مقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكن سماع بعض الذين تحدثوا أمام فرع البنك، ليقول أحدهم إن «مائة محامٍ سيدافعون عنه»، في إشارة إلى محتجز الرهائن ونية السلطات باعتقاله، بينما يمكن سماع هتافات آخرين يرددون «عطوه مصرياته».

وبحلول المساء، بدا أن موقف المسلح قد نجح، حيث وافق البنك على منحه 30 ألف دولار بعد أن رفض عرضًا بـ10 آلاف دولار. ومع اقتراب الليل، سُمح للرهائن بتناول الطعام من أحد المطاعم الذي أوصل الوجبات إلى باب البنك، ليستسلم محتجز الرهائن إلى الشرطة.

وقال أحد المارة ويدعى أحمد يتوم: «لن يقول أحد إنه فعل الشيء الخطأ. اليائسون يفعلون أشياء يائسة. كلنا مثله، حتى الجنود وشرطة مكافحة الشغب أحبوه».

من جانبه، قال بسام عاطف شقيق محتجز الرهائن، في تصريحات صحفية، إن الأسرة وضعت تحت بند علاج والدهم في المستشفى قرابة 5 آلاف دولار، إلا أن المبلغ لم يكن كافيًا لاستكمال رحلة الاستشفاء.

وأوضح عاطف، أن الأسرة فكرت في الحصول على جزء من مدخراتها، التي أودعتها البنوك لاستكمال علاج الوالد، إلا أنهم فوجئوا برفض مدير البنك إعطاءهم أموالهم.

وأشار إلى أنه ما وصفه بـ«استفزاز» مدير البنك أوصل شقيقه لهذه النقطة، في إشارة لاحتجاز الرهائن، موجهًا رسالة للقاضي المدعي العام لبيروت: «افترض ابنك في الوضع نفسه، ماذا تفعل معه؟ نحن لم نستطع الحصول على أموالنا، والمحامون لم يفيدونا بشيء»، مشيرًا إلى أن السلاح الذي كان بحوزه شقيقه كان فارغًا، ولم يطلق الرصاص على أي أحد من الرهائن».

الحادث الثاني

كان حادث الخميس، الثاني من نوعه هذا العام لحصار البنوك، بعد أن أغرق مودع آخر غاضب العملاء في بنك إقليمي بالوقود في يناير الماضي، مطالبًا بمدخراته، بحسب «الغارديان» التي قالت إنه رغم نجاحه هو الآخر في الحصول على جزء من مدخراته، فإن أعمال التحدي هذه نادرة في لبنان، ومعاناة «عميقة» ومستمرة لسكانه.

وطالما كانت التحويلات من الأقارب في الخارج شريان الحياة لللبنانيين، لكن مع استمرار انخفاض العملة، واستمرار المأزق السياسي وعدم وجود مؤشر على استعداد القادة للوفاء بشروط النزاهة التي تعد ضرورية لصفقات الإنقاذ العالمية، أحجم الكثيرون عن ممارسة دورهم الحيوي في الحفاظ على تماسك البلاد.

وتقول «الغارديان»، إن كثيرًا من المودعين مقيدون بتلقي ما لا يقل عن 200 دولار شهريًا من البنك، إضافة إلى نسخة مختلطة من العملة المحلية يتم الاستغناء عنها بنحو ثلث سعر السوق، مشيرة إلى أن هناك مخاوف واسعة النطاق من أن الودائع بالدولار في البنوك قد تصبح عديمة القيمة، عند العثور على حل مالي.

وتُباع السلع والخدمات الآن بالقيمة الدولارية، ما يجعل توفر العملة أكثر أهمية بالنسبة لأولئك الذين ليس لديهم إمكانية الوصول إلى حسابات خارجية ولا تدفق دخل جاهز من خارج لبنان.