هل يقع أردوغان في شرك العقوبات الغربية؟
الدول التي فرضت عقوبات على روسيا يمكن أن تتخذ إجراءات ضد أنقرة

ترجمات - السياق
قلق متزايد يتسرب إلى العواصم الغربية، بشأن التعاون الاقتصادي المتعمق بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، وسط تحذيرات من أن الدولة العضو في "الناتو" قد تتعرض لضربة انتقامية عقابية، إذا ساعدت روسيا في تجنُّب العقوبات.
فبينما يُنظر إلى أردوغان، الذي هدد مرارًا باستخدام حق النقض ضد انضمام السويد وفنلندا إلى "الناتو"، في العديد من العواصم الغربية على أنه حليف غير موثوق به بشكل متزايد، إلا أن تركيا، مع ذلك، تعد شريكًا حيويًا لأوروبا في ملف اللاجئين و مكافحة الإرهاب، كونها تستضيف قرابة 3.7 مليون سوري، كجزء من صفقة أبرمت مع القارة العجوز عام 2016 وساعدت في وقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا.
إلا أن ستة مسؤولين غربيين قالوا لـ «فاينانشيال تايمز»، إنهم قلقون من التعهد الذي قطعه الزعيمان التركي والروس –الجمعة- بتوسيع تعاونهما في التجارة والطاقة، إثر اجتماع استمر أربع ساعات في مدينة سوتشي.
تحذيرات غربية
وقال أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي، إن الكتلة المكونة من 27 دولة تراقب التعاون التركي الروسي، معربًا عن قلقه من أن تصبح أنقرة -بشكل متزايد- منصة للتجارة مع روسيا، بينما وصف مصدر آخر سلوك تركيا تجاه روسيا بأنه «انتهازي للغاية»، مضيفًا: «نحاول أن نجعل الأتراك ينتبهون إلى مخاوفنا».
وحذرت واشنطن -مرارًا وتكرارًا- من أنها ستضرب الدول التي تساعد روسيا في التهرب من العقوبات بـ«عقوبات ثانوية» تستهدف الانتهاكات خارج نطاق الولاية القضائية الأمريكية، لكن الاتحاد الأوروبي كان أكثر تحفظًا بشأن القيام بذلك.
والتقى نائب وزير الخزانة الأمريكي والي أديمو مسؤولين أتراكًا ومصرفيين بإسطنبول في يونيو الماضي، لتحذيرهم من أن يصبحوا قناة للأموال الروسية غير المشروعة، بحسب فاينانشيال تايمز.
واقترح أحد كبار المسؤولين الغربيين أنه يمكن للدول دعوة شركاتها وبنوكها إلى الانسحاب من تركيا، إذا نفذ أردوغان الالتزامات التي حددها الجمعة، بحسب الصحيفة البريطانية التي وصفت هذا التهديد بغير العادي ضد دولة زميلة في "الناتو"، محذرة من أن إجراء كهذا يمكن أن يشل اقتصاد البلاد البالغ 800 مليار دولار، إذا وافقت الشركات الأجنبية على الامتثال.
وقال المسؤول إن الدول التي فرضت عقوبات على روسيا يمكن أن تتخذ إجراءات ضد أنقرة من خلال «دعوة الشركات الغربية إما إلى الانسحاب من العلاقات في تركيا، وإما تقليص علاقاتها مع أنقرة، في ضوء الخطر الذي قد ينجم عن توسيع تركيا العلاقة مع روسيا»، بحسب فاينانشيال تايمز.
إلا أنه مع ذلك، فإن هذا الاقتراح رفضه العديد من المسؤولين الغربيين، الذين تساءلوا عن كيفية تطبيقه من الناحيتين العملية والقانونية، وما إذا كانت الفكرة جيدة.
وتقول فاينانشيال تايمز، إنه تم دمج تركيا بعمق في النظام المالي الغربي، ولدى العلامات التجارية من «كوكاكولا» و«فورد» وغيرهما عمليات طويلة الأمد ومربحة للغاية في البلاد.
قال مسؤول أوروبي، إن هناك مصالح اقتصادية مهمة للغاية، من المحتمل أن تكافح بقوة ضد هذه الإجراءات السلبية، مشيرًا إلى أنه لن يستبعد أي أعمال سلبية، إذا اقتربت تركيا أكثر من اللازم من روسيا.
انقسامات أوروبية
وبينما أقر بأن قرارًا رسميًا للاتحاد الأوروبي بشأن فرض عقوبات على تركيا، من شأنه أن يمثل تحديًا للانقسامات داخل الكتلة، أشار إلى أن بعض الدول الأعضاء يمكن أن تتخذ إجراءً، قائلًا: «على سبيل المثال يمكنهم طلب قيود على تمويل التجارة أو مطالبة الشركات المالية الكبرى بخفض التمويل للشركات التركية».
وقال ثلاثة مسؤولين أوروبيين إنه لم تجر -حتى الآن- مناقشات رسمية في بروكسل عن التداعيات المحتملة لتركيا، بينما قال مسؤولون آخرون إن تفاصيل المناقشات في سوتشي لم تتضح.
تأتي التحذيرات بعد يوم من عقد بوتين وأردوغان، الذي اتبع ما سماه نهجًا «متوازنًا» تجاه كييف وموسكو منذ العملية العسكرية الروسية الشاملة لأوكرانيا في فبراير الماضي، لقاءً طويلاً بلغ ذروته في التعهد بزيادة حجم التجارة الثنائية وتعميق العلاقات الاقتصادية والطاقة.
وقال نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، كبير مسؤولي الطاقة في موسكو، للصحفيين، إن تركيا وافقت على دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل، مضيفًا أن بوتين وأردوغان ناقشا تطوير العلاقات المصرفية والتسويات بالروبل والليرة، وفقًا لوكالة إنترفاكس.
وفي حديثه بطائرته العائدة من روسيا، قال أردوغان للصحفيين إنه كانت هناك أيضًا تطورات وصفها بـ«الخطيرة للغاية» بشأن استخدام نظام بطاقات الدفع MIR الروسي، الذي يسمح للروس في تركيا بالدفع بالبطاقة، في الوقت الذي أوقفت فيه Visa وMastercard عملياتهما في وطنهما.
وقال أردوغان إن بطاقات MIR ستساعد السياح الروس في دفع تكاليف التسوق والفنادق، بينما يخشى المسؤولون الغربيون استخدامها أيضًا للمساعدة في تجاوز العقوبات.
علاقات متوترة
يأتي ذلك، بينما تقول «فاينانشيال تايمز»، إن العلاقات الدبلوماسية بين تركيا والغرب متوترة بالفعل، فواشنطن فرضت عقوبات على أنقرة عام 2020 ردًا على شراء نظام دفاع جوي من طراز S-400 من موسكو، رغم أن الإجراءات استهدفت صناعة الدفاع في البلاد وليس الاقتصاد الأوسع.
وأشارت إلى أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا أبرز موقع تركيا المهم استراتيجيًا، كونه يتحكم في الوصول إلى المضائق التي تربط البحر الأسود بالبحر المتوسط.
كما لعب أردوغان دورًا رئيسًا في تأمين صفقة الحبوب، التي وقَّعتها روسيا وأوكرانيا الشهر الماضي، التي تهدف إلى تجنُّب أزمة الغذاء العالمية.