هل كانت إيران كلمة السر في تصعيد إسرائيل ضد غزة؟
تطوير العلاقة بين طهران والجهاد الإسلامي، يثير تساؤلًا آخر عن العلاقة مع حماس، التي كانت حليفًا رئيسًا للنظام الإيراني، وهل ثمة تغير في تحالفات إيران مع الحركات الفلسطينية أم مجرد تمدد؟

السياق
أثار التصعيد الأخير لإسرائيل في قطاع غزة، العديد من التساؤلات عن أسبابه، لاسيما أنه استهدف -بشكل أساسي- خالد منصور القيادي في سرايا القدس، الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي.
مرد هذه التساؤلات، أن منصور كان في إيران قبل اغتياله بأسبوع، ما يعني أنه حصل على وعود بتدريب الحركة وتمويلها لتعزيز قدراتها، كما حدث مع حماس عام 2007، بحسب مراقبين.
ولفت المراقبون إلى أن تطوير العلاقة بين طهران والجهاد الإسلامي، يثير تساؤلًا آخر عن العلاقة مع حماس، التي كانت حليفًا رئيسًا للنظام الإيراني، وهل ثمة تغير في تحالفات إيران مع الحركات الفلسطينية أم مجرد تمدد؟
ومرد التساؤل الأخير -بحسب المراقبين- هو توتر العلاقات بين حماس وإيران، على خلفية الحرب في سوريا، لكن لم تصل درجة القطيعة، بل استمرت مسارات تمويلها بلا توقف.
يقول الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدي العربي لتحليل السياسات الإيرانية لمنصة "السياق"، إن إيران شبكت وربطت علاقات وطيدة جدًا بكل حركات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بما في ذلك الحركات الجهادية والحركات السُّنية، بل أسست ودعمت ما تعرف بحركة "الصابرون" الشيعية.
وأوضح رئيس المنتدي العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أن تنفيذ إسرائيل عمليات اغتيال ضد قادة في الجهاد الإسلامي كانوا في طهران، يعني أن الأمر لا علاقة له بالصراع مع إيران، لأن هؤلاء القادة يترددون إلى إيران بشكل شبه دوري وشبه أسبوعي، وهناك ضباط اتصال وقائمون بالأعمال في طهران.
ولفت إلى أن القيادي خالد منصور وقادة آخرين في إيران باستمرار، لذا أعتقد أنه لا رابط بين الاغتيال ووجود أحد القادة (قائد حركة الجهاد الإسلامي) في طهران قبل ذلك.
وعن أسباب هذا التصعيد، أوضح أبو النور أن إسرائيل -من وقت إلى آخر- تنفذ ضربات استباقية ضد عمليات، يمكن أن تنفذها إحدى الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حركة الجهاد، لأنها من أقوى وأنشطة الحركات في غزة، إلى جانب حركة حماس.
وينوه أبو النور إلى أنه لا اختلاف بين حركتي حماس والجهاد، في ما يتعلق بمواجهة إسرائيل، أو بآليات واستراتيجيات وتكتيك مواجهة تل أبيب، لأن الجميع يتلقون معلوماتهم من إيران، أي أن التعليمات واحدة وتصدر من طرف واحد.
توظيف أدوات
في المقابل، يرى محمد شعت الباحث في الشؤون الإقليمية في تصريحات لمنصة "السياق"، أن إيران توظف الحركات الفلسطينية لحساب أجندتها الخاصة.
وقال إن العلاقة بين إيران والحركات الفلسطينية، خاصة حماس والجهاد، تأتي في إطار السياسة الخارجية الإيرانية وتوظيف القضية الفلسطينية، ومحاولة الظهور بأنها المدافع الأول عنها، حتى أن أحد فيالق الحرس الثوري أطلق عليه فيلق القدس.
ولفت إلى أن هذه الحركات تنظر للعلاقة مع إيران بشكل براجماتي، فهي مصدر أساسي للسلاح والدعم المادي، كما أن الجانبين يشتركان في العداء لإسرائيل.
لذلك فإن دعم قدرات الحركات الفلسطينية لتهديد إسرائيل، هدف إيراني ثابت، لكن لا يمكن الجزم بأن العدوان الإسرائيلي على غزة مؤخرًا يأتي في إطار هذه العلاقة فقط، لكن الأمر له أكثر من جانب، منها الانتخابات الإسرائيلية المقبلة ومحاولة صناعة شعبية، إضافة إلى العمليات الفدائية للجهاد في الضفة مؤخرًا، ثم محاولة إضعاف الجماعات المرتبطة بإيران، في ظل التصعيد الإيراني الإسرائيلي المتبادل، بحسب شعت.
أما عن حركة حماس، فيرى الباحث في الشؤون الإقليمية، أنها أعلنت دعم حركة الجهاد من دون دعمها عسكريًا، بسبب ما وصفها بالظروف الصعبة التي يعانيها القطاع، خاصة أن حماس مسؤولة عن إدارته، ومن مصلحتها الحفاظ على استقراره.
تشابك العلاقات
على صعيد متصل، يقول إسلام المنسي، الباحث في الشؤون الإيرانية لمنصة "السياق"، إن حركة الجهاد ترتبط بعلاقة خاصة مع إيران، فهي تتلقى منها كل أشكال الدعم " السياسي والعسكري والمالي" ولها علاقات قديمة ووثيقة بالجانب الإيراني، لكن لا يمكن اختزال أسباب التصعيد الأخير في العلاقة مع إيران.
ويضيف المنسي: العلاقة بين إيران والجهاد تقوم على المقايضة، بمعنى تقدم الدعم المادي، مقابل الترويج لها وتحسين صورتها في العالمين العربي والإسلامي، بما يعني أن إيران تحاول غسل سمعتها عن طريق إعلان دعمها لحركة الجهاد الإسلامي.
وفي ما يتعلق بعدم مشاركة حماس عسكريًا في التصعيد الأخير، يرى الباحث في الشؤون الإيرانية، أنه مرتبط بتوتر العلاقات بينهما منذ العام الماضي، على خلفية التسابق في تبني عمليات "سيف القدس".
كما لا يمكن إغفال تجنُّب إسرائيل عمليات أهداف تابعة لحماس داخل قطاع غزة، وهي رسالة إسرائيلية بأن الرد سيقتصر على حركة الجهاد فقط، بحسب المنسي.